لوموند: مقتل خاشقجي عدوان ثلاثي رهيب

اختفاء الخاشقجي يضع تركيا في حرج ويظهر الاستبداد السعودي
اختفاء خاشقجي ينذر بتغير في السياسة الغربية تجاه السعودية (الجزيرة)

أما آن لنا أن نفتح عيوننا على تجاوزات حليفنا السعودي الذي يقصف المدنيين باليمن ويطارد معارضيه بلا هوادة؟ إذا تأكدت مسؤولية الرياض عن اغتيال الصحفي جمال خاشقجي ألا يعد ذلك عدوانا ثلاثيا يستوجب التصدي له؟ بعد ما حدث، من ذا الذي يجرؤ على المشاركة في "دافوس الصحراء" المزمع انعقاده في الرياض الأسبوع القادم؟

فخاشقجي "الصوت النشاز في مملكة منغلقة"، كما وصفته صحيفة لاكروا، ليس له من التهم حسب المراسلة السابقة بالرياض كلارانس رودريغيز سوى أنه "يقول الحقيقة ويقدم الأشياء كما هي، أي أنه يمارس بكل بساطة عمله الصحفي دون أن يكون ناشطا سياسيا".

ولذلك فإن الكتاب بالصحف الفرنسية مجمعون على أن اغتياله يجب أن يواجه برد قوي من العالم الغربي، فتحت عنوان "آن لنا أن نفتح عيوننا على تجاوزات حليفنا السعودي"، تساءلت دومنيك نورا بمجلة لونوفل أوبسرفاتور إن كانت الموجة الجيوستراتيجية لمقتل خاشقجي ستمثل نهاية للنفاق الذي طبع تعامل الغرب مع تجاوزات السعودية الاستبدادية بل الدموية".

وقالت نورا إن هذه القضية جديرة بأن تمثل سيناريوهًا لإحدى قصص جون لو كاريه، ملفتة إلى أن نفي الرياض التورط فيها يستجوب عليها إثبات خروج خاشقجي من قنصليتها بإسطنبول والتي تؤكد جميع المعطيات أنه دخلها ولم يُقدَم أي دليل على أنه خرج منها على الإطلاق.

ولئن كان قد اغتيل فيها كما هو مرجح الآن، فإن صحيفة لوموند ترى في ذلك عدوانا ثلاثيا، أولا لأنه قضاء على صحفي مُحرج، ولأنه ثانيا انتقال للقضاء عليه في أرض أجنبية، إضافة إلى كونه، ثالثا، اغتيال داخل قنصلية ينبغي أن تظل بلدا محصنا آمنا كما هي حال جميع الممثليات الدبلوماسية.

وهو ما وصفه دبلوماسي أوروبي بالأمر "الفظيع للغاية"، ولذلك فهو أكبر من أن "يغض الغرب الطرف عنه"، وفقا لصاحبة العمود الأسبوعي في "لوموند" سيلفي كوفمان.

فالذي حدث لهذا الصحفي السعودي، خصوصا إذا تأكدت تفاصيل تصفيته، عدوان لا مثيل له و"لا ولي العهد السعودي بن سلمان ولا العلاقات الأميركية السعودية سيخرجان منه دون أضرار حقيقية"، على حد تعبير كوفمان.

واستطردت الكاتبة الحديث عن ما قالت إنها محاولة من الرئيس الأميركي لصيانة ماء وجه بن سلمان في هذه القضية عبر ترويجه لاحتمال أن يكون مارقون على القانون هم من صفوا خاشقجي.

وعلقت على ذلك بقولها إن الأمر "خطير للغاية"، وأوردت في هذا الإطار ما قاله رجل أعمال أميركي في وصفه قبل أشهر لبن سلمان بعد لقاء له معه إن "لدى هذا الرجل أفكارا جيدة للغاية، ولديه أفكارا سيئة للغاية"، لتستنتج كوفمان أن الواضح أن ترامب يفضل التغاضي عن أفكار بن سلمان السيئة للغاية.

وعن تداعيات قضية خاشقجي، اختارت صحيفة ليزيكو المختصة في الاقتصاد الحديث عن المقاطعة المتزايدة لمبادرة الاستثمار السعودية التي أصبح يطلق عليها "دافوس الصحراء" والتي ستعقد الأسبوع القادم في الرياض.

وتحت عنوان "الشركات العالمية تدير ظهرها لدافوس الصحراء"، قالت ليزيكو إن قضية اختفاء خاشقجي تلقي بظلالها على هذه التظاهرة، إذ يجد بن سلمان صعوبة كبيرة منذ انفجارها في إقناع الكثير من رجال الأعمال والشركات في الإبقاء على المشاركة في هذه التظاهرة التي كان يعلق عليها آمالا كبيرة.

المصدر : الصحافة الفرنسية