زيادة الإنفاق بميزانية السعودية تنذر بالمخاطر

Saudi Deputy Crown Prince Mohammed bin Salman waves as he meets with Philippine President Rodrigo Duterte in Riyadh, Saudi Arabia, April 11, 2017. Bandar Algaloud/Courtesy of Saudi Royal Court/Handout via REUTERS ATTENTION EDITORS - THIS PICTURE WAS PROVIDED BY A THIRD PARTY. FOR EDITORIAL USE ONLY.
ولي العهد السعودي محمد بن سلمان يسعى لإحداث تغييرات كبيرة في بلاده (رويترز)
اهتم موقع ستراتفور الأميركي بالميزانية التي قررتها السعودية لعام 2018 والتي تعتمد على العائدات النفطية، وتشمل فورة متزايدة في الإنفاق من أجل تحقيق رؤية الإصلاح، لكنها تبقى محفوفة بالمخاطر.

وقال الموقع في مقال تحليلي مطول إن ميزانية السعودية لعام 2018 تدعو لإنفاق مبالغ قياسية من المال، إذ تم تخصيص نحو 20% من الميزانية للإنفاق العسكري، لكن الميزانية تشمل أيضا زيادة كبيرة في الإنفاق على البرامج التي تعود بالفائدة على السكان.

وأضاف أن الأخذ الدقيق بالتدابير الضريبية الجديدة وفرض ضريبة على العمالة الوافدة يعتبران جزءا من توجّه الحكومة غير المسبوق نحو توسيع الإيرادات غير النفطية.

واستدرك بأن السعودية وضعت أكبر خطة إنفاق في تاريخ البلاد بعد عامين من تدابير التقشف وعجز الميزانية عقب انخفاض أسعار النفط، لكن حجم الإنفاق المخطط له يتناسب مع نقطة التحول الحالية للاقتصاد في البلاد الذي يحتل المرتبة العشرين في العالم من حيث الناتج المحلي الإجمالي.

إنفاق هائل
وأضاف الموقع أن هذا الإنفاق الهائل ينسجم مع الخطط التي وضعها ولي العهد السعودي محمد بن سلمان لمستقبل الاقتصاد على المدى الطويل.

بيد أن الميزانية مددت الدعم الحكومي للمواطنين على الرغم من أن الإصلاح الطويل الأجل في البلاد يهدف إلى وقف اعتمادهم على الدعم الحكومي.

وأضاف أن الحكومة السعودية تعوّل على مصادر دخل جديدة لم يسبق اختبارها لمواجهة خطة الإنفاق، بما في ذلك الضرائب التي فرضتها حديثا.

وقال إن ميزانية السعودية لعام 2018 تتبع أنماطا مألوفة للتنمية المدعومة من جانب الدولة، وهي التي كانت تتبعها البلاد منذ خمسينيات القرن الماضي، وإنه كما كانت الحال في الماضي فإن خطة 2018 تدعو إلى رفع النفقات الحكومية بالمقارنة مع الناتج المحلي الإجمالي، حيث يبلغ إجمالي النفقات المتوقعة 978 مليار ريال سعودي (نحو 261 مليار دولار).

اضطرابات اجتماعية
وتعتمد خطة الإنفاق السعودية على افتراض أن أسعار النفط ستظل مستقرة بما فيه الكفاية خلال العام 2018، وذلك لتمكين الحكومة من تحويل الإيرادات النفطية وغير النفطية إلى صناعات نامية مثل الصناعات التحويلية والتعدين والسياحة والتمويل والتكنولوجيا.

وأضاف الموقع أن خطة الإنفاق تهدف أيضا إلى الاستمرار في مساعدة المؤسسات المدعومة من الدولة مثل خدمات البريد والمطارات وشركات المرافق، وذلك مع التركيز على الخصخصة ابتداء من العام القادم.

وأشار إلى أن المسؤولين الحكوميين يشعرون بالقلق إزاء الاضطرابات الاجتماعية التي قد تنجم عن تخفيض برامج الرعاية الاجتماعية بسرعة كبيرة.

وأوضح أن القادة السعوديين حساسون أيضا إزاء انزعاج الجمهور لدى معرفة أولويات الإنفاق الحكومي، وخاصة عند مقارنة المبلغ المخصص للدفاع مع ما تنوي الحكومة إنفاقه على الاحتياجات المحلية الأخرى مثل التعليم.

حرب اليمن
وأشار إلى أن إجمالي فاتورة التدخل العسكري للتحالف الذي تقوده السعودية في الحرب على اليمن لا تزال غير معروفة، لكنه يبقى جزءا من السبب في استمرار الحكومة في تحويل ما لا يقل عن خمس إجمال الإنفاق الحكومي إلى الجيش.

وقال إنه طالما أن شعبية الحرب في اليمن تزداد انخفاضا في أوساط السعوديين، فإنهم (السعوديين) سيجدون أيضا طرقا لشجب خطط إنفاق حكومتهم.

وتحدث الموقع عن المخاطر المحتملة جراء اعتماد السلطات السعودية المتزايد على الإيرادات الضريبية، وعن انعكاسات هذه الضرائب الجديدة على أوضاع المقيمين من العمال المغتربين الذين يتم الضغط عليهم عن طريق الضرائب المالية.

وقال إن هناك جانبا آخر محفوفا بالمخاطر من ميزانية هذا العام، وهو الذي يتمثل في التركيز على الشراكات بين القطاعين العام والخاص، إذ تهدف السعودية إلى زيادة مساهمة القطاع الخاص في الناتج المحلي الإجمالي للبلاد عن المستويات الحالية المقدرة بحولي 40% لرفعها إلى 65% بحلول 2030.

وأضاف أن هذا الأمر يتطلب تعاونا كبيرا بين مؤسسات القطاع الخاص والحكومة. لكن مدى مشاركة هذه الشركات في خطة الحكومة والثقة بما تقوم به يبقى غير معروف، وسط الخشية من تعطل خطط الخصخصة.

وأشار الموقع إلى التغيرات المحلية والاجتماعية والسياسية في السعودية، وإلى سياستها الخارجية العدوانية، وقال إن نجاح اقتصاد السعودية أو تعثره يعتبر من الأهمية بمكان للشرق الأوسط، وذلك لكون الرياض محركا فاعلا في المنطقة.

وقال إنه رغم أن السعودية تحرز تقدما نحو تحويل عبء اقتصادها إلى القطاع الخاص، فإن الدولة لا تزال هي المحرك الأساسي للنمو، وإنها ستبقى كذلك لمدة طويلة قادمة.

المصدر : الجزيرة + الصحافة الأميركية