الإعلام الاجتماعي الروسي دعم اليمين الألماني المتطرف

German Chancellor Angela Merkel attends a breakfast with supporters at the Christian Democratic Union (CDU) party election campaign meeting centre in Berlin, Germany, September 23, 2017. REUTERS/Fabrizio Bensch
المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل فازت بفترة ولاية رابعة (رويترز)

ركزت بعض عناوين الصحف الأميركية اليوم على فوز المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل بفترة ولاية رابعة في الانتخابات التي جرت قبل يومين، ومفاجأة صعود حزب يميني متطرف مناهض للهجرة ومعادٍ لميركل نفسها.

فقد علقت واشنطن بوست في افتتاحيتها على صعود حزب اليمين المتطرف "البديل لألمانيا" بأنه حزب معادٍ للهجرة ومناهض لإنقاذ أوروبا وشديد العداء للمستشارة أنجيلا ميركل التي أعيد انتخابها لفترة ولاية رابعة أمس الأول.

ورأت الصحيفة أن حملات وسائل الإعلام الاجتماعية هي التي دعمت الحزب بالطريقة التي استخدمتها روسيا في أماكن أخرى؛ أي طريقة "البوتات" المجهولة (برامج تقوم بعمل مهام تلقائية) التي تضاعف الرسائل مرارا وتكرارا. ومرة أخرى، فإن سعي الكرملين لعرقلة الديمقراطية وتقسيم الغرب وتقويض النظام الدولي الليبرالي القائم ربما وجد له موطئ قدم.

ويقول مراقبو الانتخابات الألمانية إن روسيا ربما تجنبت هذا النوع من التدخل الصارخ الذي قامت به العام الماضي في الانتخابات الأميركية، لكنها بذلت قصارى جهدها لدعم حزب البديل لألمانيا. ودليل ذلك، وفقا لمختبر المجلس الأطلسي للأبحاث القضائية الرقمية، أن أنصار الحزب على الإنترنت بدؤوا في الساعات الأخيرة للحملة يحذرون قاعدتهم من تزوير انتخابي محتمل، وكانت الإنذارات على الإنترنت "موجهة من حسابات مجهولة ومعززة من قبل شبكة روبوتية باللغة الروسية"، حيث قادت الحسابات المتصيدة المرتبطة بروسيا دعما متواصلا للحزب ورسالته المناهضة للمهاجرين.

الكرملين
وأضاف المراقبون أن وسائل الإعلام الروسية الرسمية كثيرا ما زودت قادة الحزب بمنصة في المجتمع الناطق بالروسية في ألمانيا.

حزب البديل لألمانيا يقدر أن نحو ثلث دعمه يأتي من الناخبين الناطقين بالروسية، الذين يقدر عددهم بعدة ملايين واستقروا في ألمانيا منذ الثمانينيات، ويشكلون الآن نحو 5% من مجموع السكان

وأشارت الصحيفة إلى أن نجاح حزب "البديل لألمانيا" سيجبر ميركل على التفاوض مع حزبين صغيرين لتشكيل ائتلاف حاكم، مما يحد من خياراتها السياسية، وأردفت أن موقف ميركل الضعيف هذا يرجع جزئيا إلى موقفها من اللاجئين، ولكنه يعكس أيضا بيئة سياسية مفتتة في أوروبا، مما يوفر ثغرة للحزب والأحزاب الليبرالية الأخرى.

وختمت بأن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لم يضيع أي وقت في استغلال هذا الأمر، حيث إنه لم يخف نفاد صبره من ميركل لدفاعها القوي عن العقوبات ردا على التخريب الروسي لأوكرانيا والاستيلاء على شبه جزيرة القرم، وبوتين لا يود شيئا أفضل من إثارة الشكوك والضباب والشقوق وعدم اليقين حول الركيزة الألمانية في أوروبا.

من جانبها، قالت مجلة تايم إن حزب "البديل لألمانيا" يقدر أن نحو ثلث دعمه يأتي من الناخبين الناطقين بالروسية، الذين يقدر عددهم بعدة ملايين واستقروا في ألمانيا منذ الثمانينيات، ويشكلون الآن نحو 5% من مجموع السكان.

ولهذا صورته وسائل إعلام الكرملين بطريقة إيجابية، لأنه كما يقول أحد المرشحين بالحزب "لا يؤولون، ولا ينتقدوننا، ولا يسألون أسئلة مستفزة للحصول على شيء ما منا، ومن وجهة نظرنا فإنهم يعرضون الأحداث بشكل موضوعي، ولذلك نحن نحبهم".

من جانبها، وصفت مجلة ناشونال إنترست نتائج الانتخابات بأنها تقدم "الطيب والشرس والقبيح". وأوضحت أن الطيب هو عودة الحزب الديمقراطي الحر إلى السياسة الوطنية، حيث إنه هو الحزب الوحيد في ألمانيا الذي لديه التزام رمزي بالحرية الفردية. والشرس هو صعود حزب البديل لألمانيا لأنه سيضيف بعدا عدائيا جديدا للسياسة الألمانية. وأما القبيح فهو الاستقطاب المتنامي للسياسة وتراجع التيار الرئيسي في الجمهورية الاتحادية.

وقالت المجلة إن المشكلة في ألمانيا ليست أن الاتحاد الديمقراطي المسيحي، والاتحاد الاجتماعي المسيحي والحزب الديمقراطي الاجتماعي ينبذون الكثير من المؤيدين، ولكن أن الكثيرين انتهى بهم المطاف في أحضان حزب البديل لألمانيا.  وبين حزب اليسار والبديل لألمانيا اختار أكثر من خمس الناخبين الألمان الأحزاب المتطرفة التي لها تاريخ قبيح، ومن غير المحتمل أن تقدم هذه الأحزاب نقاشا جادا ومسؤولا مسوغا لعدد من القضايا الصعبة.

وبعد تصويت أمس الأول تبدو أكثر الدول الأوروبية سكانا وازدهارا أقل استقرارا إلى حد ما، ومن المرجح أن تكون التغييرات الفورية ضئيلة، ولكن إن لم يبدأ السياسيون الرئيسيون في ألمانيا تقديم حلول أفضل، فإن النظام السياسي القائم سيواصل تصدعه، وسيستمر المد الشعبوي في الارتفاع.

المصدر : الصحافة الأميركية + الصحافة البريطانية