جمال خاشقجي: السعودية لم تعد محتملة

جمال خاشقجي
جمال خاشقجي (الجزيرة)
نشرت صحيفة واشنطن بوست اليوم مقالا للكاتب السعودي جمال خاشقجي تحدث فيه عن الخوف والتخويف وحملة الاعتقالات الأخيرة بالمملكة، واصفا إياها بالدرامية وأنها طالت الإصلاحيين والمحافظين على حد سواء.

وقال خاشقجي في مقاله الذي أعادت نشره العديد من الصحف والمواقع خارج الولايات المتحدة، إن ولي العهد الأمير الشاب محمد بن سلمان تعهد لدى بروزه في السلطة بالإصلاح الاجتماعي والاقتصادي و"بمزيد من الانفتاح والتسامح" وعلاج ما يقعد بالمملكة عن التقدم مثل منع النساء من قيادة السيارات "لكننا لا نرى الآن إلا الاعتقالات".

وأوضح خاشقجي أن الاعتقالات -التي طالت حوالي 30 شخصا- تأتي قبيل صعود الأمير محمد إلى العرش، وأنها تمثل تشهيرا عاما بالمثقفين والقادة الدينيين الذين تجرؤوا وعبروا عن وجهات نظر مختلفة عن وجهة نظر قيادة الدولة.

اعتقالات درامية
ووصف الكاتب تنفيذ الاعتقالات بأنه كان دراميا، حيث يقتحم رجال الأمن الملثمون المنازل بكاميرات التصوير، ويصورون كل شيء ويصادرون الأوراق، والكتب وأجهزة الحاسوب. ووُجهت للمعتقلين تهمة تسلم أموال من دولة قطر والمشاركة في مؤامرة كبرى تدعمها قطر.

وأشار إلى أن العديد من المثقفين السعوديين، بمن فيهم هو نفسه، اختاروا المنفى الاختياري مع احتمال تعرضهم للاعتقال إذا عادوا لبلادهم.

وقال إن ما يعذبه الآن هو الحديث مع أصدقائه السعوديين الآخرين في المنافي وفكرة أنهم سيكونون نواة للسعوديين في الشتات، مشيرا إلى أنهم يقضون ساعات على الهاتف يحاولون فهم موجة الاعتقالات التي شملت حتى صديقه رجل الأعمال عصام الزامل الناشط على تويتر.

جديد بالمملكة
وأوضح أن الزامل اعتقل الثلاثاء الماضي عندما كان عائدا إلى السعودية من زيارة لأميركا حيث كان ضمن وفد سعودي رسمي. وعبّر عن صدمته لاعتقال الزامل، قائلا إن هذا لم يكن مما تعودوا عليه في المملكة.

وتحدث خاشقجي عن عزله من عمله رئيسا لتحرير صحيفة "الوطن" السعودية في 2003 و2010، قائلا إنه كان يعمل خلال فترة عزله مستشارا إعلاميا للسفير السعودي في بريطانيا ثم أميركا، الأمير تركي الفيصل.

ووصف ما جرى له من عزل من عمله الحكومي وتوظيفه في عمل حكومي آخر بأنه يبدو غريبا، مضيفا "هذه هي المفارقة السعودية".

وقال إن السعودية تحاول أن تجعل وجهات النظر "المتطرفة" من قبل الإصلاحيين الليبراليين ومن قبل رجال الدين المحافظين أيضا معتدلة، وإن الاعتقالات طالت ذلك الطيف.

الخوف والتخويف
وتساءل عن السبب وراء الخوف والتخويف الذي عمّ بلاده في الوقت الذي تسلم السلطة فيها شاب يتمتع بـ "كاريزما" ويعد بإصلاحات طال انتظارها لدفع نمو الاقتصاد وتنويعه، مشيرا إلى أن غالبية علماء الدين والكتاب والمثقفين الـ30 المعتقلين يدعمون إصلاحاته.

ولفت الانتباه إلى أن ما يثير الاستغراب هو النقد الذي يوجهه مسؤولون سعوديون ضد الإسلاميين، في الوقت الذي تمثل فيه المملكة "الأم لكل تيارات الإسلام السياسي" إلى حد أنها تصف نفسها في "أعلى قوانينها أي الدستور" بالدولة الإسلامية.

واستمر خاشقجي يقول إنه وبغض النظر عمن طالته الاعتقالات، فإن ما يجري ليس هو ما تحتاجه السعودية الآن، مضيفا أنها تمر بتحوّل اقتصادي كبير يدعمه الشعب ومن شأنه أن يحرر البلاد من الاعتماد الكامل على النفط ويستعيد ثقافة العمل والإنتاج.

ويضيف أنه وأصدقاءه الذين يعيشون في الخارج يشعرون بالعجز، وأنهم يتطلعون لنهوض بلادهم وتحقيق رؤية 2030، ولا يعارضون حكومتهم، ويحبون بلادهم التي لا يعرفون ولا يريدون بلادا غيرها.

تحذير من ترمب
وأشار إلى وقف عموده بصحيفة "الحياة" بضغط من الحكومة، وحظر كتاباته في تويتر عندما حذّر من الحماسة الزائدة للحكومة السعودية في تأييدها المرشح آنذاك دونالد ترمب.

وقال إنه تألم كثيرا لاعتقال عدد من أصدقائه قبل سنوات وإنه صمت بشأن تلك الاعتقالات لأنه لم يكن يرغب في فقدان وظيفته أو حريته ولقلقه على أسرته. وأشار إلى أن خياره الآن يختلف عن السابق، فها هو يغادر بلاده وأسرته ووظيفته ويرفع صوته.

واختتم بالقول إنه إن لم يفعل ذلك فسيكون قد خان القابعين بالسجن، مشيرا إلى أنه يستطيع الكلام في الوقت الذي لا يستطيع كثيرون ذلك. وإنه يرغب في أن يعرف العالم أن السعودية لم تكن أبدا كما هي الآن، وأن شعب السعودية يستحق أفضل مما هو فيه.

المصدر : واشنطن بوست