إندبندنت: متى تحول الاحتجاج ضد نظام الأسد إلى حرب؟

عدد الفارين من الحرب السورية يتجاوز خمسة ملايين
عدد الفارين من الحرب السورية يتجاوز خمسة ملايين (الجزيرة)

تناول مقال روبرت فيسك بصحيفة إندبندنت لقاءً جمعه بالمستشرق الهولندي والسفير السابق بالعراق  ومصر وإندونيسيا نيكولاس فان دام قبل أيام عدة، وكيف أن هذا الرجل عندما كان دبلوماسيا شابا في دمشق كان يعرف سوريا أفضل من العديد من السوريين بحكم إجادته اللغة العربية، وكيف كان لكتابه الأول "الصراع على السلطة في سوريا" أهمية كبيرة عن تاريخ سوريا الحديث حتى إن أعضاء من حزب البعث كانوا يرجعون إلى صفحاته لفهم تاريخ مؤسستهم وطبيعة النظام الذي يعملون من أجله.

وأشار فيسك إلى أن كتاب فان دام الجديد "تدمير أمة: الحرب الأهلية في سوريا"، ربما كان الكتاب الوحيد الذي نشر حتى الآن عن الصراع، والذي يحاول أن يبرز بوضوح الخطأ الذي وقعت فيه المعارضة وحكومة الأسد.

وكان فان دام يتحدث كثيرا عن التعذيب والقمع الذي مارسه النظام للحفاظ على السلطة، وصرح في الأسابيع الأولى لمظاهرات 2011 بأن أزمة سوريا قد تنتهي بحمام دم، كما أنه يقر بالقسوة والغباء اللذين لجأ بهما جهاز الأمن السوري إلى السلاح والإذلال والتعذيب لقمع حركة احتجاج جماهيرية سلمية مستوحاة إلى حد كبير من الثورات العربية في تونس ومصر وليبيا. ولكنه يرصد أيضا كيف تحولت المعارضة "السلمية" مبكرا إلى العنف بمجرد بدء الأزمة.

بدلا من تقديم المشورة السياسية الجادة، قدم الغرب، وخاصة الولايات المتحدة وحلفاءها العرب في الخليج، الأسلحة إلى سوريا، ما يكفي منها لتدمير سوريا ولكن ما لا يكفي للإطاحة بالنظام

وأضاف فيسك أن فان دام لا يشك في قتل حكومة الأسد للأبرياء، على الرغم من أنه يشير إلى أن هذا الأمر حدث بسبب الوحشية المتأصلة في الجهاز الأمني للنظام وليس قرارا سياسيا من الأسد نفسه.

انتفاضة مسلحة
وألمح فيسك إلى أن السؤال عن متى، والأهم لماذا، تحول احتجاج سلمي إلى انتفاضة مسلحة ثم إلى ثورة إسلامية ضد حكم نظام علماني يعتبر أحد أهم الأسئلة التاريخية عن الحرب السورية، التي لا تزال دون إجابة إلى حد كبير.

ومع ذلك كان فان دام حادا في إدانته للسياسات الغربية التي أوغرت صدر المعارضة، عندما قال إن السفيرين الأميركي والفرنسي، اللذين سافرا إلى حمص للانضمام إلى المتظاهرين، فقدا حياديتهما ثم تركوها تحت رحمة أعدائها.

وقال فيسك إنه بدلا من تقديم المشورة السياسية الجادة، قدم الغرب، وخاصة الولايات المتحدة وحلفاءها العرب في الخليج، الأسلحة إلى سوريا -ما يكفي منها لتدمير سوريا ولكن ما لا يكفي للإطاحة بالنظام، كما قال له أحد الثوار السابقين- وحاول توجيه الجماعات المسلحة من تركيا والأردن.

وطوال هذا الوقت كانوا ومعهم الأمم المتحدة يشجعون المحادثات بين النظام والمعارضة التي لم تتح لها فرصة النجاح، لأن الثوار لم يكونوا ليرضوا بأقل من الإطاحة بحكومة الأسد، ولأن نظامه لن يتفاوض أبدا لإسقاط نفسه.

وأشار فيسك إلى أن فان دام يتحدث بأسف عن استمرار حكومة الأسد التي قد تفوز بـ"95% في المفاوضات الجارية" والتي قد تحصل فيها المعارضة على الحق في "وزارتي السياحة والثقافة".

وختم بأن خبرة فان دام تظهر بشكل مؤلم جدا كيف أن الجهل والغباء يحكمان ردود فعل السياسيين الغربيين الذين فضلوا الصواب الأخلاقي على واقع إيجاد حل عندما أرسلوا أسلحة بدلا من ذلك. ويخلص فان دام إلى أن هذا الوضع كان مشابها لذاك الذي كان عام 1991 "عندما شجعت الولايات المتحدة وغيرها المجتمع الشيعي على التظاهر ضد صدام حسين.. ولكن لم تفعل شيئا لمساعدتهم عندما قٌمعت انتفاضتهم دمويا". والجميع يعلم ما حدث بعد ذلك.

المصدر : إندبندنت