واشنطن بوست: ترمب يبهج الطغاة في كل مكان

كومبو يضم بوتين وترامب
الرئيس الأميركي دونالد ترمب (يسار) ونظيره الروسي فلاديمير بوتين (الأوروبية)
انتقدت صحيفة واشنطن بوست ما وصفته بالآثار المحزنة لتخلي الرئيس دونالد ترمب عن القيادة الأخلاقية في السياسة والثقافة الأميركية، وتضاؤل الكياسة والمثالية والاحترام، وتعظيم الازدراء والتحيز والانقسام العرقي.

وتساءل الكاتب مايكل جيرسون في مقاله: كيف يمكن لتنازل مشابه لخصه ترمب في عقيدته "أميركا أولا" أن يؤثر في مكانة أميركا في العالم؟ وهل يهم هذا حقا؟

وأشار الكاتب إلى أنه طرح هذين السؤالين على وزير التعليم السابق في زيمبابوي ديفد كولترات، وكان جوابه "إذا كان رد فعل النظام في هراري يمكن القياس عليه، فأعتقد أن العديد من الطغاة الأفارقة سعداء بوصول الرئيس ترمب إلى السلطة، لأنهم يرون أنه لن يسعى إلى إلزامهم بالمعيار الدولي لحقوق الإنسان".

ويشير كولترات إلى أن وزراء النظام ومسؤولي الدعاية في زيمبابوي بدؤوا يستخدمون مصطلح "أخبار مزيفة" في قمعهم لوسائل الإعلام، وأن علاقة ترمب المتينة مع فلاديمير بوتين قدمت غطاء للرئيس روبرت موغابي في سعيه لعلاقات أوثق مع روسيا، وهذا معناه أن "ترمب سيتساهل مع حلفاء بوتين".

وقال الكاتب إن هذا هو ما يعنيه، بالضبط، تخلي ترمب عن مثالية السياسة الخارجية، ألا وهو ابتهاج الطغاة، وهجمات أكثر جرأة على الصحافة الحرة، وتوسيع النفوذ الروسي، وخيانة المعارضين، والنفي.

معظم النجاحات البارزة للسياسة الخارجية الأميركية جاءت عندما كانت قوتنا وقيمنا تعمل بانسجام، مما أدى أيضا إلى تعزيز مصالحنا الوطنية

وواضح سبب أهمية هذا لسجين سياسي في الصين أو مسؤول عام أوكراني أو مريض إيدز أوغندي. فكل هؤلاء قد يشعرون بعزلة يائسة أو يعيشون في خوف شديد أو يموتون. ولكن السؤال هو لماذا يجب على المواطنين الأميركيين أن يهتموا؟

أميركا أولا
واستقى الكاتب الإجابة من المؤرخ الدبلوماسي وليام إنبودين بجامعة تكساس الأميركية بأن "معظم النجاحات البارزة للسياسة الخارجية الأميركية جاءت عندما كانت قوتنا وقيمنا تعمل بانسجام، مما أدى أيضا إلى تعزيز مصالحنا الوطنية".

وضرب إنبودين مثلا بإعادة بناء اليابان وألمانيا بعد الحرب العالمية الثانية، التي حولت الأعداء إلى أصدقاء، وإقامة النظام الاقتصادي الدولي في فترة ما بعد الحرب مما ساعد في إخراج مليار شخص من الفقر المدقع وجعل الولايات المتحدة أغنى دولة في التاريخ، وصياغة معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية التي خفضت التهديدات القاتلة، والقيادة في تعزيز اتفاق السلام بين إسرائيل ومصر في عهد جيمي كارتر، وغيرها من المنجزات الكبيرة.

وتساءل إنبودين: هل تم القيام بأي من هذه الإجراءات نتيجة لسياسة ترمب الخارجية "أميركا أولا"؟ وأجاب بأنه "إذا كان لنا أن نتخلى عن قيمنا في سياستنا الخارجية، فإننا سنقوم بنزع سلاحنا من جانب واحد والتخلي عن مصادر قوتنا الفريدة".

واستطرد بأن هذا هو ما يبدو بالضبط يحدث عندما تعيد أميركا النظر في دعمها للحرية وكرامة الإنسان والمساعدة الإنسانية.

وخلص إنبودين إلى أن "معظم بقية العالم لا يزال في حالة صدمة وارتباك مما ستعنيه رئاسة ترمب، وقد بدأت دول أخرى في إعادة تقييم كيفية الاستجابة لعالم بدون قيادة أميركية منضبطة".

واعتبر الكاتب هذا النهج كارثة أخلاقية واستراتيجية يجعل من أمة مكرسة للمثل العليا العابرة للحدود الوطنية تصبح قوة قومية أخرى بين القوى القومية، كما يجعل كل الأشخاص الخطأ يبتهجون لهذا التطور.

المصدر : واشنطن بوست