واشنطن بوست: إدارة ترمب متواطئة في أزمة اليمن

ميدان - ترمب الرئيس الأميركي
ترمب هو الذي يرسخ للمجاعة (رويترز)
أشارت صحيفة واشنطن بوست إلى تحالف غير مسبوق من ثماني منظمات إغاثة أميركية كبيرة خاصة، تشكل الشهر الماضي لتوعية الشعب الأميركي بأسوأ أزمة إنسانية منذ الحرب العالمية الثانية، حيث يوشك عشرون مليون إنسان على الموت جوعا في أربع بلدان، بما في ذلك ملايين الأطفال الذين يعانون من سوء التغذية الحاد وفقا لتقارير الأمم المتحدة.

وأعاد مقال في الصحيفة إلى الأذهان حركات مكافحة المجاعة الشعبية في الثمانينيات والتسعينيات، وكيف عبأت هذه المجموعات الدعم من الشركات ونجوم الروك على أمل الوصول إلى 85% من الأميركيين الذين أظهر استطلاع للرأي أنهم غير مدركين للأزمة، ولإصلاح عجز التمويل -المقدر بأكثر من ملياري دولار- المطلوب لمنع المجاعة الجماعية.

ومع ذلك لم تنجح الحملة التي استمرت أسبوعين. ويقول المسؤولون عن هذه المجموعات إنهم لم يجمعوا سوى 3.7 ملايين دولار بالرغم من التغطية الإعلامية الواسعة، حيث لم يكن هناك زيادة في الاهتمام الشعبي وظلت القصص الإخبارية عن المجاعة قليلة ومتباعدة.

ورأت الصحيفة أن السبب في ذلك واضح إلى حد ما، إنه "سيرك ترمب المستمر" الذي يمتص الكثير من الأكسجين في وسائل الإعلام، لدرجة أن القضايا الملحّة الأخرى -مثل الملايين المتضورين جوعا- تختنق.

وقد حاولت الأمم المتحدة لفت الانتباه إلى أزمة المجاعة الوشيكة في اليمن والصومال وجنوب السودان ونيجيريا في مارس/آذار، والآن بعد نحو ستة أشهر لم يمكن جمع إلا 54% فقط من 4.9 مليارات دولار لازمة لمنع الكارثة. 

وذكرت الصحيفة أن الوضع في اليمن هو الأشد بؤسا، إذ يواجه نحو سبعة ملايين شخص خطر الجوع، وهناك نصف مليون طفل يعانون بالفعل من سوء التغذية، كما أن وباء الكوليرا يجتاح البلاد، حيث تم تسجيل نصف مليون حالة ونحو ألفي وفاة في أقل من أربعة أشهر.

‪المجاعة تهدد أربع دول هي اليمن وجنوب السودان والصومال ونيجيريا‬ المجاعة تهدد أربع دول هي اليمن وجنوب السودان والصومال ونيجيريا (الجزيرة)
‪المجاعة تهدد أربع دول هي اليمن وجنوب السودان والصومال ونيجيريا‬ المجاعة تهدد أربع دول هي اليمن وجنوب السودان والصومال ونيجيريا (الجزيرة)

وقد وفر برنامج الغذاء العالمي للأمم المتحدة الشهر الماضي الغذاء لستة ملايين شخص في اليمن، إلا أن نصفهم فقط حصلوا على الحصة الكاملة التي يحتاجونها. ويقول المدير التنفيذي للبرنامج إن "الظروف على أرض الواقع لا تتحسن، بل تتضاعف وتزداد سوءا، ولا يمكننا اختراق كل الضوضاء في وسائل الإعلام".

علاقة غرامية
وقالت الصحيفة إن أسوأ ما في هذا الوضع ليس عدم الاهتمام، أو حتى غياب التمويل الكافي للإغاثة، ولكن المأساة الحقيقية هي أن كل الجوع -على الرغم من الجفاف المتفاقم في القرن الأفريقي- إنما هو من صنع الإنسان.

إثم ترمب الأكبر هو "علاقته الغرامية" مع النظامين المستبدين  في السعودية والإمارات، المسؤولتين بشكل كبير عن خلق وديمومة أزمة الغذاء والكوليرا في اليمن

وهنا تقع المسؤولية الحقيقية على الرئيس ترمب أيضا، لأن حاجته المرضية إلى تركيز الانتباه على نفسه هي التي خلقت الدوامة التي يختفي فيها الخطاب العام حول مثل هذه القضايا الحيوية.

وأضافت أن إثم ترمب الأكبر هو "علاقته الغرامية" مع النظامين المستبدين في السعودية والإمارات، المسؤولتين بشكل كبير عن خلق وديمومة أزمة الغذاء والكوليرا في اليمن.

ولخصت الصحيفة المشكلة بأن نحو 90% من الغذاء والدواء لليمنيين يُستورد عبر ميناء الحديدة الذي يتحكم فيه الحوثيون الذين شنت السعودية وحلفاؤها حربا عليهم على مدى السنتين والنصف الماضيتين دون نجاح.

وباسم فرض حظر على الأسلحة، حاصرت السعودية الحديدة بحرا وأغلقت المطار الدولي في العاصمة صنعاء، والسفن التي تحمل الغذاء والمقررة من قبل الأمم المتحدة غالبا ما يحبسها السعوديون ولا يسمحون برسوها.

والنتيجة -كما تقول جويل شارني من مجلس اللاجئين النرويجي في الولايات المتحدة– هي أن أزمة اليمن "لا تتعلق بالمعونات أو المساعدات التي تقدمها الولايات المتحدة"، بل تتعلق بالحصار، وإدارة ترمب -كما تقول الصحيفة- متواطئة فيها.

وترى جويل أن الأمر يتعلق أيضا بدعم المجهود الحربي السعودي بالمعلومات الاستخبارية واللوازم العسكرية، و"الفشل في الضغط على السعوديين للقيام بالأشياء الأساسية التي يمكن أن تصلح الوضع".

ولهذا اتخذ مجلس الأمن الدولي أخيرا قبل أسبوعين إجراءات بشأن هذه المشكلة، عندما تبنى بالإجماع بيانا يدعو "كل الأطراف لتسهيل الوصول إلى الواردات الأساسية من المواد الغذائية. وهو ما حدا بالسفيرة الأميركية نيكي هالي للقول إنه "يجب علينا أن نحاسب الحكومات والجماعات المسلحة على منعها وصول المواد الغذائية".

لكن للأسف -كما تقول شارني- "هذه ليست سياسة الولايات المتحدة في الواقع، إذا نظرت بشكل موضوعي لما يجري". وختمت الصحيفة بأن ترمب في حقيقة الأمر هو الذي يرسخ للمجاعة بأكثر من طريقة.

المصدر : واشنطن بوست