بوتين الفائز في الجدل الأميركي الأوروبي بشأن عقوبات روسيا

صورة لمشروع قانون العقوبات الأميركية على روسيا وإيران وكوريا الشمالية
صورة لمشروع قانون العقوبات الأميركية على روسيا وإيران وكوريا الشمالية (ناشطون)

أشار مقال بصحيفة غارديان إلى مشاحنة وقعت الأسبوع الماضي عبر الأطلسي اشتكى فيها الاتحاد الأوروبي علنا من العقوبات الجديدة التي تبنتها الولايات المتحدة ضد روسيا. واعتبرت الصحيفة الفائز الوحيد في هذا الشجار الأميركي الأوروبي هو الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.

وذكرت الصحيفة أن أحد الأسباب التي دفعت أميركا إلى اتخاذ هذه الخطوة هو أن تظهر لروسيا عدم مسامحتها لها على تدخلها في الانتخابات الأميركية، وسبب آخر هو تقييد الكونغرس لترمب بأنه لم يعد قادرا، حتى لو جرى إغراؤه، على تخفيف العقوبات بمفرده وعدم إمكانية استخدامه لحق النقض.

وقالت كاتبة المقال ناتالي نوغايريد إنه قد يُظن أن الأوروبيين سيتنفسون الصعداء من هذه العقوبات، لأنهم كانوا قلقين من إبرام ترمب صفقة سرية مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين من وراء ظهورهم.

لكن الأوروبيين لم يفرحوا، وبدلا من ذلك ألمح وزير الخارجية الألماني إلى مؤامرة تجارية أميركية قيد الإعداد لتعزيز صادرات الغاز الطبيعي الأميركي إلى أوروبا، بينما شككت الحكومة الفرنسية في الشرعية الدولية لمشروع القانون الأميركي.

ويبدو أن رد فعل الاتحاد الأوروبي يعطي الأولوية للشركات الكبيرة التي تجني الأموال من الصفقات مع روسيا، بدلا من الصورة الدبلوماسية الأوسع.

ورأت الكاتبة أنه إذا كانت أوروبا لديها بطاقة مساومة مع واشنطن، فإنها ستكون أكثر نفعا مع الكونغرس من البيت الأبيض.

في السياق كتبت صحيفة ديلي تلغراف أن إظهار الكونغرس الأميركي دعمه الحزبي القوي لتشريع العقوبات الجديدة المقترحة على روسيا (وكذلك إيران وكوريا الشمالية) بعث رسالة قوية للرئيسين الأميركي دونالد ترمب ونظيره الروسي فلاديمير بوتين.

الوحدة عبر الأطلسي سوف تتضرر من جراء هذه الخطوة، التي كانت مهمة للثقة والتنسيق، وستسلط قضية خط أنابيب الغاز الروسي الضوء على الاختلافات الرئيسية في العلاقات الاقتصادية البينية مع روسيا

جبهة موحدة
ومع ذلك فإن هذه العقوبات قد تكون هيأت أيضا الظروف لانقسام ضار في التنسيق عبر الأطلسي الذي كان في غاية الأهمية للسياسة الخارجية الغربية تجاه روسيا.

وأشارت كاتبة المقال سارا لين، وهي باحثة بالمعهد الملكي للخدمات المتحدة، إلى أن مشروع القانون يرتبط ارتباطا وثيقا بالسياسة الأميركية المحلية، وأنه لحظة مهمة بقدر ما هو اعتراف بأن الرئيس ترمب لا يمكن أن يكون مبرم الصفقات الموالي لروسيا الذي توقعه الكثيرون، على المدى القصير على الأقل.

وقد أثار "إبرام الصفقات" الذي قدمه ترمب مخاوف الحزبين من أنه سوف يخفف أو يرفع العقوبات في محاولة لاستعادة العلاقات مع روسيا، على حساب تقويض السياسة الخاصة بأوكرانيا.

ولكن عندما يوقع ترمب مشروع القانون ليصير قانونا فإنه سيقلل كثيرا من قدرته على تخفيف العقوبات المفروضة على روسيا من جانب واحد، وبدلا من ذلك سيحتاج إلى موافقة الكونغرس.

ومع ذلك رأت الباحثة أن مشروع القانون يختلف كثيرا عن النهج الذي كان متبعا في إدارة أوباما في مجال معين، وهو أنه لا يضمن المواءمة مع الاتحاد الأوروبي. وكانت الجهود الرامية إلى تنسيق سياسة العقوبات، رغم أنها لم تكن دائما مثالية، عاملا رئيسيا في صياغة جبهة موحدة ضد أعمال روسيا في أوكرانيا، ولكن هذا النهج يظهر انقساما بين الشركاء عبر الأطلسي حتى اليوم.

وقالت الكاتبة إن الوحدة عبر الأطلسي سوف تتضرر من جراء هذه الخطوة، التي كانت مهمة للثقة والتنسيق، وستسلط قضية خط أنابيب الغاز الروسي الضوء على الاختلافات الرئيسية في العلاقات الاقتصادية البينية مع روسيا ومن ثم القيود المفروضة على الاتحاد الأوروبي، بما أن روسيا هي مورد الغاز الرئيسي للاتحاد، بينما تسعى الولايات المتحدة التي تعد أقل ارتباطا بروسيا إلى أن تصبح مصدرا رئيسيا للغاز الطبيعي.

وختمت بأن النتيجة المحتملة هي أن تستمر عقوبات الاتحاد الأوروبي، وستبقى الوحدة العريضة على السياسة العامة تجاه روسيا. لكن هناك مخاطرة من أنه إذا استخدمت عقوبات الطاقة لاستهداف شركات الاتحاد الأوروبي، فإن ذلك سيسبب خللا أكبر بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة.

المصدر : الصحافة البريطانية