خطاب ماي عن القيم البريطانية يجعل كل المسلمين مشتبهين

Britain's Prime Minister Theresa May speaks outside 10 Downing Street after an attack on London Bridge and Borough Market left 7 people dead and dozens injured in London, Britain, June 4, 2017. REUTERS/Kevin Coombs
رئيسة الوزراء تيريزا ماي تتحدث عن "الإسلام المتشدد" عقب هجوم لندن (رويترز)

علقت بعض الصحف الغربية على الهجمات الأخيرة التي وقعت في بريطانيا وإستراتيجية رئيسة الوزراء تيريزا ماي الجديدة في مواجهة هذه التهديدات، ودور المجتمع البريطاني المسلم في مقاومة التطرف.

فقد أشاد مقال في الغارديان البريطانية بخطاب ماي عن القيم البريطانية والتماسك الاجتماعي، لكنه اعتبر ربط هذا الأمر بالتهديد الإرهابي تفكيرا مضطربا ويضع كل المسلمين في دائرة الاشتباه.

وقالت كاتبة المقال ميريام فرانسوا، الباحثة في مركز الدراسات الإسلامية بجامعة لندن، إن تصريح ماي أمس الذي يدين "أيديولوجية التطرف الإسلامي الشريرة" ويحدد خطة عملها، يتبع نمطا يبدو مألوفا بشكل متزايد.

وركزت الكاتبة بشكل كبير على الأيديولوجية المتطرفة بين أقلية صغيرة من المسلمين، التي تعتبر حجر الزاوية في إستراتيجية الحكومة لمكافحة الإرهاب. وأضافت أن هذا السرد لا يقدم الكثير عن الدوافع المعلنة للإرهابيين أنفسهم، الذين غالبا ما يعبرون عن أهداف ملموسة أكثر بكثير.

وأشارت إلى أن مهاجمة الدول الأوروبية أو الولايات المتحدة لم تكن أبدا على وجود التنظيم، لكن مع قيام قوات التحالف بتفكيك معاقله تدريجيا -التي كانت توفر له قدرا من السلطة في أعين مؤيديه- كان زعمه المستمر أن الضربات في المدن الغربية هي رد على ذلك.

‪مسلمو بريطانيا يتعاطفون مع ضحايا هجوم جسر لندن‬ مسلمو بريطانيا يتعاطفون مع ضحايا هجوم جسر لندن (رويترز)
‪مسلمو بريطانيا يتعاطفون مع ضحايا هجوم جسر لندن‬ مسلمو بريطانيا يتعاطفون مع ضحايا هجوم جسر لندن (رويترز)

وأردفت أن على بريطانيا أن تدرك أن مصير العواصم الأوروبية مرتبط بحرب حقيقية جارية في الشرق الأوسط، وأن السياسة الخارجية البريطانية يتردد صداها داخليا، وطالما أن بريطانيا متورطة في عمليات عسكرية في الشرق الأوسط فمن المرجح أن يكون هناك رد فعل عنيف على أرضها، وقد كانت أجهزة الاستخبارات واضحة في أنه بالرغم من إحباطها العديد من الهجمات، فإنها لن تقدر على وقفها جميعا.

الهجمات الثلاث المتعاقبة التي وقعت في بريطانيا خلال أقل من ثلاثة أشهر، تبين كيف يجب على الحكومات أن تستهدف التهديد من جذوره في المجتمعات الإسلامية التي تعزل نفسها أو ترفض القيم السائدة

وعلقت الكاتبة بأن الأقليات الإسلامية ستواصل عملها مع الشرطة لوقف الذين يريدون الإضرار بالمجتمع البريطاني، لكن علاقة الثقة والتعاون هذه تزداد صعوبة عندما تلقي الحكومة شبكة واسعة من الشك على كل المجتمع البريطاني المسلم.

القيم البريطانية
وختمت بأن آثار الأحداث المروعة الأخيرة تبين أن الناس من جميع الأديان والملحدين، استنادا إلى نظم قيمهم المتنوعة، يمكن أن يجتمعوا على تأكيد الحب والتضامن والوحدة، وأنهم لا يحتاجون إلى دروس في القيم البريطانية، لكن السياسيين قد يحتاجون إلى تعلم بعض الأمور عن عدم توسيع الانقسامات التي يعتقدون أنها هي المشكلة.

وفي السياق علقت افتتاحية وول ستريت جورنال الأميركية بأن هجوم لندن الأخير يشكل خيارا صعبا للمجتمعات الحرة: فإما أن تفعل المزيد لاحتواء هذا "التمرد الإسلامي" الداخلي الآن، أو أن تخاطر برد فعل سياسي سيؤدي إلى مزيد من القيود الصارمة على الحريات المدنية.

ورأت الصحيفة أن الهجمات الثلاث المتعاقبة التي وقعت في بريطانيا خلال أقل من ثلاثة أشهر، تبين كيف يجب على الحكومات أن تستهدف التهديد من جذوره في المجتمعات الإسلامية التي تعزل نفسها أو ترفض القيم السائدة، أو المتطرفين المحليين مثل سلمان عبيدي الذي نفذ هجوم مانشستر.

ومع ذلك اعتبرت الصحيفة رئيسة الوزراء تيريزا ماي متقدمة كثيرا في هذه الجبهة على العديد من نظرائها الأوروبيين، عندما حددت في خطابها صباح أمس إستراتيجية جديدة لمكافحة الإرهاب تضع الأيديولوجية والاندماج الإسلامي في المقدمة، عندما قالت إن الهجمات الثلاث الأخيرة "مرتبطة معا بالأيديولوجية الشريرة الوحيدة للتطرف الإسلامي".

وأضافت أنها محقة في دعوتها إلى معركة أفكار ضد "الإسلام المتشدد" واتباع سياسة "قسا ليزدجروا" مع المسلمين البريطانيين الذين فشلوا في مواجهة المتطرفين داخل مساجدهم ومراكز تجمعاتهم، عندما اقترحت أن يتضمن هذا الأمر "محادثات صعبة ومحرجة" مع المجتمع البريطاني المسلم.

لكنها اعتبرت الخطأ الوحيد في خطابها هو اقتراحها الاستعانة بمصادر خارجية في مراقبة الخطاب الجهادي على الإنترنت بمنصات وسائل الإعلام الاجتماعية، ذاك النهج الشائع بين القادة الغربيين، لأنه يوفر ذريعة لفشلهم في الدفاع عن الحاجة إلى مراقبة ما يطلق عليه "البيانات الكبيرة" وتحليل التهديدات بعد تسريبات إدوارد سنودن الموظف السابق بوكالة الأمن القومي الأميركية.

المصدر : غارديان + وول ستريت جورنال