لهذه الأسباب تعاني أفريقيا الأزمات والفقر الشديد

مدونات - العبودية
العبودية كانت أحد أهم الأسباب في الفقر الشديد الذي تعيشه أفريقيا اليوم (رويترز)

تساءل مقال بصحيفة غارديان عن سبب هذا الفقر الشديد الذي تعيشه أفريقيا بالرغم من أنها أغنى قارة في العالم بثرواتها الطبيعية.

وأجابت كاتبة المقال عن هذا السؤال من واقع ما أوردته منظمة "غوغل لايف" البحثية التابعة لموقع البحث العملاق غوغل.

وعادت إليزا أنيانغوي بذاكرة التاريخ إلى أحد أهم الأسباب في ذلك ألا وهو العبودية (الرق) وتأثير الأحداث الماضية على الواقع الحالي. وأشارت إلى أنه عام 1400 كان البرتغاليون أول أمة أوروبية استغلت عمالة الرقيق الأفريقية لزراعة مزارع السكر قبالة ساحل غرب أفريقيا في ساوتومي.

ومنذ ذلك الحين، خلال ذروته في القرن الـ 18، وحتى عملية إلغائه بشكل متقطع أواخر هذا القرن، أصبحت التجارة البربرية واللا إنسانية في الأفارقة النشاط الاقتصادي الأساسي الذي تم من خلاله تمويل جهود العولمة في أوروبا.

وتقدر الإحصاءات أن نحو 11 مليون شخص سيقوا قسرا إلى الرق في أميركا العالم الجديد، لكن أعدادا مماثلة كانت تباع أيضا عبر الصحراء الغربية والبحر الأحمر والمحيط الهندي.

ويقول أستاذ الاقتصاد ناثان نون في دراسته الهامة حول تأثير تجارة الرقيق في أفريقيا على التنمية الاقتصادية اللاحقة إن "البلدان الأفريقية الأكثر فقرا اليوم هي التي أخذ منها معظم العبيد".

كل أساتذة الاستعمار في أفريقيا خلفوا وراءهم أسلوب حياة مهلكا تماما، وشعبا مكلوما عُلم في مدارس استعمارية ليمقت كل شيء عن نفسه: بشرته ولغاته ولباسه وعاداته

وقالت الكاتبة إن القصة الدنيئة لا تنتهي هناك وإن استعباد الجسم الأسود قد أفسح المجال أمام نظام آخر لا يقل وحشية، ولكنه نظام يثير تعاطفا أقل من الجمهور. ففي عام 2002 كتب وزير الخارجية البريطاني الحالي بوريس جونسون عن الإرث الاستعماري البريطاني في أفريقيا قائلا إن "القارة قد تكون وصمة عار، لكنها ليست وصمة عار على ضميرنا. والمشكلة ليست أننا كنا مسؤولين في ما مضى، ولكننا لسنا مسؤولين بعد الآن".

بؤساء الأرض
وأضافت أنه عام 2016 اتفق 44% من المشاركين في استطلاع أجراه مركز يوغوف مع رأي جونسون، مشيرين إلى أن التاريخ الاستعماري البريطاني "شيء يفتخر به".

وذكرت الكاتبة أن كل أساتذة الاستعمار في أفريقيا خلفوا وراءهم أسلوب حياة مهلكا تماما، وشعبا مكلوما عُلم في مدارس استعمارية ليمقت كل شيء عن نفسه: بشرته ولغاته ولباسه وعاداته. حتى آلهتهم تم استبدالها.

وكما قال المحلل النفسي والكاتب الثوري فرانتز فانون في كتابه عام 1961 (بؤساء الأرض) إن "الاستعمار ليس راضيا فقط عن وضع شعب في قبضته وتفريغ الدماغ الأصلي من كل شكل ومحتوى. ومن خلال نوع من المنطق المنحرف يلجأ إلى ماضي الشعب المضطهد ويحرفه ويشوهه ويدمره". وهكذا.. شعب بدون ماض أصبح الآن حرا ليقرر مستقبله.

وأشارت الكاتبة إلى تقرير صدر في مايو/أيار الماضي عن تدفقات الموارد إلى وخارج أفريقيا كشف أن القارة تخسر من المال كل عام أكثر مما تتلقاه من مساعدات واستثمارات وحوالات. وطبق التقرير فإن أكثر من ثلاثة أضعاف المبلغ الذي تتلقاه أفريقيا من المعونة يتم إخراجه بواسطة الشركات المتعددة الجنسيات عمدا حيث تقوم بالتحايل على قيمة الواردات أو الصادرات لتقليل الضرائب.

وإلى جانب هذه التدفقات المالية غير المشروعة فإن هجرة الأدمغة وخدمة الديون وتكاليف تغير المناخ -التي سببها الغرب بالأساس ولكنها أرهقت كاهل أشد الشعوب فقرا في العالم- كلها تجعل أفريقيا أمة دائنة للعالم.

وهذه الأمثلة تنطق بالطريقة التي يتم بها إنشاء النظم الاقتصادية والتجارية والإعلامية العالمية، وتعبث بالدول الأفريقية: من الملكية الفكرية غير العادلة إلى الصفقات التجارية التي تجبر البلدان الأفريقية على فتح أسواقها أمام إنتاج فائض العالم الغني مدمرة بذلك الزراعة والتصنيع المحلي، وهكذا تبقى أفريقيا في هذا الفقر الشديد بالرغم من وفرة مواردها.

المصدر : غارديان