كاتب: استفتاء تركيا دليل آخر على تصدع النظام العالمي

قال كاتب بصحيفة واشنطن تايمز إن إعلان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان انتصاره في الاستفتاء الأخير ببلاده يعني إلغاء 93 عاما من تاريخ تركيا، وسبعين عاما من الصورة التي حاولت اصطناعها لنفسها ولمكانتها بالعالم.
وأوضح الكاتب روبرت مري بمقال له بالصحيفة أنه إذا أُضيف ذلك إلى التغيرات السريعة التي يشهدها العالم مثل نهوض الصين، واشتعال الشرق الأوسط، واعتلال الاتحاد الأوروبي، وصعود حركة الهجرة، وتفاقم التوتر في العلاقات الأميركية-الروسية، وانزلاق أميركا إلى الشعبوية اليمينية؛ فمن الممكن القول إن النظام العالمي القديم يمر بمرحلة تفكك.
وأورد مري أن سنوات تركيا الـ93 الماضية حلت محل وضع سابق كانت فيه تركيا إمبراطورية عظيمة استمرت ستة قرون، وعندما انهارت بنهاية الحرب العالمية الأولى اصطنع مصطفى كمال أتاتورك لها وضعا أصبحت فيه دولة علمانية للقومية التركية على النمط الغربي، ووضع نهاية لكون الإسلام هو دين الدولة، وأغلق المدارس الدينية، ومنع حتى اعتمار الطربوش لأنه يمثل تقليدا إسلاميا.
الهوية المصطنعة
كما قال أستاذ علم السياسة بجامعة هارفارد الراحل صمويل هنتنغتون إن أتاتورك عمل على سلخ تركيا من هويتها الشرقية والإسلامية ليصطنع لها هوية غربية غير إسلامية، وتنبأ بفشل ذلك.
وفي الحرب الباردة أصبح الغرب يرى تركيا حصنا شرقيا للغرب ضد الاتحاد السوفياتي، كما أصبحت تركيا ترى نفسها كذلك، وصارت عضوا في حلف الأطلسي (الناتو)، وأخيرا أصبحت تتطلع لعضوية الاتحاد الأوروبي.
وكان هنتنغتون يرى تركيا دولة ممزقة بين هويتها الأصلية والهوية الأخرى التي يسعى قادتها سعيا محموما لاصطناعها لها، ويرى أن أي محاولة مثل هذه سيُكتب لها الفشل في أي مكان في العالم، وليس في تركيا فقط.
وعلق الكاتب على الاستفتاء مرة أخرى بقوله إن انتصار أردوغان قضى على أي توقعات بمواصلة تركيا سعيها لنيل عضوية الاتحاد الأوروبي أو تبني هوية غربية.
واختتم قائلا إن التجربة الكمالية في تركيا انتهت، ولم تعد تركيا دولة ممزقة بين هويتها وواقعها، وإن هذه النهاية تعبّر عن الطبيعة غير المستقرة للوضع الجيوسياسي العالمي.