تنظيم الدولة يتبنى خيارا جديدا بعد زوال "الخلافة"

A deserted stronghold that belonged to Islamic State fighters is seen in Tel Abyad town, Raqqa governorate, June 16, 2015. With a string of victories over Islamic State, Syria's Kurds are proving themselves an ever more dependable ally in the U.S.-led fight against the jihadists and building influence that will make them a force in Middle Eastern politics. Aided by U.S.-led air strikes, the Kurdish-led YPG militia may have dealt Islamic State its worst defeat to date i
أحد المرافق المهجورة لدولة "الخلافة" التي أقامها تنظيم الدولة بمحافظة الرقة شمالي شرقي سوريا (رويترز)

بعد أن تبددت أحلامه في إقامة "دولة الخلافة" بفقدانه المناطق التي كان يسيطر عليها في العراق وسوريا، لم يجد تنظيم الدولة الإسلامية مناصاً من إشعال جذوة الطائفية والانقسام المذهبي في أماكن أخرى من العالم الإسلامي متبنياً بذلك إستراتيجية جديدة "فتاكة"، وفق منظور باحث أكاديمي خبير بشؤون التنظيم المسلح.

ففي مقال بصحيفة غارديان البريطانية، توقع الباحث في مركز التحرير لسياسات الشرق الأوسط بواشنطن حسن حسن أن يتبنى تنظيم الدولة "النَفَس الطائفي" في الأعوام القادمة بعد أن تراجعت طموحاته في تأسيس "دولة خلافة" ليتحول إلى حركة "متمردة".

وأوضح أن الخطاب الطائفي يساعد التنظيم على تقديم "عقيدة متماثلة" من أفغانستان وحتى سوريا لتحل محل الخلافة التي فقدها على ما يبدو، وأن رسالته إلى أتباعه هي أن ضحايا هجماته هم "جنود محتملون" في الجيش الذي تعكف إيران على تشكيله في كل مكان.

وساق الكاتب أمثلة على الهجمات التي شنها تنظيم الدولة في مناطق عديدة من العالم الإسلامي خلال عام 2017، كالتفجير الانتحاري على مركز ثقافي شيعي في العاصمة الأفغانية كابل وعلى كنيسة قبطية في القاهرة.

وقال إن التنظيم يقدم نفسه بتلك الهجمات على أنه "خط الدفاع الأخير" ضد إيران، وبذلك يضمن أن يضفي على عملياته المحلية طابعاً إقليمياً عاماً حتى وإن فقد الخلافة العالمية.

‪‬ قوات أفغانية تحرس موقع الهجوم الانتحاري الذي شنه تنظيم الدولة في كابل قبل ثلاثة أيام(رويترز)
‪‬ قوات أفغانية تحرس موقع الهجوم الانتحاري الذي شنه تنظيم الدولة في كابل قبل ثلاثة أيام(رويترز)

وظل التنظيم يعير اهتماما متزايدا على الانقسام الطائفي ليس ضد الشيعة فحسب، بل تعداه إلى المسيحيين والأقليات الدينية الأخرى.

ولقد أراد بالهجوم الذي شنه داخل إيران في يونيو/حزيران الماضي تحقيق تلك الغاية، وأن هجماته التي يستهدف بها المصالح الإيرانية -كالعملية التي وقعت في كابل- إنما تخدم غرضاً مماثلاً.

إن الدرس المستخلص من تلك الهجمات هو أن التنظيم لا يزال محتفظا بقدرته "الفتاكة" رغم تقلص نفوذه في العراق وسوريا. ثم إن خسارته الأراضي ربما تفاقم بكل تأكيد نزعات التمرد في مناطق أخرى إذا ما تمكن مقاتلوه من الفرار بأمان من ساحات القتال لملء الشواغر في فروعه المنتشرة في دول أخرى.

ويرى كاتب المقال أن تنظيم الدولة يزدهر باستقطاب مزيد من الأتباع بينما توفر له الأقليات الدينية "أهدافاً سائغة" تعينه على تأليب الجماهير ضدها. ثم إن تلك الأهداف تعينه على إعادة صياغة نفسه كحركة مناوئة لتنظيم القاعدة وبقية الجماعات الإسلامية الأخرى.

وخلص المقال إلى أن تنظيم الدولة سيظل ينهل من معين الطائفية التي تمنحه فرصا للنمو في منطقة تكتنفها انقسامات تزداد عمقاً في وقت يتعاظم فيه دور إيران في الشرق الأوسط.

إن زوال دولة الخلافة ربما قلص من حجم المخاطر التي تحدق بالغرب، لكن التنظيم سيظل يستغل الانقسامات الاجتماعية والركود السياسي لتنظيم صفوفه مرة أخرى وتقوية نفسه وتحصينها بما يملكه من قدرة على الحركة بسهولة في المنطقة.

المصدر : غارديان