غريس موغابي من الفقر المدقع إلى الثراء الفاحش

Zimbabwean President Robert Mugabe's wife Grace Mugabe looks on during a national church interface rally in Harare, Zimbabwe, November 5, 2017. REUTERS/Philimon Bulawayo
غريس موغابي أصبحت سيدة زيمبابوي الأولى بعد زواجها من روبرت موغابي (رويترز)

كتبت الأحداث التي شهدتها زيمبابوي مساء الثلاثاء وصباح اليوم التالي على ما يبدو نهاية درامية لرحلة طويلة قطعتها غريس زوجة الرئيس روبرت موغابي من غياهب الفقر المدقع إلى فراديس الثراء الفاحش، فدوام الحال من المحال.

سقط موغابي، الذي يُعتبر بعد 37 عاما قضاها في السلطة الزعيم الأطول حكما في العالم، فانهارت معه أحلام زوجته غريس بخلافته.

ومع أن غريس خرجت للحياة من بيئة متواضعة في جمهورية جنوب أفريقيا  لأبوين من العمال الزيمبابويين المهاجرين، إلا أن ظروفها سرعان ما تبدلت بعدما اقترن بها موغابي بعد وفاة زوجته الأولى سالي، وشهد حفل زواجهما الباذخ 40 ألف شخص على رأسهم الزعيم الأسطوري نيلسون مانديلا  في عام 1996.

وقد تخللت رحلتها الطويلة، من امرأة عادية من عامة الشعب إلى أقوى امرأة في البلاد، قصة حب مع رئيس الدولة تسردها هي بلسانها. فقبل اقترانها بموغابي، استطاعت غريس في مطلع تسعينيات القرن الماضي أن تؤمن لنفسها وظيفة في وحدة الطباعة التابعة لرئيس الجمهورية.

وقد صرحت في مقابلة نادرة أجرتها معها صحفية من جنوب أفريقيا في عام 2013 بأن موغابي درج على المجيء إلى مكاتبهم ليغريهم بالسلام؛ "جاءني ذات مرة وبدأ بسؤالي عن عائلتي".

وتضيف سيدة زيمبابوي الأولى: "كان يكتفي بالتحدث معي وسؤالي عن حياتي وعما إذا كنت متزوجة، وأشياء من هذا القبيل. لم أكن أدرك وقتها أن القدر يقودني إلى جهة ما، فقد كنت خجولة، خجولة جدا".

ثمة عائقان اعترضا علاقة الاثنين: أولهما فارق السن بينهما، فالرئيس موغابي يكبرها بأربعين سنة. والعائق الثاني هو أن الرئيس متزوج بالفعل من امرأة تدعى سالي أُصيبت بالسرطان قبل أن تتوفاها المنية في 1992. تقول غريس "شعرت بقدر من عدم الارتياح عندما تقدم لطلب يدي وهو لما يزل مرتبط بسالي".

موغابي وزوجته غريس في إحدى اللقاءات الجماهيرية التي نظمها في وقت سابق الحزب الحاكم في هراري (رويترز)
موغابي وزوجته غريس في إحدى اللقاءات الجماهيرية التي نظمها في وقت سابق الحزب الحاكم في هراري (رويترز)

كانت غريس بعد أن أصبحت زوجة لموغابي هادئة الطبع في بادئ الأمر، وكانت تظهر بجانب زوجها في المناسبات الرسمية، ونادرا ما كانت تهتم بالأمور السياسية، وكانت تركز على العمل الخيري، لكنها كانت تسافر للتسوق في الخارج وتنفق ببذخ حتى أطلق عليها منتقدوها لقب "المتسوقة الأولى".

غير أن بذرة السيدة الأولى القوية التي تحشر أنفها في كل شيء كانت مغروسة فيها؛ فقد أظهرت فيما بعد طموحا سياسيا بدافع حب البقاء أكثر منه غريزة للقيادة.

وقد تورطت غريس في عدة حوادث خارج زيمبابوي، وتحديدا في سنغافورة وماليزيا وهونغ كونغ وآخرها في جنوب أفريقيا عندما اعتدت في أغسطس/آب الماضي بالضرب على عارضة أزياء شابة.

وبعيدا عن دورها كسيدة زيمبابوبي الأولى، ظلت غريس تدير عدة شركات تعدين فاشلة وتمتلك مزارع ألبان أقامتها في خمس أراض زراعية كانت مملوكة في السابق لمزارعين بيض.

وفي عام 2014 بدأت تكشف عن طموحها لخلافة زوجها في رئاسة الدولة فأصبحت رئيسة للمكتب السياسي للحزب الوطني الأفريقي الحاكم، وحصلت على درجة الدكتوراه من جامعة زيمبابوي رغم أنها سجلت اسمها لنيل الدرجة قبل ثلاثة أشهر فقط.

ثم كان تحرك الجيش مؤخرا واستيلاؤه على السلطة الذي جاء في ذروة الخلافات العميقة بينها وبين نائب الرئيس إيمرسون منانغاغوا، خصمها في السباق لخلافة موغابي، حيث نفت أنها تآمرت في دس السم له لتزيحه عن طريقها.

فهل يكتب انقلاب الأمس نهاية لقصة غريس الدرامية وطموحها نحو اعتلاء سدة الحكم في البلاد، أم أنها لن تستسلم بسهولة وتبحث عن دور قيادي آخر يمهد لها الطريق يوما ما لتحقيق حلمها؟

المصدر : تلغراف + غارديان