هوكينغ: كيف نواجه زمننا المخيف؟

British theoretical physicist Stephen Hawking arrives in Tenerife, Canary Islands, Spain, 12 June 2016. Hawking will attend the 3rd edition of the Starmus Festival, which will bring to the Spanish island some of the greatest minds in science and space. The festival runs from 27 June to 02 July 2016.
ستيفن هوكينغ على كرسيه المتحرك ما زال يطرح أسئلته الفلسفية (الأوروبية)

هل المال يعني كل شيء في حياتنا؟ وهل الثروة تجعلنا أثرياء؟ قد تبدو أسئلة من هذا القبيل غريبة على عالم فيزياء يحاول الإجابة عنها كما فعل البريطاني ستيفن هوكينغ.

فقد كتب عالم الفيزياء النظرية مقالاً بصحيفة غارديان تناول فيه هذه القضية التي تبدو ذات طابع فلسفي، لكنه حاول إسقاطها على الواقع المعاش بعد أن قررت بلاده في الاستفتاء الشهير في يونيو/حزيران الماضي الانسحاب من الاتحاد الأوروبي.

ومع أن هوكينغ -الذي عانى من مرض ذات الرئة وأمراض أخرى في صغره فأقعده ذلك عن الحركة وألزمه كرسياً متحركاً- أبدى أسفه على قرار الانسحاب، فهو يعتقد أن نتيجة الاستفتاء تأثرت بمواقف الناخبين إزاء الثروة وبنظرة المجتمع البريطاني للمال ونزوعه للاستحواذ والتملك.

وأعرب العالم الفيزيائي البارز عن اعتقاده بأن الثروة كما يفهمها البريطانيون ويتشاطرونها لعبت دوراً حاسماً في قرارهم الخروج من الاتحاد الأوروبي.

وقال إن انسحاب بريطانيا سيحرمها من المنح التي كانت تتلقاها من الاتحاد لتمويل الأبحاث العلمية، "فمن دون تلك المنح ما كان لأبرز الإنجازات العلمية أن تتحقق، ومن دونها أيضاً لن يتأتى إنجاز المزيد".

كما أن المال برأي هوكينغ، يكتسب أهمية "لأنه يُحرر الأفراد"، ضارباً مثلاً على ذلك بنفسه قائلا إنه ما كان له أن يتبوأ المكانة التي وصلها من دونه.

نحن بحاجة إلى التكيف وإعادة التفكير وتغيير بعض من قناعاتنا الأساسية فيما يتعلق بما نعنيه بالثروة والملكية وبالأنا والآخر. فقط علينا أن نتشاطر الأشياء فيما بيننا كما يفعل الأطفال

وأضاف أن "من شأن المال أن يحرر الأفراد مثلما أن الفقر سيعيقهم بكل تأكيد ويحد من قدراتهم ويلحق الأذى بالجنس البشري".

ولهذا فإنه وصل إلى قناعة بأن المال "مُيَسِّرًا ووسيلة لإدراك غاية ما
-سواء كانت تلك الغاية أفكاراً أو صحة أو أمناً- لكنه لن يكون هو هدف في حد ذاته".

ويتساءل هوكينغ في مقاله: هل المعرفة أو الخبرة أهم من المال؟ وهل نحن نمتلك أي شيء حقاً، أم إننا مجرد سدنة عابرون لما نملكه؟

تلك أسئلة تقود إلى تغير في السلوك، والذي بدوره يقود المرء إلى مشاريع أو أفكار جديدة "خلاقة"، وهو ما يسميها الكاتب "مشاريع كاتدرائية"، أي فخمة كفخامة أبنية الكاتدرائيات والكنائس الحديثة.

وعبر عن أمله في أن تتبنى البشرية مثل هذا "التفكير الكاتدرائي" أو المبدع في المستقبل كما فعلت في الماضي، "ذلك لأننا نعيش في زمن مخيف".

وقال إن البشرية تواجه العديد من التحديات العالمية والخطيرة كظاهرة تغير المناخ، وإنتاج الغذاء، والاكتظاظ السكاني، وانقراض أنواع أخرى من الكائنات، والأوبئة وملوحة المحيطات.

وخلص إلى أن مثل هذه القضايا الملحة تتطلب منا التعاون جميعاً وفق رؤية مشتركة وجهود متضافرة "لكي نضمن بقاء الجنس البشري".

وأضاف "نحن بحاجة إلى التكيف وإعادة التفكير وتغيير بعض من قناعاتنا الأساسية فيما يتعلق بما نعنيه بالثروة والملكية وبالأنا والآخر. فقط علينا أن نتشاطر الأشياء فيما بيننا كما يفعل الأطفال".

وختم هوكينغ مقاله بالتشديد على ضرورة "توسيع تعريفنا للثروة لتشمل المعرفة والموارد الطبيعية وقدرات البشر العقلية، وفي الوقت نفسه تعلم كيف أن نتشاطر تلك المفاهيم والقيم بعدالة أكثر. فإذا فعلنا ذلك فإنه لن تكون هناك حدود لما يمكن للبشر إنجازه معاً".

المصدر : غارديان