مسرحية إسرائيل الديمقراطية
كتب الناشط الإسرائيلي في مجال الحقوق المدنية هاغاني إيلعاد في مقال له بصحيفة نيويورك تايمز الأميركية، أن الشعب الفلسطيني في الأراضي المحتلة يقبع تحت الاحتلال منذ نصف قرن ويفتقد أي شكل من أشكال الممارسة الديمقراطية الحقة، ومع الحكومة اليمينية المتشددة في إسرائيل لا يبدو أي ضوء في نهاية النفق.
ورغم إصرار إسرائيل على تسمية احتلالها للأراضي الفلسطينية بأنه "مؤقت"، فإن كل الشواهد تشير إلى أنه دائم وإلى ما لا نهاية. وفي الوقت الذي أتت فيه هذه الحكومة الجديدة باكتشاف جديد هو "الشفافية"، فإن الوقت قد حان لنتساءل: أين حقوق الفلسطينيين في الانتخاب وإبداء الرأي؟
صرح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قبل شهرين بأن العرب الإسرائيليين يتقاطرون على المراكز الانتخابية أفرادا وجماعات، وكأن هذا العدد يمثل خطرا يجب على إسرائيل أن تتنبه له.
وبغض النظر عن المقصود بتصريحات نتنياهو فإن الحقيقة الماثلة أمامنا اليوم هي أن هناك فلسطينيين في المقابل يعيشون في الأراضي الفلسطينية تحت سلطة إسرائيلية مباشرة أو غير مباشرة، وهؤلاء محرومون تماما من أي دور في تقرير مصيرهم واختيار من يمثلهم.
يوجد في إسرائيل 8.3 ملايين نسمة، نحو 30% منهم -أي حوالي 2.5 مليون نسمة- يعيشون خارج إسرائيل، أي في مناطق تحتلها إسرائيل أو تحت السلطة الفلسطينية. صحيح أن هؤلاء ينتخبون الهيئات الفلسطينية، ولكن تلك الهيئات محدودة الصلاحيات، والقرارات الحقيقية التي تؤثر مباشرة في حياتهم تتخذ في إسرائيل ومن قبل مسؤولين إسرائيليين، أما هم فلا يتمتعون بأي حق لاختيار من يمثلهم في القرارات التي تمس حياتهم ومستقبلهم.
إن القانون الدولي الإنساني ينص بوضوح على أن مواطني منطقة محتلة احتلالا عسكريا مؤقتا لا يملكون حق التصويت الدستوري في الشؤون التي تخص البلد المحتل. إن كلمة "مؤقت" كلمة تقنية، والاحتلال العسكري من شأنه أن ينتهي يوما ما، ولا شك أن معايير المنطق تقول لنا إن "نصف قرن" لا يمكن أن يكون "مرحلة مؤقتة".
لقد نصت معاهدات أوسلو على أن يصوت الفلسطينيون لتأسيس مؤسسات من شأنها أن تعمل في مرحلة انتقالية تهيئ لدولة فلسطينية، ولكن ذلك لم يحدث. وكانت آخر مرة صوت فيها الفلسطينيون عام 2006 عندما فازت حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، فحدث ما حدث.
وحتى السلطة الفلسطينية لا تزال إلى اليوم تعيش تحت سياط الاحتلال الإسرائيلي، ولقد كان قيام إسرائيل بتجميد عوائد الضرائب الفلسطينية مرارا وتكرارا خير مثال على ذلك. إنه لأمر مخز.