التردد الغربي وراء التدخل الروسي بسوريا

In this image made from video provided by Hadi Al-Abdallah, which has been verified and is consistent with other AP reporting, smoke rises after airstrikes in Kafr Nabel of the Idlib province, western Syria, Thursday, Oct. 1, 2015. Russian jets carried out a second day of airstrikes in Syria Thursday, but there were conflicting claims about whether they were targeting Islamic State and al-Qaeda militants or trying to shore up the defenses of President Bashar Assad. (Hadi Al-Abdallah via AP)
آثار القصف الروسي على بلدة كفار نبّل في ريف إدلب غرب سوريا (أسوشيتد برس)

قال مراقبون ومحللون غربيون إن ما وصفوه بـ الضعف الأميركي أغرى روسيا بالتدخل العسكري في سوريا، مما ينذر بدخول البلاد والمنطقة في مستنقع الفوضى أكثر من أي وقت مضى.

ولا تنحصر انعكاسات ضعف إستراتيجية الرئيس الأميركي باراك أوباما في سوريا والشرق الأوسط على المنطقة فحسب، بل تتعداها لتجعل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يحاول بسط نفوذه في المنطقة وعلى المسرح الدولي دون تحريك الولايات المتحدة أو دول الغرب ساكنا يُذكر.

هذه هي الأبعاد التي تتناول من خلالها صحف أميركية وبريطانية تطورات الحرب التي تعصف بسوريا منذ نحو خمس سنوات، حتى صار الغرب يقّلب صفحات الماضي بحثا عن مواطن الخلل التي وقع فيها بالشرق الأوسط، وحتى صار يُعرب عن أمنياته بفشل بوتين في ما فشل فيه أوباما بسوريا والشرق الأوسط.

فقد تساءلت صحيفة واشنطن بوست: كيف وصلنا إلى هذه الفوضى في سوريا؟ وقالت بافتتاحيتها إن الأميركيين والأوروبيين يرون الآن نتائج ترددهم وعدم تدخلهم العسكري في سوريا والشرق الأوسط، وأضافت أن من بين هذه النتائج ما تمثل في تعرض البلاد للدمار وفي مقتل مئات الآلاف وتشريد الملايين من سكانها.

لاجئون
وأشارت واشنطن بوست إلى أن نتائج أخرى تمثلت في فرار مئات الآلاف من اللاجئين إلى أوروبا و"محاصرتهم" القارة، في وقت هي ليست جاهزة فيها للتعامل مع هذه الأعداد الهائلة من اللاجئين، والتي لم تر مثيلا لها منذ الحرب العالمية الثانية.

وأما أبرز نتائج التردد الغربي للتدخل بسوريا، فتقول الصحيفة إنه تتمثل في كشف ضعف الإستراتيجية الأميركية إزاء الحرب "الكارثية" الأمر الذي جعل المناخ مواتيا للتدخل العسكري الروسي، وفي بدء المقاتلات الروسية شن غاراتها داخل الأراضي السورية.

إزاء هذه التطورات يؤمل الغرب نفسه بغرق روسيا في المستنقع السوري كما غرق الاتحاد السوفياتي السابق في أفغانستان، وسط التردد الأميركي في مساندة المعارضة السورية المناوئة لنظام الرئيس السوري بشار الأسد بشكل فاعل، وذلك بذريعة التخوف من مرحلة ما بعد سقوط الأسد.

وأضافت الصحيفة أن بوتين لا يعتزم تدمير تنظيم الدولة، ولكنه يتدخل بسوريا من أجل إنقاذ "الدكتاتور" السوري، وحماية القاعدة البحرية الروسية على ساحل البحر المتوسط، ولكنه لن يفلح في مسعاه لأن السُنة بالمنطقة سيرون في تنظيم الدولة ملاذا لهم، مما يزيد من التطرف ويقلل من فرص الحل السلمي في البلاد.

منطقة عازلة
وقالت الصحيفة إنه يمكن لأوباما محاولة إنقاذ سوريا إذا سعى لإقامة منطقة عازلة وقام بتدمير أسطول الأسد من المروحيات التي يستخدمها لاقتراف جرائم الحرب من خلال قصفه المدنيين بالبراميل المتفجرة.

وفي تحليل لصحيفة ذي ديلي تلغراف البريطانية لـ تشارلز كروثانر، قال الكاتب فيه إن الموقف الأميركي إزاء الأزمة السورية يبعث على القهر، فهذه روسيا بدأت تأخذ زمام المبادرة في سوريا والشرق الأوسط، بل وبدأت تكشف عن مدى الضعف الذي يعانيه الغرب والولايات المتحدة.

وأوضح الكاتب أن بوتين تمكن من استغلال ضعف الإدارة الأميركية، وبالتالي توجيه إهانة للولايات المتحدة من خلال تدخله العسكري المباشر في سوريا، وذلك في أعقاب الترحيب الأميركي بعودة القوات الروسية إلى الشرق الأوسط بدعوى المساعدة في مواجهة تنظيم الدولة.

 وقال أيضا إن هدف روسيا في سوريا ليس لمواجهة تنظيم الدولة، حيث إن موسكو أرسلت العديد من الأسلحة المتطورة وأسراب المقاتلات التي تستخدم في القصف الجوي الجوي، وطائرات من طراز "إس أي22" لمواجهة بطاريات المضادات الجوية، ولكن تنظيم الدولة لا يمتلك قوات جوية ولا طائرات، فلماذا ترسل موسكو بهذه الترسانة المتطورة إلى المنطقة؟ 

فشل
كما انتقد الكاتب سياسة أوباما تجاه التدخل الروسي في سوريا، وقال إن أوباما لم يكن راضيا عن التعزيزات العسكرية الروسية في البداية وإنه سبق أعلن عن أن "مصيرها الفشل" لكنه سرعان ما بدل رأيه في أعقاب لقائه بوتين على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم  المتحدة، وسرعان ما أعلن عن ترحيبه بالدور الروسي لمواجهة تنظيم الدولة، الأمر الذي أسهم في إخراج بوتين من عزلته الدولية بشأن الأزمة الأوكرانية.

وفي تحليل آخر للصحيفة كتبه تشالز مور، انتقد التردد الأميركي إزاء الأزمة السورية المتفاقمة، وقال إن ضعف إستراتيجية أوباما إزاء الشرق الأوسط كشفت عن تراجع الدور الأميركي على المستوى الدولي، وتضاؤل نفوذ الولايات المتحدة في المنطقة والعالم.

وأشار الكاتب إلى أن أوباما صرح من على منبر الأمم المتحدة بأنه يقود أقوى جيش عرفه التاريخ بالعالم، ولكنه لم يستخدم هذه القوة من أجل إيقاف الحروب المستعرة بالشرق الأوسط، مما أوجد فراغا بالمنطقة سرعان ما هرع الروس لتعبئته وملئه.

المصدر : الجزيرة + الصحافة الأميركية + الصحافة الروسية