صحف إسرائيل تشكك في مزاعم النصر

Israel's Prime Minister Benjamin Netanyahu (L), Israeli military chief Lieutenant-General Benny Gantz (R) and Defence Minister Moshe Yaalon attend a news conference at the prime minister's office in Jerusalem August 27, 2014. An open-ended ceasefire in the Gaza war held on Wednesday as Prime Minister Benjamin Netanyahu faced strong criticism in Israel over a costly conflict with Palestinian militants in which no clear victor emerged. REUTERS/Nir Elias (JERUSALEM - Tags: POLITICS CIVIL UNREST MILITARY CONFLICT)
نتنياهو يتحدث في مؤتمره الصحفي الأربعاء وإلى يمينه وزير دفاعه موشيه يعلون (رويترز)

عوض الرجوب-رام الله 

ما بين متهكم ومتهم ومشكك، تناولت صحف إسرائيل خطاب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أمس الأربعاء حيث هاجمته بعضها، في حين اتهمه أحد الكُتّاب بالوقاحة حين اعتبر القبة الحديدية إنجازاً له.

وجدد كتاب في صحف اليوم الخميس المطالبة بحل سياسي أو عسكري يهدف إلى استعادة صورة الردع للجيش الإسرائيلي التي تصدعت على أيدي فصائل المقاومة في قطاع غزة.

معركة الوعي
صحيفة يديعوت أحرونوت تحدثت عن بدء معركة الوعي في اليوم التالي للتهدئة، مضيفة أنه أمام الانتقاد لما وصفتها بإنجازات إسرائيل المتواضعة في ختام 51 يوما من القتال، وقف الزعماء الذين قادوا العملية العسكرية على غزة في مؤتمر صحفي أمس لإقناع كل المشككين بأن حركة حماس هُزمت وإسرائيل انتصرت.

واستعرضت الصحيفة معطيات عن "إنجازات" العملية العسكرية من بينها استهداف ما بين 800 إلى ألف مقاتل، وتدمير 28 بنية تحتية في المساجد، وتصفية ثلاثة من كبار القادة، واستهداف خمسة مبان، وإحباط عمليات كان مخططا لتنفيذها عبر الأنفاق والبحر.

وفي افتتاحية الصحيفة نفسها اعتبر رجل المخابرات السابق يوفال ديسكن أن الهدنة التي تم التوصل إليها مع حماس أشاعت بين الجمهور الإسرائيلي خيبة أمل، مضيفا أن المستوى السياسي اختار ألا يهزم حماس عسكريا واكتفى بضربة شديدة.

ورأى الكاتب أن مبادرة سياسية بعيدة المدى فقط في الوضع الذي نشأ ستُمكن إسرائيل من أن تحول المواجهة العسكرية مع حماس من "تعادل تكتيكي بين دولة قوية ومنظمة إرهابية، إلى ضربة قاضية إستراتيجية".

منظومة دفاع صاروخي ضمن قبة إسرائيل الحديدية (وكالة الأنباء الأوروبية)
منظومة دفاع صاروخي ضمن قبة إسرائيل الحديدية (وكالة الأنباء الأوروبية)

وأشار إلى نوعين من المبادرات الممكنة: إجراءات عسكرية برية تفضي بحماس على الأقل إلى شعور بانهيار قريب، أو نفض الغبار عن مبادرة السلام العربية وتحديثها وتنقيحها لتصبح مسيرة إقليمية كبيرة مفاجئة لحل الصراع.

بدوره شن بن كسبيت في صحيفة معاريف هجوما لاذعا على نتنياهو لأنه نسب لنفسه إنجاز القبة الحديدية.

وكتب موجهاً حديثه لنتنياهو قائلاً "بعد أن كنتَ أول من لاحظ الحريق في الكرمل، وبعد أن كنت أول من أقنع العالم بعدم الحديث مع الإرهاب (وبعد ذلك حررت أكثر من ألف قاتل مقابل جلعاد شاليط)، وبعد أن كنت أول من أعلن أنه سيسقط حكم حماس (ولكنك تدير معها مفاوضات وتخاف الصدام معها)، الآن أنت تأتي وتعلن أن حياة سكان إسرائيل نجت بفضل قرار اتخذته بتزويد القبب الحديدية بآلاف صواريخ الاعتراض. لا يوجد حد للوقاحة، بما فيها وقاحة السياسيين، أكثر من هذا".

لا حسم
في يديعوت ينقل يوسي يهوشع عن ضابط كبير في الجيش تأكيده أنه لم يعد يوجد حسم عسكري، وأن الذي يتحدث عن "حسم" لا صلة له بالواقع، مضيفا أن صورة الحرب ليست الأهداف التي هوجمت، بل الأهداف التي لم تتم الموافقة على مهاجمتها خشية إصابة المدنيين.

واعتبر الضابط أن ما حصلت عليه حماس اليوم  كانت تستطيع الحصول عليه في اليوم الخامس للحرب، وأن الحركة ستزن جيدا هل تبادر إلى مثل هذه العملية في المستقبل أم لا.

صواريخ حماس من غزة أزعجت الإسرائيليين (وكالة الأنباء الأوروبية)
صواريخ حماس من غزة أزعجت الإسرائيليين (وكالة الأنباء الأوروبية)

غير أن الضابط أقر بأن الأهم من تحديد أهداف العملية هو سلوك الطرف الثاني، موضحا أن استمرار إطلاق النار "لا تقرره إسرائيل، وإنما العدو الذي يقرر متى يطلق آخر قذيفة صاروخية؟".

من جهته دعا اللواء احتياط أليعيزر مروم في معاريف إلى الرد بقوة على كل تحد، في كل ساحة وفي كل وقت، معتبرا أنه بهذه الطريقة فقط سيكون من الممكن استعادة الردع الضروري جدا لوجود إسرائيل في الشرق الأوسط.

واعتبر الكاتب إنهاء الحرب في غزة بوقف النار تحقق في مفاوضات في القاهرة، دون أن يتحقق الردع، مما يسمح لحماس بأن تظهر "بشكل كاذب ووقح" على أنها هي الطرف المنتصر، ويسمح للأعداء في الساحات الأخرى بأن يرفعوا رؤوسهم ويتحدون كنتيجة لفهم مغلوط بأننا ضعفنا وفقدنا تصميمنا وقدرة ردعنا.

بداية المفاوضات
وفي افتتاحيتها اعتبرت صحيفة هآرتس أن وقف النار مجرد بداية لعملية مفاوضات بين إسرائيل والفلسطينيين، مضيفة أنه من السابق لأوانه تحديد نقاط النصر أو الخسارة لأي من الطرفين، طالما لم تتضح بعد بنود الاتفاق النهائي لوقف إطلاق النار بينهما.

وأضافت أنه تبين لإسرائيل للمرة الثالثة في العقد الأخير أنه لا تكفي قوتها العسكرية كي تردع منظمات أضعف منها، وأن الإغلاق الوحشي لقطاع غزة لا يثير العصيان المدني ضد حماس.

وتحت عنوان "غزة.. فشل إسرائيلي وعربي وفلسطيني"، اعتبر آري شبيط أنه إذا لم يوجد أمل لسكان غزة فسيبقى ماضيهم وحاضرهم أيضا يطاردان مستقبل إسرائيل.

واعتبر الكاتب قطاع غزة فشلا للحركة القومية اليهودية التي هجَّرتهم عام 1948، وللحركة القومية العربية التي رفضت استقبالهم واحتضانهم، والحركة القومية الفلسطينية التي ضيعت فرصة أوسلو 1993 والانفصال في 2005.

وخلص إلى أن غزة قد تُردع "يوماً ما"، وقد تهدأ "بقدر ما" لكنها لن تختفي، مضيفا أن صيف 2014 العنيف يبرهن على أن فشل غزة المتعدد المستويات أصبح خطيرا ولهذا لا تكفي الهدنة الآن.

المصدر : الجزيرة