صحافة إسرائيل: فشل استخباري ودعوات لفاشية أكبر

Israeli soldiers from the Golani Brigade mourn during the funeral for their fallen comrade Max Steinberg at Mount Herzl military cemetery in Jerusalem July 23, 2014. Steinberg, a 23 year-old American from California's San Fernando Valley, was among 13 Israeli Defense Forces soldiers killed on Sunday during fighting in Gaza. REUTERS/Siegfried Modola (JERUSALEM - Tags: CONFLICT POLITICS CIVIL UNREST MILITARY TPX IMAGES OF THE DAY)
جندي إسرائيلي بلواء غولاني يواسي زميله خلال تأبين زملائهم الذين قتلوا خلال عدوانهم المستمر على غزة (رويترز)

محمد النجار-عمان

على وقع العدوان الإسرائيلي المستمر على قطاع غزة لليوم الـ17 على التوالي، تبرز لغة التذمر بالصحافة الإسرائيلية من استمرار عمليات جيش الاحتلال هناك على نفس الوتيرة، فتصاعد الحديث عن فشل استخباري قاد لنتائج كارثية في تقدير قدرات المقاومة في غزة، بينما فضل آخرون الدعوة لضربات أكثر قسوة لغزة لإجبارها على الرضوخ للهدنة، في حين برزت قلة تحدثت عن وحشية القتل الذي تمارسه الآلة العسكرية الإسرائيلية.

وفي تحليل مطول، كتب بن كيسبت في صحيفة معاريف الخميس عن الأزمات السياسية والأمنية التي لا تزال طي الكتمان بمؤسسات القرار الإسرائيلية بسبب الانشغال بالحرب على غزة، مؤكدا أن هذه الحرب ستقود حتما لتشكيل لجنة تحقيق تفحص ما سماها "المفاجأة الإستراتيجية التي ألمت بإسرائيل".

واعتبر المعلق الإسرائيلي أن الحاجة باتت ضرورية للجنة "تفحص ثغرات الاستخبارات الكبيرة، وتفحص من بالضبط هو المسؤول عن أنه لا يوجد لدينا ما يكفي من المعلومات عن رؤساء حماس، وليس لدينا معلومات كافية عن مكان الصواريخ للمدى البعيد وأن ليس لنا معلومات كافية عن الأنفاق مثلما لم يكن لنا على الإطلاق معلومات عن مكان جلعاد شاليط".

كما أشار في السياق ذاته إلى أن أكثر من وزير بالحكومة يتحدثون عن "قصور استخباري كبير" وإلى معلومات تؤكد توترا بالعلاقة بين القيادة السياسية للجيش التي يمثلها وزير الدفاع موشي يعلون، وبين قيادات أمنية على رأسها يورام كوهين.

وحمل المحلل الإسرائيلي القيادة السياسية جزءا من المسؤولية عن "المفاجأة الإستراتيجية لإسرائيل في غزة" مشيرا إلى أنباء تؤكد بأن لدى الجيش معلومات عن الأنفاق التي باتت تشكل القلق الأكبر للجيش الإسرائيلي، ويتساءل عن عدم وصول هذه المعلومات كاملة الى أصحاب القرار وخاصة المجلس الوزاري السياسي والأمني المصغر.

يتحدث عاموس هارئيل في صحيفة هآرتس عن مفاجآت يتعرض لها الجيش من المقاومين الفلسطينيين الذين قال إنهم ما زالوا يفاجئون وحدات الجيش من خلال العبوات الناسفة وإطلاق صواريخ ومضادات الدبابات ونيران القناصة

الحرب القاسية
في إطار متصل، يضع المحلل السياسي عاموس هارئيل بصحيفة هآرتس صورة لما يصفها الحرب القاسية التي يخوضها جيش إسرائيل بقطاع غزة.

حيث يعرض لما سماها "الحادثة الأقسى التي تعرض لها الجيش باليوم السادس للعملية البرية". ويقول "صباح أمس دخلت قوة من لواء المظليين لتمشيط منزل بقرية خزاعة، شرقي مدينة خانيونس، قائد الطاقم، الملازم باز الياهو من كيبوتس عفرون، تحرك على رأس القوة مع رجل اتصالاته، العريف أول لي مات من إيلات، ومطلق النار العريف أول شاحر روبين من كيبوتس جينجر. عندما اقترب الطاقم من المنزل، استخدمت نحوه عبوة ناسفة كبيرة نثرت أيضا شظايا كروية نحو المظليين. فقتل ثلاثة من رجال خلية رأس الحربة من شدة الانفجار، وأصيب سبعة مظليين آخرين، أحدهم بحالة خطيرة جدا".

ويردف هارئيل "الحادثة في خزاعة هي الحدث الأقسى في اليوم السادس من العملية البرية في حملة (الجرف الصامد) تعكس طبيعة القتال الجاري الآن في القطاع، فالقوات تتقدم ببطء نسبي، تمشط أهدافا استخبارية وتفتش عن الأنفاق الهجومية، وهو النشاط الذي يعطي حتى الآن نتائج طيبة".

لكنه يتحدث عن مفاجآت يتعرض لها الجيش من المقاومين الفلسطينيين الذين قال إنهم ما زالوا "يفاجئون وحدات الجيش من خلال العبوات الناسفة، وإطلاق صواريخ ومضادات الدبابات ونيران القناصة".

خيار التبرير
وفي حين نشرت الصحيفة نفسها تقريرا عن الخسائر بين المدنيين بقطاع غزة، ومنها الإشارة إلى مقتل 158 طفلا منذ بدء الحرب هناك، فإن أصواتا أكثر اختارت تبرير كل ما يقوم به جيش الاحتلال بالقطاع.

فالمعلق آري شبيط اعتبر بمقال بصحيفة هآرتس أيضا أن "ما يفعله طيارو سلاح الجو الآن هو تمكين الدولة الواحدة للشعب اليهودي من البقاء، وما يفعله جنود غولاني والمظليون والشباب الطلائعيون الآن هو تمكين الديمقراطية الوحيدة بالشرق الأوسط من البقاء، والذي يواجهه سكان الجنوب هو محاولة كريهة لهدم بيتنا على رؤوسنا، ولا يجوز أن ننسى ذلك حتى حينما تكون الصور من غزة قاسية، فلسنا جولييت بل كنا داود وما زلنا داود ونحن ندافع عن أنفسنا كداود".

من جهة أخرى، اشتركت الصحف الإسرائيلية في الهجوم على رئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل، الذي قالت معاريف إنه تحدث مدة 46 دقيقة في مؤتمر صحفي من الدوحة أعلن فيها رفضه لوقف إطلاق النار.

لكن الصحف أشارت إلى أن خطاب مشعل حمل بين سطوره موافقة مبدئية على "هدنة إنسانية" قد تستمر خمسة أيام تكون بمثابة فرصة للبدء بمفاوضات بحضور كل الأطراف بالقاهرة ورعاية من الولايات المتحدة، غير أن هناك من حذر في الإعلام الإسرائيلي من أن هذه الهدنة وبالرغم من أنها ضرورية لإسرائيل التي "ستوافق عليها فورا" كما قال جدعون ليفي بصحيفة هآرتس، سيستغلها رجال حماس لإعادة ترميم قدراتهم الهجومية بل إن البعض حذر من أنهم سيحفرون مزيدا من الأنفاق التي باتت تهديدا إستراتيجيا لإسرائيل.

المصدر : الجزيرة