مخاوف من امتداد الصراع السوري

An image grab from a video uploaded on YouTube shows Syrian army tanks in the city of Yabrud, 80 km north of Damascus on March 8, 2012.
الجيش الحكومي خسر أكثر من ثلاثين ألف جندي حتى الآن منذ بدء الصراع (الفرنسية-أرشيف)
undefined
اهتمت عناوين الصحف البريطانية الصادرة اليوم بشؤون الشرق الأوسط، وعن سوريا تحدثت إحداها عن الخسائر الفادحة في صفوف الجيش السوري وملامح تغيير في الصراع، وكتبت أخرى عن مخاوف امتداد الحرب، وعلقت ثالثة على الثورة المضادة في مصر.

فقد كتب روبرت فيسك في مقاله بصحيفة إندبندنت أن الحرب السورية ليست كأي حرب أخرى، وأن هناك تلميحات مثيرة للاهتمام بأن الصراع في سوريا آخذ في التغيير، حيث بدأت عشرات  الهدنات الصغيرة تزداد في الوقت الحاضر بين بقايا المنشقين عن الجيش السوري الحر ورفقائهم السابقين في القوات الحكومية.

وأشار فيسك إلى أن الجيش الحكومي خسر أكثر من ثلاثين ألف جندي حتى الآن، أي أكثر من خمس إجمالي الخسائر البشرية على مدى الصراع، ومن ثم تتجه الحكومة في دمشق حاليا إلى تعزيز قواتها بإنشاء جيل جديد من نحو عشرين ألف جندي إضافي خلال السنوات الثلاث القادمة، وذلك بحساب الجنود المحتملين الذين ما زالوا في المراحل الدراسية.

ويرى الكاتب أن من تلميحات هذا التغيير أن الأميركيين تخلوا عن الحرب السورية باعتبارها قضية خاسرة، وأن أميركا سوف تغادر الخليج، وقد تغلق معظم قواعدها الجوية الكبيرة في قطر تاركة أميرها معرضا "للجشع الإقليمي من إخوته في الخليج العربي". وتساءل فيسك "من سيحميه هو وعُمان ودول الخليج الأخرى الصغيرة غير شرطي الخليج السابق إيران؟"

امتداد الصراع
وفي سياق آخر، كتب ريتشارد سبنسر في مقاله بصحيفة ديلي تلغراف أن إسقاط تركيا المقاتلة السورية يذكر بمخاطر امتداد الصراع، كون تركيا عضوا بارزا في حلف شمال الأطلسي ولاشتراك حدودها مع الاتحاد السوفياتي السابق وإيران والعالم العربي، وهو ما يجعل هذه الأحداث على حدودها أيضا ذات أهمية كبيرة لبريطانيا بموجب بنود معاهدة الحلف للدفاع عن أعضائه إذا ما تعرضوا لهجوم. ويعتقد الكاتب أن هذا السيناريو يمكن أن يورط بريطانيا في الصراع السوري بسهولة.

وأشار الكاتب إلى أن سخرية القدر في هذه الحرب أن الغرب -بما في ذلك تركيا- قدم دعما أخلاقيا وماليا للثوار، بينما رفض التدخل عسكريا، وروسيا وإيران -اللتان تزعمان أنهما تريدان حلا سلميا للصراع- زودتا سوريا بالمعونة العسكرية ومنها الجنود، كما فعلت إيران.

وقال سبنسر إن المخاطر الحقيقية من امتداد الحرب لا يمكن الاستهانة بها بطبيعة الحال، لا سيما في لبنان، حيث تجدد القتال على مستوى منخفض بين الفصائل المؤيدة والمناهضة للرئيس بشار الأسد خلال عطلة نهاية الأسبوع.

الثورة المضادة

رسائل الشباب والنشطاء الثوريين المسجونين تظهر أن الكثيرين يخشون أن تحمل هذه الحقبة الجديدة الكثير من السمات القمعية المميزة للنظام القديم

أما في الشأن المصري، فقد تساءل باتريك كنغسلي في مقاله بصحيفة غارديان "هل الثورة المضادة اكتملت الآن؟" وأشار إلى أن فرحة ثورة 25 يناير 2011 قد أفسحت المجال لعودة شكل من أشكال الحكم الاستبدادي أسوأ من حقبة الرئيس حسني مبارك، حيث أصبحت وحشية الشرطة بلا رادع، وسجن الصحفيين صار ظاهرة، ومنعت نوعية المظاهرات التي فجرت ثورة 2011.

ويرى الكاتب أن التعديل الوزاري الأخير في مصر شهد رحيل الأصوات الأكثر اعتدالا في الحكومة، وهم -حسب رأيه- الليبراليون العلمانيون الذين أيدوا الإطاحة بالرئيس المنتخب محمد مرسي في يوليو/تموز الماضي، ليس لأنهم كانوا يتوقون إلى استبداد أكبر ولكن لأنهم أرادوا أقل من ذلك.

ويضيف كنغسلي أن رسائل الشباب والنشطاء الثوريين المسجونين تظهر أن الكثيرين يخشون أن تحمل هذه الحقبة الجديدة الكثير من السمات القمعية المميزة للنظام القديم، بينما يرى آخرون أن المأزق الاقتصادي المتردي الذي تعيشه البلاد لن يسمح لأي حكومة جديدة باستخدام العنف لسحق المعارضة إلى أجل غير مسمى.

المصدر : الصحافة البريطانية