مخاوف من امتداد الصراع بسوريا

ثوار سوريا يحاصرون مطار كويرس تمهيدا لاقتحامه
undefined
حفلت الصحف البريطانية بالافتتاحيات والآراء التحليلية لتداعيات الأحداث في الحرب السورية عقب رفع حظر السلاح عن الثوار، فقد ذكرت إحداها أن تسليح الثوار لن ينهي إراقة الدماء، وقالت أخرى إن الصراع السوري يمكن أن يمتد إلى مناطق أخرى، وكتبت ثالثة أن وقف إطلاق النار وليس التصعيد ينبغي أن يكون هدف الاتحاد الأوروبي في سوريا.
 
وعقبت صحيفة ديلي تلغراف في افتتاحيتها على موافقة الاتحاد الأوروبي على رفع حظر الأسلحة عن ثوار سوريا قائلة إن ما جرى من نقاشات عنيدة أكد ما عُرف منذ بدء الصراع في البلقان قبل عشرين عاما بأن تأمين سياسة خارجية أوروبية متفق عليها هو ممارسة عقيمة بالنظر إلى المصالح الوطنية المختلفة التي يجب أن تؤخذ في الاعتبار.

وترى الصحيفة أن الخطر الأعم الذي تمثله الحرب الأهلية السورية هو قدرتها على امتصاص بلدان أخرى في دوامتها، وأن تدخل روسيا وتركيا وإيران (بالإضافة إلى وكيلتها جماعة حزب الله) وإسرائيل ساعد على تشكيل مزيج خطير للغاية، بالإضافة إلى أن الصراع يثبت أنه نقطة جذب "للجهاديين"، ومنهم أكثر من مائة وصلوا من بريطانيا وسيعودون ليسببوا مشاكل في أوطانهم إذا بقوا على قيد الحياة، على حد قول الصحيفة.

وقالت تلغراف إن خطوة الخارجية البريطانية لرفع حظر الأسلحة عن الثوار لا يعني تزويدهم بها في وقت قريب ولكنها تريد فقط مرونة أكبر في الاستجابة للموقف وهو يتطور، وترجو أيضا أنه برفع الحظر الأوروبي سيوضع الرئيس الأسد ومؤيدوه العلويون تحت ضغط أكبر للتفاوض بحسن نية في المحادثات المقررة في جنيف الشهر القادم تحت رعاية روسية أميركية مشتركة. وأخيرا هذه المفاوضات تبدو وكأنها الأمل الخافت الوحيد لوقف حمام الدم، لأنه مهما كانت المبررات فإن إرسال المزيد من الأسلحة يمكن فقط أن يزيد طين بلة.

امتداد الصراع
وفي سياق متصل كتبت صحيفة غارديان أنه ليس من المبالغة القول إن الصراع السوري قد ينتشر في منطقة تمتد من مضيق هرمز إلى البحر الأبيض المتوسط، وهذا ما يؤكد واقع الحال مع وجود حرب أهلية في العراق أزهقت حياة 300 شخص خلال الأسبوعين الماضيين فقط ومع زيادة التوتر الطائفي في لبنان ومع تورط حزب الله العلني في سوريا ومع احتمال المزيد من الضربات الجوية الإسرائيلية ومع إعادة تسليح مرتفعات الجولان وتحذير النمسا بسحب قواتها من قوة المراقبة الأممية هناك.

وترى الصحيفة أن المهمة الشاقة لجمع كل الأطراف المباشرة والمغذية للحرب في سوريا حول طاولة واحدة في أغسطس/آب المقبل زادتها صعوبة الأحداث المتلاحقة خلال الأيام الثلاثة الماضية التي تجسدت في تصريح الأمين العام لحزب الله بحماية نظام الأسد والتطور الذي حدث في بروكسل برفع الحظر عن الأسلحة للثوار وإعلان روسيا إرسال صواريخ مضادة للطائرات لسوريا ردا على ذلك.

وقالت إنه إزاء هذه الخلفية الإقليمية السريعة التدهور يجب على المرء أن يحكم على حكمة القرار البريطاني والفرنسي بتسليح الثوار الذي أعطى ثلاثة أسباب رئيسية لذلك: أن القرار سيعطي السوريين الذين يعيشون تحت قصف يومي من قوات الأسد القدرة على الصمود والمقاومة، وسيمكن المعتدلين، ويقصد بهم هنا وحدات الثوار الموالين للغرب ويمنعهم من الانشقاق إلى المجموعات الجهادية الأفضل تسليحا، وسيضع المزيد من الضغط على كل الأطراف لحضور مؤتمر السلام المزمع.

وقف إطلاق النار
وفي السياق نفسه كتبت صحيفة إندبندنت في افتتاحيتها أيضا أن وقف إطلاق النار وليس التصعيد يجب أن يكون هدف الاتحاد الأوروبي في سوريا.

صورة الحرب الأهلية السورية التي رسمتها بريطانيا وفرنسا إما أنها ساذجة أو خيالية وإما غير صالحة لأن الصراع الذي بدأ كانتفاضة شعبية ضد حكومة طاغية تحول إلى صراع طائفي بين السنة والشيعة

وأشارت الصحيفة إلى أن حجج وزير الخارجية البريطانية وليام هيغ لإنهاء حظر الأسلحة الأوروبي لثوار سوريا يظهر سوء فهم خطير للوضع على الأرض. واعتبرت إنهاء الحظر خطوة حمقاء وغير مدروسة من المحتمل أن تزيد أعداد القتلى وليس تقليلها.

وقالت الصحيفة إن هيغ يعتقد أن إرسال المزيد من الأسلحة سيرجح كفة الميزان العسكري ضد بشار الأسد، وإنه سيتفاوض على إنهاء نظامه، لكن الواقع يشير إلى أن قوات الأسد ما زالت تسيطر على 15 من مجموع 16 عاصمة إقليمية سورية بعد عامين من الحرب. وأضافت أن إرسال المزيد من الأسلحة لن يحل المأزق العسكري الحالي.

وتعتقد الصحيفة أن صورة الحرب الأهلية السورية التي رسمتها بريطانيا وفرنسا إما أنها ساذجة أو خيالية وإما غير صالحة لأن الصراع الذي بدأ  كانتفاضة شعبية ضد حكومة طاغية تحول إلى صراع طائفي بين السنة والشيعة العلويين في سوريا.

وقالت إن الهدف ينبغي أن يكون الاعتراف بالمأزق الحالي وليس محاولة كسره ومن ثم يجب الترتيب لوقف إطلاق النار لتقليل مستوى العنف ويجب أن يكون قابال للإنجاز، باعتبار أن الحكومة السورية والثوار يعتمدان على حلفاء طويلي الأجل يخشون خروج الصراع عن السيطرة.

وختمت الصحيفة بأن وقف إطلاق النار مهم لأنه سيحفظ حياة الناس وسيجعل الطرفين يعتادان على أنه لا أحد سيحقق نصرا حاسما ويجب أن يتوصلا إلى شكل من التسوية. وهنا يبدو النهج الروسي والأميركي أكثر نضجا وواقعيا من التبسيط المخل والخطير الذي خرج من لندن وباريس.

المصدر : الصحافة البريطانية