تشومسكي: سيطرة أميركا تتناقص

f_A picture released by the US Army 30 May 2007 shows US soldiers taking aim at suspected insurgents in Taji, Iraq, 29 May, 2007. Ten American soldiers were killed in Iraq on
undefined

أشار المفكر والباحث الأميركي المعروف نعوم تشومسكي إلى الدور الذي تلعبه الولايات المتحدة على المستوى الدولي، وقال إن سيطرتها آخذة في التناقص، ولكنها لا تزال تعتقد أنها تمتلك العالم، متسائلا عن سر عدم القبض على القادة الأميركيين ومساءلتهم عن جرائمهم في العراق وخارجه.

وأضاف -في مقابلة أجرتها معه صحيفة ذي غارديان البريطانية- أن الولايات المتحدة منحت لنفسها منذ فترة طويلة الحق في استخدام العنف لتحقيق أهدافها، لكنها الآن أصبحت أقل قدرة على تنفيذ سياساتها.

وفي معرض سؤاله بشأن مدى استمرار سيطرة الولايات المتحدة على موارد الطاقة في الشرق الأوسط، أجاب تشومسكي بأن البلدان الرئيسية المنتجة للطاقة لا تزال تحت سيطرة الدكتاتوريات المدعومة من الغرب، مضيفا أن التقدم الذي أحرزه الربيع العربي يبقى محدودا بالرغم من كونه ليس هامشيا.

وقال إن الغزو الأميركي للعراق كان بسبب امتلاكه لثاني أو ثالث احتياطي للنفط في العالم، وإنه لم يكن بسبب حبها لنشر الديمقراطية، مشيرا إلى أن الولايات المتحدة واجهت الهزيمة في غزوها للعراق، وذلك على أيدي العراقيين أنفسهم، ومن خلال مقاومتهم السلمية في معظم الأحوال.

وأوضح أنه يمكن للولايات المتحدة قتل المسلحين، لكنه لا يمكنها التعامل مع نصف مليون شخص يتظاهرون في الشوارع، مضيفا أن العراق كان قادرا على "تفكيك الضوابط التي وضعتها قوات الاحتلال".

التراجع الأميركي يعود جزئيا إلى أن العالم أصبح أكثر تنوعا في ظل وجود مراكز قوى مختلفة، فالولايات المتحدة كانت في ذروة قوتها
في نهاية الحرب العالمية الثانية

مراكز قوى
وأشار إلى أن سياسات الولايات المتحدة تظل ثابتة، وإلى أنها تعود إلى ما كانت عليه في الحرب العالمية الثانية، ولكن القدرة على تنفيذها آخذة في التراجع.

وعند سؤاله عما إذا كان هذا التراجع للدور الأميركي في العالم يعود لأسباب الضعف الاقتصادي للبلاد، قال تشومسكي إن التراجع يعود جزئيا إلى أن العالم أصبح أكثر تنوعا في ظل وجود مراكز قوى مختلفة، ومشيرا إلى أن الولايات المتحدة كانت في نهاية الحرب العالمية الثانية في ذروة قوتها.

وأوضح أن الولايات المتحدة كانت تحوز ثروة نصف سكان العالم، وكان كل واحد من منافسيها قد تضرر بشكل كبير أو كان محطما، وأنه كان لديها موقف لا يمكن تصوره من الأمن ووضع خطط لإدارة العالم في ذلك الوقت بشكل غير واقعي.

وقال تشومسكي إن ما يحدث الآن في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وفي أميركا الجنوبية، يعود بالمرء إلى أواخر الأربعينيات من القرن العشرين، حيث تحقق أول نجاح كبير لمقاومة هيمنة الولايات المتحدة في عام 1949، وذلك عندما وقع حدث هام تمثل في خسارة الولايات المتحدة للصين لصالح الشيوعيين.

وأضاف أن ثمة مخاوف أثيرت لاحقا، وتمثلت في الخشية من خسارة الولايات لنفوذها في أميركا اللاتينية وفقدانها للشرق الأوسط على حد سواء.

كما أشار تشومسكي إلى الأزمة الإيرانية، وإلى مقتل زعيم القاعدة أسامة بن لادن، وإلى القلق إزاء "الإسلام السياسي"، وقال إن الولايات المتحدة ومعها بريطانيا "تؤيدان تقليديا الراديكالية الإسلامية وليس الإسلام السياسي، وذلك بوصف الراديكالية الإسلامية قوة تمنع القومية العلمانية التي تشكل لهما القلق الحقيقي".

وأوضح أن السعودية تعتبر مثالا على الأصولية والراديكالية الإسلامية، ولكنها تمثل الحصن المنيع للسياسة الأميركية والبريطانية، وأنه تم دعم السعودية ضد خطر القومية العلمانية من جانب الزعيم المصري الراحل جمال عبد الناصر، والرئيس العراقي الراحل عبد الكريم قاسم، "وسط خشية من أن يصبح الإسلام السياسي قوة مستقلة".

كما تساءل تشومسكي عن سر عدم القبض على قادة الولايات المتحدة لمساءلتهم عن جرائمهم في العراق أو خارجه، وذلك بالرغم من أن الرئيس المصري المخلوع حسني مبارك سرعان ما دخل قصف الاتهام ليواجه محاكمة باتهامات جنائية؟ متسائلا عما إن كانت الأمور المتعلقة بحصانة القادة الأميركيين قد تتغير في وقت قريب؟

وأضاف أن من أُسس النظام الدولي ما يتمثل في أن للولايات المتحدة الحق في استخدام العنف وقتما تريد، فكيف تقوم إذن بتوجيه الاتهامات إلى أي شخص آخر في العالم؟

المصدر : غارديان