هل يعجّل نضوب موارد الأسد بسقوطه؟

afp\ syrian president bashar al-assad gestures as he speaks during an interview in damascus july 8, 2008. assad, speaking ahead of a weekend visit to france, (الفرنسية)
undefined

عن الأوضاع في سوريا وإمكانية أن يؤدي نضوب الموارد المالية لنظام بشار الأسد إلى سقوطه، نشرت مجلة تايم الأميركية مؤخرا مقالا قالت فيه إن انهيار النظام في سوريا ربما يأتي بسبب آخر غير حمام الدم المستمر فيها منذ نحو عامين، وهو المال.

وذكرت المجلة أن اقتصاديين يشيرون إلى أن نظام بشار الأسد أخذ في التفكك بعد أن عدم الوسيلة في زيادة العائدات المالية من أجل توفير الطعام والرواتب لمعظم جنوده، ونقلت عن الاقتصادي السوري البارز سمير سيفان الذي هرب من سوريا العام الماضي قوله "المال عماد كل شيء فمن دون الخدمات والمال لا تستطيع فعل أي شيء.. فإذا لم تتمكن الحكومة من توفير الأموال للجيش فإنه سيتفرق بكل بساطة".

وبحسب سيفان فإن اللحظة الحاسمة التي تنهار فيها الحكومة ماليا قاب قوسين أو أدنى، في مدة من ثلاثة إلى ستة أشهر من الآن، فقد خسر الأسد نحو 40% من الأراضي السورية لصالح الثوار بعد أن سحب قواته منها وبات يعتمد على غارات سلاح الطيران، وبينما يبدو أن هناك موارد كبيرة للأسد إلا أن المؤشرات الاقتصادية تقول إن البلد في حالة سقوط حر ولا يملك سوى النزر اليسير من الوسائل لتجديد السيولة النقدية من دون استجداء حلفائه على الأقل.

فقد تراجع احتياطي الدولة من العملة الأجنبية من 20 مليار دولار في بداية عام 2011 إلى ما بين مليارين وأربعة مليارات دولار حاليا، وفقا لتقديرات مؤسسات مالية دولية. أما الاقتصاديون السوريون المعارضون فيقدرون ما تبقى من احتياطي العملة الأجنبية لنظام الأسد بنحو مليار دولار أميركي.

من الغريب استمرار وجود الحكومة السورية، فمنذ العام الأخير أدت العقوبات الدولية لوقف مبيعاتها من النفط والغاز الضرورية للاستيراد، وأوقفت التحويلات المالية الدولية، والنظام يعمل منذ أشهر على المساعدات المالية من إيران وروسيا

الليرة السورية بدورها فقدت نصف قيمتها (من 46 ليرة للدولار في بداية العام 2011 إلى نحو 90 ليرة مقابل الدولار الآن)، ولم تكن على سوريا ديون في عام 2010، وكانت نسبة نمو الاقتصاد تبلغ 3,5%، أما في العام 2012 فتراجع الاقتصاد بنحو 20%.

وفي هذا السياق يقول الاقتصادي السوري إبراهيم ميرو المقيم في هولندا والمستشار الاقتصادي للائتلاف السوري المعارض في حديث له مع مجلة تايم مؤخرا "ما من أحد يدفع الضرائب ولا يوجد هناك وقود بينما تتوفر الكهرباء لساعات قليلة يوميا والجميع يشعر بأن الحكومة ستنهار عما قريب".

ومن الغريب استمرار وجود الحكومة، فمنذ العام الأخير أدت العقوبات الدولية المفروضة على سوريا لوقف مبيعاتها من النفط والغاز الضرورية للاستيراد، وأوقفت التحويلات المالية الدولية، والنظام يعمل منذ أشهر على المساعدات المالية من إيران وروسيا أسوة باقتصاد المعارضة السورية الذي يعتمد على التمويل والتبرع. وتأتي مليارات المساعدات المالية من موسكو على شكل قروض للنظام عوضا عن المنح، مما يعني أن من سيخلف الأسد سيجد الاقتصاد متخما بديون ضخمة لروسيا بسبب تلك الحرب.

وفي هذا السياق يقول خبير سوريا في معهد الشؤون المالية الدولية غاربس إيريديان "هناك بعض السيولة التي يمكنها إنقاذ النظام لفترة ولكنها غير مستدامة، وما لم يوجد حل للاقتصاد خلال أشهر فسيضطر النظام إلى التسليم والانهيار".

على الجانب الآخر، فإن الثوار السوريين يقولون إنهم يعانون من أزمة سيولة كون الحرب استمرت فترة أكثر مما كان متوقعا، وتقول المعارضة السورية إنها بحاجة إلى 500 مليون دولار شهريا لإدارة المناطق المحررة والسيطرة على الأوضاع. وكانت الأمم المتحدة قد ناشدت الحكومات توفير 1.5 مليار دولار لمساعدة السوريين خلال فصل الشتاء القاسي، محذرة من أن الملايين سيواجهون الجوع في وقت تتراجع مخزونات المواد الغذائية في مناطق الحرب.

وترى المجلة أن الأسد سيواجه الانهيار الكامل بسبب الإفلاس وسوء الأوضاع المالية، كما أن حلفاءه المقربين باتوا يعتقدون أن أيامه باتت معدودة، ثم إن إيران -التي منحت الأسد أكثر من عشرة مليارات دولار خلال فترة الحرب- لم تعد قادرة على توفير دعم كبير له، فهي تخضع للعقوبات والوضع الاقتصادي للحكومة الإيرانية في حالة تدهور مما يجعل مستقبل الأسد أكثر قتامة.

المصدر : الصحافة الأميركية