خوفنا المضحك من البدانة

السمنة.. تهديد للصحة وعبء على الميزانية
undefined

كشفت تحليلات علمية جديدة حول العلاقة بين وزن الجسم واحتمالات الوفاة عن مدى المبالغة واللاعلمية فيما كان يقوله العلماء من قبل بهذا الشأن.

ونشرت صحيفة نيويورك تايمز مقالا لبول كامبوس أستاذ القانون بجامعة كلورادو ومؤلف كتاب "أسطورة السمنة: كيف يضر الهوس الأميركي بصحتك" قال فيه إن النتائج التي نشرتها مجلة "ذا أميركان ميديكال أسوسييشن جورنال" عن تحليل الإحصائيات المتعلقة بالصلة بين زيادة الوزن واحتمالات الوفاة كفيلة بإخراس أي شخص يفترض أن تعريف "الوزن العادي" أو "الوزن الصحي" الذي تستخدمه سلطات الصحة العامة يدعمه العلم.

وكانت المجلة قد نشرت نتائج دراسة لتحليل الإحصاءات راجعت خلالها بيانات لأكثر من مائة دراسة حول العلاقة بين الوزن واحتمالات الوفاة شملت ما يقارب ثلاثة ملايين شخص من أكثر من عشر دول وخلصت إلى أنه لا توجد علاقة إحصائية بين وزن الجسم واحتمالات الوفاة.

طيلة القرن الماضي أصبح الأميركيون أكثر هوسا بتفضيل النحافة حتى أصبحت النحافة علامة على الطبقة الاجتماعية العليا التي ينتمي لها من هو نحيف كما أصبحت معيارا للجمال

وقال كامبوس إذا كان للحكومة الأميركية أن تعيد تعريف الوزن العادي على أنه "هو الذي لا يتسبب في زيادة احتمالات الوفاة"، فإن حوالي 130 مليونا من 165 مليون أميركي بالغ مصنف حاليا ضمن فئة زائدي الوزن أو المصابين بالسمنة يجب إعادة تصنيفهم ضمن ذوي الأوزان العادية.

وقال أيضا إنه إذا كان لنا استخدام المنطق الذي تستخدمه سلطات الصحة العامة التي تعامل أي علاقة بين الوزن وزيادة مخاطر الوفاة كسبب جيد لتشجيع الناس على تعديل أوزانهم، يجب علينا حث الـ75 مليون أميركي بالغ ضمن فئة "الأوزان الصحية" حاليا على زيادة أوزانهم حتى ينتقلوا إلى الفئات التي تتعرض لمخاطر أقل، أي الفئات الأكثر وزنا.

لكنه أكد أنه لا داعي لإسداء هذه النصائح نظرا إلى أن مثل هذه النصائح تتجاهل حقيقة أن التغيرات الطفيفة في المخاطر النسبية في الدراسات الإحصائية لا تقدم أساسا علميا للخروج بنتيجة تؤكد وجود علاقة سببية -وليس مجرد علاقة إحصائية- بين الوزن واحتمالات الوفاة.

ومضى الكاتب ليتساءل عن الكيفية التي وصلنا بها إلى هذا الوضع العبثي؟ وقال إنها قصة طويلة ومعقدة، مشيرا إلى أنه وطيلة القرن الماضي أصبح الأميركيون أكثر هوسا بتفضيل النحافة حتى أصبحت النحافة علامة على الطبقة الاجتماعية العليا التي ينتمي لها من هو نحيف كما أصبحت معيارا للجمال.

وأكد أن تصنيف أكثر من 130 مليون أميركي ومئات الملايين في بقية أنحاء العالم باعتبارهم يحتاجون لـ"معالجة وضعهم الصحي" أمر يخدم المصالح الاقتصادية لصناعة تخفيض الوزن التي تجني المليارات وشركات الصيدلة العملاقة التي استثمرت أموالا طائلة للاستيلاء على إرادة من يحددون المعايير المنظمة للتغذية.

واختتم الكاتب مقاله بالقول إن أي شخص له دراية بالتاريخ لن يندهش من أن ما يسمى "الحقائق العلمية" قد وضعت مسبقا لتأكيد مشروعية الهوس الاجتماعي الأميركي وتحقيق مصالح من يتكسبون بذلك الهوس.

المصدر : نيويورك تايمز