الحقبة الناصرية وأزمة مصر الحالية

جمال عبد الناصر أثناء إلقاءه خطابا في ميدان المنشية يالإسكندرية شمال مصر احتفالا بعيد الجلاء
undefined

تعليقا على تطور الأحداث في مصر كتب شارلز هولمز المحلل المختص بشؤون الشرق الأوسط ومدير مؤسسة مارشر للبحوث السياسية يقول إن مصر تمر حاليا بمرحلة من المواجهة المؤلمة مع الحداثة يتوقع استمرارها إلى حين تحديد معالم واتجاه البلاد بغض النظر عن اللاعبين السياسيين.

وأضاف الكاتب في مقاله بمجلة فورين بوليسي الأميركية أن ما تشهده مصر الآن هو نهاية حقبة الناصرية التي شكلت وجه السياسات المصرية في العقود الستة الماضية، وكانت القومية العربية والثورة ضد الاستعمار وتأميم الاقتصاد المصري وتعزيز القوات المسلحة مجتمعة هي الأركان التي أقيمت عليها مصر, وبينما ساعدت الناصرية مصر في التخلص من ماضيها السياسي كانت أيضا سببا في تدهورها.

ويستطرد الكاتب أن انهيار نظام مبارك أخرج الشعب المصري من سبات استمر عقودا، غير أن هناك بقايا لهذا النظام تكشر عن أنيابها وتحاول إغلاق أبواب الحداثة والعولمة من أجل الحفاظ على مصالح القلة من النخبة.

وحسب الكاتب فإنه رغم التطهير الذي أقدم عليه الرئيس محمد مرسي في أوساط القيادة العسكرية العليا، أبقى الدستور الجديد استقلال المؤسسة العسكرية بعيدا عن مراقبة وإشراف السلطة المدنية وأبقى لها حكما ذاتيا فيما يخص شؤونها الخاصة, وبناء على ذلك سيكون من الصعب تخيل انتقال البلاد إلى حقبة جديدة في ظل بقاء أركان مؤسسات العسكر التي تعود إلى مصر عبد الناصر وهي تستمر في الهيمنة على أعلى مستويات القيادة في البلاد.

وبحلول الذكرى الثانية لثورة 25 يناير, من الصعب أن تجد أزمة مصر للتحديث حلولا في عهد حكومة مرسي، بينما أخفقت المعارضة في بناء منظمة سياسية أو تحديد أجندتها, ورغم اختلافاتها تتسم مختلف القوى السياسية في مصر بتوجه مضلل

ويرى الكاتب أن النظام التعليمي والثقافي في مصر يمثل عنصرا في انهيارها البطيء, فعقب ثورة 1952 خضع النظام التعليمي لتوسع له دلالاته, أما اليوم فقد تراجع الإنفاق على النظام التعليمي وأصبح الفصل الواحد من المدارس الابتدائية يشمل أكثر من 60 طالبا وبات التعليم يعتمد على الحفظ دون الفهم، مما يكبت روح الإبداع وحب الاستطلاع.

كذلك شهدت المؤسسات الدينية في مصر تدهورا في الحقبة الناصرية, لعل أوضح أمثلتها جامعة الأزهر التي كانت مركزا مشهورا للتعليم الديني الإسلامي, مقارنة بحالها اليوم.

ومن الناحية الاقتصادية يمكن رؤية التركة العرجاء للدولة الناصرية في القطاع العام المترهل وفي سوء أداء عمل الدوائر الحكومية فضلا عن عبء رواتب القطاع العام -على نظام اقتصادي شبه مفلس- لا يمكن أن يستمر إلى ما لا نهاية, بينما كانت الفجوة في المعايير المهنية بين القطاع العام المصري الانطوائي وفئة رجال الأعمال تزداد اتساعا بمرور الأيام.

وبحلول الذكرى الثانية لثورة 25 يناير, من الصعب أن تجد أزمة مصر للتحديث حلولا في عهد حكومة مرسي، بينما أخفقت المعارضة في بناء منظومة سياسية أو تحديد أجندتها, ورغم اختلافاتها تتسم مختلف القوى السياسية في مصر بتوجه مضلل بأن غالبية التحديات الرئيسية التي تواجه مصر هي المشاكل وسوء الممارسات السطحية البسيطة وليس القضايا الأساسية التي تتعلق بالبنى المحطمة لدولتهم ومجتمعهم.

ويختم الكاتب بأن إسقاط مبارك خلال 18 يوما يظهر أن مصر قادرة على تحقيق المستحيل، وهي اليوم بحاجة إلى مزيد من الصدق والشجاعة والبحث عن الذات التي حركت تخيلات الجماهير في تلك الأيام.

المصدر : الصحافة الأميركية