الديون أكبر خطر على أميركا

Tourists walk past a Bank of America banking center in Times Square in New York June 22, 2012. Downgrades by ratings agency Moody's will make funding more expensive for banks that rely the most on capital markets, while reinforcing the competitive advantage of "safe haven" banks that can fund themselves from stable customer deposits. Banks like Morgan Stanley with few retail deposits, as well as banks like Bank of America, Citigroup and Royal Bank of Scotland, which despite having big deposit bases have gotten into trouble by combining their retail business with riskier investment banking. REUTERS/Brendan McDermid (UNITED STATES - Tags: BUSINESS TRAVEL)
undefined
رسم باحثان أميركيان صورة مغايرة تماما للخطر الذي يحدق بالأمن القومي للولايات المتحدة، إذ لم يكن الإرهاب أو الصين أو حتى روسيا كما دأب الإعلام الغربي أن يوحي بذلك، فالخطر في نظرهما يكمن في الديون.

وقال الباحثان في شؤون السياسة الخارجية بمؤسسة بروكينغز الأميركية كينيث ليبرثال ومايكل أوهانلون إن الدين الوطني المترتب على الولايات المتحدة لا يمثل فقط خطرا على البرامج والمشاريع الداخلية، بل وعلى النهج الذي اختطته واشنطن لنفسها في مجال السياسة الخارجية الفعالة والذي كان سببا في ازدهار أميركا.

وفي مقال مشترك بصحيفة لوس أنجلوس تايمز، يرى الباحثان أن الدين الوطني ربما أصبح المهدد الأول للأمن القومي الأميركي، وأنه لا أحد من مرشحي الرئاسة الأساسيين يفعل ما فيه الكفاية للتصدي لتلك المسألة.

وأشارا إلى ضرورة أن تعامل مسألة الديون باعتبارها قضية ملحة ليس لازدهار الولايات المتحدة مستقبلا فحسب، وإنما للاستقرار الدولي كذلك.

لقد ظلت الولايات المتحدة تعاني من عجز في موازناتها بتريليونات الدولارات، مما نجم عنه انفجار هائل في مديونيتها، إذ يعادل الدين العام 70% من إجمالي الناتج المحلي، وهو ما يجعل البلاد على أعتاب مرحلة يعتبرها العديد من الاقتصاديين "هامة ومدعاة لقلق بالغ".

ومما يزيد الطين بلة –في نظر كاتبي المقال- أن نصف القروض لتمويل العجز مقدمة من جهات أجنبية، مشيرين إلى أن واشنطن تتجنب وقوع الكارثة بتحديد معدلات فائدة منخفضة ومستويات مقبولة من الاستثمارات المحلية، لا لشيء إلا لأن الأجانب يجدون فوائد الديون الأميركية مغرية، وهو شعور قد لا يدوم طويلا.

وطبقا لبيانات لجنة غير حزبية تطلق على نفسها اسم "لجنة من أجل موازنة اتحادية مسؤولة"، فإن مشروع الموازنة الطويل الأجل الذي أعده الرئيس أوباما يتيح للدين العام أن يرتفع أكثر إلى حدود 75% من إجمالي الناتج المحلي خلال عقد من الزمان.

وحتى مشروع المرشح الآخر للرئاسة ميت رومني القائم على تخفيضات ضريبية وزيادة الإنفاق العسكري، يبدو أسوأ من خطة أوباما، ذلك أنه قد يدفع الدين العام ليصل إلى 95% من الناتج المحلي خلال الفترة نفسها.

فلماذا يبدو الوضع بهذه الدرجة من الخطورة؟ سؤال طرحه الباحثان في المقال ليجيبا عليه بالقول، إن هناك ثلاثة عوامل لهذا الوضع، يتمثل أولها في أن الولايات المتحدة مقبلة على مرحلة من الديون خلال عشر سنوات قد تقتضي منها إنفاق تريليون دولار من الموازنة الاتحادية السنوية في خدمة الدَيْن، ليبقى القليل من المال للأمور الأخرى.

وتكمن خطورة هذا العامل في أنه يُعد بمثابة وصفة لحلقة مفرغة من قلة الأموال المتاحة لتمويل مشاريع البنية التحتية وجهود تطوير التعليم الوطني والأبحاث العلمية، وكل المهام المنوط أداؤها بالحكومة والتي تعتبر أمرا أساسيا في ضمان نمو اقتصادي طويل الأجل.

وثاني تلك العوامل أن من شأن أي تراجع اقتصادي مزمن أن يقلص من زخم 70 عاما من إجماع سياسي وطني مؤيد لسياسة خارجية أميركية "فعالة".

على أن ما يأسف له الباحثان أن اتجاهات العولمة والأتمتة (إدارة الأجهزة الإلكترونية) أثارت ريبة الطبقات العاملة إزاء الحلم الأميركي.

وآخر تلك العوامل أن ضعف الأداء الاقتصادي الأميركي سيقوض زعامة الولايات المتحدة في الخارج، فالدول الأخرى تشعر بذلك الوهن وتتعجب من هذا التراجع المزعوم.

وما إن يبدو أن الولايات المتحدة في تراجع ونكوص حتى تبدأ الدول في التصرف بما يعكس ذلك الارتياب بشأن مستقبل أميركا. وسيثير الحلفاء والأصدقاء الشكوك حول قدرة واشنطن على التمسك بالتزاماتها تجاههم، مما قد يدفعهم للسعي إلى امتلاك أسلحة نووية لحماية أمنهم القومي.

أما أعداء أميركا فما إن تأتيهم الفرصة حتى يغتنموها ويشرعوا في محاولة بسط نفوذهم على جيرانهم، وستصبح منطقتا الخليج والمحيط الهادي الغربي أقل استقرارا، ويمسي اندلاع حرب كبرى احتمالا واردا. 

المصدر : لوس أنجلوس تايمز