نعم لإنهاء القاعدة لا لبناء أفغانستان

بن لادن / تحت المجهر
undefined
 

 

 

 

 

 

 

 

 قال الكاتب إيريك غريتينز في مقال له في صحيفة نيويورك تايمز الأميركية إن عملية اغتيال زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن قد أثبتت أن الولايات المتحدة تحارب حربين منفصلتين في أفغانستان، إحداهما ضد القاعدة والأخرى لاستحداث دولة في أفغانستان.

وأضاف الكاتب الذي هو عضو سابق في الوحدة التي اغتالت بن لادن، أن الحرب الأولى ضرورية للأمن القومي الأميركي، ولكن الثانية تحيط بها علامات الاستفهام، وقال إن على الولايات المتحدة أن تتعظ من دروس الجبهات الأخرى في الصومال واليمن وأن تضع ثقلها في القضاء على القاعدة وتخفف من جهودها لجلب حكومة صالحة لدولة فاشلة.

بعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر نجحت أجهزة الأمن والمخابرات والجيش الأميركية في توجيه ضربات عديدة لقواعد القاعدة وقنوات تمويلها وحدّت إلى حد كبير من قدراتها على شن هجمات في دول العالم.

ومضى الكاتب يقول: ولكن في أفغانستان، يبدو أنه من الصعب رؤية نجاح الجهود الأميركية، وما الذي علينا فعله في المرحلة التالية. هجمات سبتمبر لم تشنها دولة بعينها، ومع ذلك ونظرا لأن القاعدة كانت تتمركز في أفغانستان عام 2001 جادل الكثير من الأميركيين بأنه لجعل الانتصار خالدا، يجب أن لا نكتفي بإسقاط حكومة طالبان، وأن نمضي إلى أبعد من ذلك ونبني دولة حديثة ديمقراطية.

ويصف الكاتب هذا الاعتقاد بأنه يشبه من يقول "لكي نطفئ الحريق المشتعل في الغابة، علينا أن نعبد طرقها أولا".

‪القوات الأفغانية لا تزال تعتمد على الجيش الأميركي بشكل كبير‬ (الفرنسية-أرشيف)
‪القوات الأفغانية لا تزال تعتمد على الجيش الأميركي بشكل كبير‬ (الفرنسية-أرشيف)

ثم يقدم الكاتب استعراضا للوضع في أفغانستان اليوم بعد أكثر من عقد من الوجود الأميركي العسكري وغير العسكري ويقول: اليوم، ورغم سنوات من الاستثمار لا تزال طالبان والمقاتلين المرتبطين بها وعائلات الجريمة المنظمة وأمراء الحرب، يقاومون سلطة العاصمة كابل.

وتضع منظمة الشفافية الدولية أفغانستان في مركز متقدم على الصومال وكوريا الشمالية فيما يخص الفساد الحكومي. أما القوات الحكومية الأفغانية، فلا تزال غير قادرة على جمع المعلومات الاستخبارية وشن هجمات في مناطق متفرقة من البلاد بدون مساعدة الجيش الأميركي.

ويرى الكثير من الأميركيين أن مهمة الجيش الأميركي قد انتهت بمقتل بن لادن، وأن الولايات المتحدة قاتلت القاعدة في عدد من الدول الفاشلة كاليمن والصومال وباكستان ولكن بدون أن تأخذ على عاتقها بناء تلك الدول، وأن الوقت قد حان لتطبيق تلك الإستراتيجية في أفغانستان، والكلام للكاتب.

ويشدد الكاتب على أن الولايات المتحدة يجب أن تركز على السؤال القائل "كيف نفشل جهود القاعدة ونقتل قادتها" أكثر من السؤال القائل "كيف ندعم حكومة (الرئيس الأفغاني حامد) كرزاي".      

ويقدم الكاتب ثماني نقاط يرى أنها كفيلة بإنجاح الإستراتيجية الأميركية في أفغانستان:

أولا: المحافظة على قدرة الولايات المتحدة على المبادرة بالهجوم والحرص على احتفاظها بعنصر المفاجأة والسرعة والتأثير، وأن لا تجازف بذلك في سبيل علاقات مع حليف لا يمكن التنبؤ بولائه (حامد كرزاي).

ثانيا: التركيز على المهمة وليس على حجم القوات. إن نشر وحدات العمليات الخاصة وكوادر التجسس المخابراتي عبر البلاد، سيقلل من الإحساس ببصمتنا ووجودنا، وفي نفس الوقت سيحافظ على قدرتنا في ضرب القاعدة.

ثالثا: وضع خطة بعيدة الأمد لضمان وجود عيون لنا تمدنا بالإشارات الصحيحة. إن العنصر الاستخباري غالبا ما يتم تجاهله عندما تكون القوات على الأرض، ولكنه في الحقيقة، خط دفاعنا الأول.

رابعا: أن نبين بوضوح أن دعمنا لجيش أفغانستان وشرطتها الوطنية، يستند على قدرتهما على مواجهة العمليات الإرهابية، وأن يرتبط دعمنا بمستوى أداء هذه الأجهزة.

خامسا: إذا كانت حكومة كرزاي غير قادرة على أداء مهامها، فعلينا أن نأتي بمن هو قادر. الحلفاء المحليون كالزعماء القبليين يمكن أن يكونوا شركاء. يجب أن نستغل وقتنا في العمل معهم مباشرة بدل أن نضيع وقتنا في إقناعهم بقبول الشراكة مع كابل.

سادسا: توسيع قاعدة خياراتنا عن طريق تقوية العلاقات مع الدول المجاورة لأفغانستان، بينما نعمل على ضمان قدرة قواتنا البحرية المنتشرة في توجيه ضربات صاروخية مؤثرة وشن عمليات جوية انطلاقا من حاملات الطائرات.

سابعا: أن نعمل على تلميع صورتنا أمام أصدقائنا وعائلاتهم. أن نهتم بأولئك الذين عملوا معنا وخاطروا بحياتهم، مثل المترجمين.    

ثامنا: أن نتذكر مكونات وعناصر النجاح. النجاح هو شل قدرة القاعدة على توجيه ضربات إرهابية ضد الولايات المتحدة وحلفائها. ومن أجل تحقيق هذا الهدف، علينا أن نركز على الأهم. إن هزيمة منظمة إرهابية، هو مثل إطفاء حريق مشتعل في غابة، حيث لا يمكن التنبؤ بمسار النار، ولا يوجد هناك لحظة انتصار حقيقية، وحتى لو حققنا النجاح فعلينا أن نظل في وضع المراقبة لئلا تندلع النيران ثانية من حيث لا نحتسب.

المصدر : نيويورك تايمز