كيف ربح الجهاديون قلوب السوريين؟

undefined

نشرت مجلة فورين بوليسي الأميركية مقالا تناول ما تسميه ظاهرة الجهاديين ومشكلة "المتطرفين" الذين تخشاهم الولايات المتحدة في حال سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد. ويرتكز الموضوع على جولة ميدانية قام بها الكاتب حسان حسان في مناطق دير الزور شرق سوريا.

يمهد الكاتب لتقريره بالقول إن الخناق بدأ يضيق على الأسد، خصوصا بعد الاعتراف الدولي بالائتلاف الوطني السوري ممثلا شرعيا ووحيدا للشعب السوري، والإعلان عن نشر صواريخ باتريوت على الحدود التركية، مما دفع فاروق الشرع نائب الرئيس السوري إلى التحدث عن "تسوية تاريخية" بين الثوار ونظام الأسد.

ويذهب حسان إلى أن الولايات المتحدة تميل إلى التعاطف مع حل سياسي عبر مرحلة انتقالية تفاوضية، فواشنطن "تخشى مشكلة المتطرفين"، وهي تفكر في منعهم من ملء الفراغ في السلطة عقب سقوط الأسد، وهي لذلك أدرجت مؤخرا جبهة النصرة لأهل الشام في قائمة الجماعات الإرهابية، فضلا عن أن أي تسوية سياسية يمكن أن تكون خطوة في هذا الاتجاه.

ويستدرك الكاتب بالقول إن أي تسوية يمكن إبرامها في دمشق لن تكون كافية لمعالجة معضلات سوريا حتى لو تم الوصول إلى اتفاق، فمعظم جماعات الثوار لن تسمح للجيش السوري النظامي بالعودة إلى داخل مدنهم وبلداتهم.

شعارات في مظاهرة بسوريا تؤيد جبهة النصرة (الجزيرة-أرشيف)
شعارات في مظاهرة بسوريا تؤيد جبهة النصرة (الجزيرة-أرشيف)

موطئ قدم
ويدلل حسان على فرضيته تلك بما يحدث في محافظة دير الزور المحاذية للعراق، حيث إن "المجموعات المسلحة وحتى الجهاديين عملوا على كسب موطئ قدم لهم في تلك المنطقة"، مشيرا إلى أن جبهة النصرة نسقت مع زعماء القبائل هناك وتحملوا مسؤولية الحفاظ على القانون والنظام في غياب الدولة، "وعلى المدى البعيد لا يوجد ضمان بأن تعتنق تلك المجموعات نفس الأيدولوجية أو المصالح البعيدة المدى".

ومع تصاعد القتال في أماكن أخرى بسوريا، تم الانتصار في الحرب على نظام الأسد في أجزاء كبيرة من دير الزور، فقد طُردت قوات الأسد من البوكمال قرب الحدود العراقية بعدما نجح الثوار في مهاجمة قاعدة حمدان الجوية، وهي آخر قاعدة للنظام هناك، واجتاحت قوات مشتركة من الثوار القاعدة العسكرية في الميادين وغنمت كميات كبيرة من المدفعية.

ويشير المقال إلى أن السكان يعملون هناك على قدم وساق لتمهيد الطريق أمام إرساء الحكم القادم، حيث تسيطر جبهة النصرة على قطاعات حيوية في دير الزور بما في ذلك النفط والغاز والسكر والدقيق.

ويضيف الكاتب حول جبهة النصرة "أما مصادر تمويلها فليست واضحة بالرغم مما قاله السكان من وجود روابط بين القوميين الخليجيين مع الجهات القبلية لدعم معظم الجماعات الثائرة في المحافظة، ووفقا لما يقول السكان فإن أمراء تلك المجموعات المسلحة هم من الخارج، في حين أن غالبية مختلف الرتب هم من السوريين في تلك المنطقة، وقد انضم العديد لها بفعل كفاءتهم في قتال النظام وتقديم الخدمات العامة".

جبهة النصرة تقيم علاقات مع المجتمعات المحلية، إذ لديها برنامج مساعدات وإغاثة من أجل الفوز بعقول وقلوب السكان بالترادف مع عملياتها العسكرية

النصرة تغيث
ويؤكد الكاتب أن جبهة النصرة تقيم علاقات مع المجتمعات المحلية، فلديها برنامج مساعدات وإغاثة من أجل الفوز بعقول وقلوب السكان بالترادف مع عملياتها العسكرية، فمقاتلوها يحظون بسمعة مهنية فائقة. وبينما يقبل الجيش الحر المتطوعين أيا كانت صفاتهم، فإن كوادر جبهة النصرة أكثر انضباطا ويهتمون بمتطلبات وحاجات السكان المحليين.

ويوضح "تحدث لي أحد السكان وقارن بين مجموعتين في حادثتين مؤخرا، ففي يوليو/تموز سيطر الجيش السوري الحر على مخازن الغذاء والأسمدة في مدينة البوكمال وباع قائد المقاتلين أعلاف الحيوانات والأسمدة بثمن رخيص ووزع ثمنها على أفراد مجموعته. أما في يوم 22 نوفمبر/تشرين الثاني حينما احتل الثوار قاعدة الميادين، فقد حرست جبهة النصرة المستودعات لحمايتها من السرقة ثم وزعتها لاحقا بالتساوي على السكان".

كما تولت جبهة النصرة مؤخرا مسؤولية خط الغاز قرب قرية خوشام والذي تبلغ طاقة إنتاجه اليومية 3500 أسطوانة غاز، وقبل ذلك بقليل كان على الشخص أن يدفع مبلغ أربعة آلاف ليرة سورية (نحو 56 دولارا) والانتظار شهرا كاملا للحصول على أسطوانة غاز. أما اليوم وفي ظل سيطرة جبهة النصرة، فقد انخفض السعر إلى ما دون 400 ليرة، ويمكن تعبئة الأسطوانة في غضون بضعة أيام، وبات التوزيع الناجع للأسطوانات على السكان نصرا كبيرا للمجموعة.

كما يتحدث الكاتب عن تولي الثوار -بمن فيهم جبهة النصرة- إدارة محاكم شرعية يديرها مقاتلون ذوو خلفية دينية ويقومون بدور القضاة، وينقل عن أحد زعماء القبائل المتنفذين أن أعضاء جبهة النصرة تصرفوا بانضباط حتى حينه.

مع ذلك يستطرد الزعيم القبلي قائلا "إن حصلت هناك انتهاكات وسوء معاملة، فسنطارد هؤلاء (الجهاديين) حتى لو اضطررنا إلى تسليح النساء".

المصدر : فورين بوليسي