حلب.. أنقاض مدينة يلفها اليأس

epa03429829 A picture made available on 12 October shows a Syrian woman returning home after picking up bread in a bread line in Aleppo, Syria, 11 October 2012. Places such as bread lines, hospitals and schools, where women, children and the elderly take refuge are daily targets for Syrian Army snipers and artillery shelling. About 90 percent of the wounded and the dead are civilians. Syrian rebels claim to have completely cut off the highway linking Damascus with Aleppo, preventing government troops to reach the city. EPA/MAYSUN
undefined

حل الشتاء في حلب -أكبر المدن السورية- وهي تشهد أشد المراحل دموية في معارك المدن التي دخلت شهرها السادس بين "المتمردين" وجيش الرئيس بشار الأسد.

وبينما تتدنى درجات الحرارة ويتواصل أزيز مدافع القوات الحكومية، تنزلق حلب رويدا رويدا في أتون كارثة، لأنها تفتقر إلى من يديرها، فأحياؤها السكنية الواقعة على خطوط النار استحالت إلى ركام، ومعظمها تعاني لأسابيع طويلة من انعدام الكهرباء ونقص في إمدادات المياه. أما المدينة برمتها فتقاسي الأمرّين من خلوّ متاجرها من زيوت الطعام والمواد الغذائية والأدوية والغاز، فضلا عن قصور لدى مشافيها في أعداد الأطباء.

وحلب تنتشر فيها الأمراض، وحدائقها العامة وساحاتها جُرِّدت من غطائها الأخضر، فشجرها ونبتها تستخدم حطبَ وقود، وشوارعها التي كانت الأشجار تصطف على جوانبها يوما، تحولت إلى طرق تحفها جذوع أشجار معروشة.

وتكدست أكوام النفايات في أحيائها وأسواقها، حيث يقف مئات الناس صفوفا للظفر ببضعة أرغفة يقيمون بها أودهم.

لم تعد حلب تلك المدينة التي كانت يوما إحدى أجمل مدن الشرق الأوسط التاريخية، فقد أخذت هيئة مغايرة جراء العنف وندرة المواد، وسكانها أصابهم رهقٌ وارتياب فتباينت مشاعرهم وأحاسيسهم.

وتبنى بعض مواطني المدينة وجهات نظر متباينة وصارخة للمستقبل، تتمحور حول فكرتين رئيسيتين، فإما عودة الاستقرار النسبي إلى حكومة الأسد، أو الانسياق وراء وعود الحكم الإسلامي.

وثمة من يرى أملا كالحا في المستقبل، حيث يصف الشرخ الذي حدث في مجتمعهم بأنه سيأتي يوم يتذكر فيه الناس هذه الفترة على أنها ذروة الاختبار الذي تعرضت له مدينتهم العريقة.

يقول الدكتور عمار ديار بكرلي الذي يشرف على عيادة طبية في مناطق شرق المدينة التي تقع تحت سيطرة "المتمردين"، إنهم تركوا رواتبهم العالية ووظائفهم وأوضاعهم الاجتماعية..

"لقد تركنا كل شيء في سبيل كرامتنا"، يضيف بكرلي.. "إنها الثمن الذي يتعين علينا دفعه، وهو ثمن بخس مقابل الحصول على حريتنا من براثن الطاغية".

لكن ليس كل الناس يشاطرون بكرلي نفس الرأي، فهذا جهير إيمان مصطفى الذي يعمل نقاشاً وسائق تاكسي وهو الآن عاطل عن العمل، يقول "نحضر كل صباح إلى العيادة طلبا للدواء، لكن دون جدوى، ثم نذهب إلى المخبز وننتظر هناك لساعات دون أن نحصل على رغيف، ويكون جزاؤنا الطرد".

ويضيف مصطفى -وهو سوري سني كان مؤيدا لحكومة الأسد- إن الأوضاع "كانت أفضل كثيرا من الآن".

ويواجه سكان حلب اقتصادا منهارا، وبنية تحتية مدمرة، وخدمات مقطوعة، ولا تلوح في الأفق بوادر لانتهاء الحرب. وشهدت الأسعار ارتفاعا جنونيا، وزادت تكاليف الضروريات ثلاثة أضعاف إلى 12 ضعفا.

ولا يتوقع أحد فرجا قريبا، بل يتنبؤون بمزيد من ارتفاع الأسعار مدفوعا بتدني سعر الليرة السورية.

المصدر : نيويورك تايمز