أطفال الصومال أول من يقضي جوعا
كتبت مراسلة صحيفة واشنطن بوست الأميركية سودارسان راغافان من العاصمة الصومالية مقديشو تصف حالة الطفلة الصومالية أنفا محمد البالغة من العمر ثلاثة أشهر فقط وترقد في مستشفى صومالي بأن بشرتها أصبحت سميكة ومتجعدة، ووجهها شاحبا مثل وجه امرأة طاعنة في السن.
وتكمل المراسلة: عيناها الدامعتان تحدقان في السقف بجمود بينما الذباب يحط مرة بعد مرة على جبينها. وبين برهة وأخرى تحرك أصابع يدها الهزيلة الصغيرة، وهي الإشارة الوحيدة على أنها لا تزال على قيد الحياة.
وزنها لا يتجاوز كيلوغرامين ونصف، ولكن هذا الرقم الهزيل يبدو منة في هذا المكان. وجهها لا تبدو منه إلا العظام وأمها ذات الستة عشر ربيعا فقط تعترف بأسى أن ابنتها أقرب إلى الموت منها إلى الحياة.
"أنا خائفة، إذا ظلت على هذا الحال سوف تموت،" تقول الأم ناتيشا محمد.
وتستمر راغافان في وصف المأساة قائلة: في هذا المشفى المزدحم والذي يشكو من قلة الكوادر تبدو آثار أسوا مجاعة في الصومال منذ عشرين عاما واضحة جلية. فإذا استدرت ناحية اليسار أرى رضيعا يعاني من سوء تغذية مزمن لا يقوى حتى على البكاء. وإذا استدرت ناحية اليمين أرى وجه طفل مغطى بلاصقات تثبيت أنبوب التغذية وقد انزلقت إلى داخل أنفه.
طفل آخر على بعد خطوات يتقشر جلده ليس فقط من سوء التغذية بل أيضا من الحصبة والملاريا. الجوع شوه جسده وحطم جهازه المناعي.
هذا الأسبوع ارتفع خطر المجاعة إلى مستويات جديدة مقلقة بعد أن أعلنت الأمم المتحدة أن الخطر امتد إلى ولاية صومالية سادسة، وأن هناك 750 ألف شخص مهدد بالموت خلال الأربعة أشهر القادمة إذا لم يتم رفع سقف المساعدات. مسؤولو الأمم المتحدة قالوا إن المجاعة حصدت أرواح عشرات الآلاف إلى حد الآن معظمهم من الأطفال.
وأضاف المسؤولون الأمميون أن عشرات الآلاف من الصوماليين ما زالوا يتدفقون على معسكرات الإغاثة في إثيوبيا وكينيا، وآلاف غيرهم وصلوا إلى هنا في مقديشو طلبا للعون من معسكرات الإغاثة المتنقلة التي أقيمت في المدينة.
وترى راغافان أن أولئك الذين يصلون إلى معسكرات الإغاثة هم المحظوظون من الصوماليين، حيث لا تزال مليشيات حركة الشباب المجاهدين والقاعدة -اللتان تسيطران على أجزاء كبيرة من جنوبي الصومال- تمنعان الأهالي من مغادرة المناطق المنكوبة.
وتعلق على المناظر التي يراها المرء في مستشفى بنادير في مقديشو بأنها تعكس التحديات التي يواجهها هذا البلد الأفريقي المبتلى بمصائب عدة من الحرب الأهلية إلى الجماعات المسلحة الإسلامية المتشددة إلى الحكومة الانتقالية الضعيفة التي تفتقر إلى القدرة على فرض سيطرتها رغم الدعم الهائل الذي تقدمه لها الولايات المتحدة وحلفاؤها.