الفرنسيون وهوس المؤامرة

IMF head Dominique Strauss-Kahn is seen with his lawyer Benjamin Brafman (L) at Manhattan Criminal Court, in New York, May 16, 2011. A New York judge denied IMF chief Dominique Strauss-Kahn bail on Monday, despite an offer from his defense team to put up $1 million in cash and surrender all his travel documents.

ستراوس كان على يسار محاميه في محكمة مانهاتن يوم 16 مايو/أيار (الفرنسية)

سخر الكاتب روجر كوهين من الهوس بنظرية المؤامرة الذي تملّك الفرنسيين في الفترة الأخيرة. وفي مقال بصحيفة نيويورك تايمز ضرب الكاتب أمثلة عن هذا الهوس، منها أن إذاعة فرنسية اتصلت به قبيل اغتيال أسامة بن لادن تطلب منه تقديم أدلة على الرواية الأميركية.

وقال إنه تحدث عن عينات الحمض النووي وتصريح الرئيس باراك أوباما والمعلومات الاستخبارية المتواترة، لكن المذيع لم يقتنع وأصر على أن الأمر كله لا يعدو سوى مؤامرة أميركية.

ثم تحدث عن قصة حدثت له في أحد مطاعم باريس مع أحد مديري شركة فرانس تيليكوم وكيف بدا مقتنعا بفكرة أن إسرائيل وراء هجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001 لأن اليهود لم يذهبوا للعمل في برجي التجارة ذلك اليوم.

60 % من الفرنسيين يعتقدون أن ما تعرض له دومينيك ستراوس كان هو مؤامرة تستهدف المرشح الاشتراكي للانتخابات الرئاسية

أما اليوم فيعود روجر كوهين لتفسير الفرنسيين لآخر حدث بنظرية المؤامرة، فيقول إن 60% منهم يعتقدون أن ما تعرض له المدير السابق لصندوق النقد الدولي دومينيك ستراوس كان هو مؤامرة تستهدف المرشح الاشتراكي للانتخابات الرئاسية قبل الانتخابات التمهيدية للحزب التي ستنطلق يوم 28 يونيو/حزيران.

واستخدم كوهين قاعدة تفسر مثل هذه المواقف بشكل عام: كلما كان المجتمع حرا، قلّ ميله نحو نظريات المؤامرة، وكلما زادت ثقافة التبعية يزيد الميل إلى توقع وجود أيد خفية وراء أي عمل.

وشرح الأمر بكون فرنسا لا تزال تعتمد على مركزية نابليونية حيث تسيطر عقلية الموظف، الذي يكون رده منطلقا من مبدأ التوكل على الدولة وانتظار الخلاص منها، واعتقاد أن السلطة تدبر كل شيء من أعلى.

وأوضح الكاتب أن فضيحة ستراوس كانْ سلطت الأضواء على الاختلاف بين الثقافتين الأميركية والفرنسية، وتجلى ذلك في النظام القضائي والصحافة والنظرة إلى الحياة الخاصة للشخصيات العامة خاصة الجنس وخطورة تهمة الاغتصاب، ولكن أهم نقطة تكمن في ما يتعلق بالسلطة. فاحترام السلطة في فرنسا إلى جانب اعتقاد نظرية المؤامرة اصطدم بالتطبيق الثابت للقانون في الولايات المتحدة حيث يتساوى الجميع مهما كانت خطورة الجريمة.

وقال الكاتب إنه قابل ستراوس كان منذ فترة طويلة، وبدا له ساحرا وذكيا جدا. ووجده مثيرا للإعجاب وعازما على تحديث الاشتراكية الفرنسية، وهي عملية طويلة تأخرت كثيرا وكانت النتيجة أن الحزب الاشتراكي الفرنسي أصبح ديناصورا أوروبيا. لكن لا علاقة لكل هذا بما إذا حاول اغتصاب خادمة الفندق، ولا قيادته الممتازة لصندوق النقد الدولي، لأن موهبة ستراوس كان (62 عاما) ليست هي القضية.

برنار هنري ليفي كثيرا ما تزعم الدفاع عن "الأفارقة المظلومين"، لكنه يدافع عن ستراوس كان ويقول إن اتهامه غير معقول

القضية هي أن رفاقه الفرنسيين يكررون القول إنه "لا يمكن أن يرتكب ما هو متهم به لأنه واحد منا، وهو بريء بهذا الانتماء"، وهذه المجموعة تتضمن برنارد هنري ليفي وجان دانيال وجاك لانغ. وركز الكاتب على دفاع ليفي واعتبره الأبرز، لأنه كثيرا ما تزعم الدفاع عن "الأفارقة المظلومين"، حيث قال "إنه ساحر وصديق للنساء خاصة زوجته، لكن ما حدث أمر وحشي وبديهي أنه غير معقول".

ويختم كوهين مقاله بالإشارة إلى جوهر الاختلاف فيقول "إننا أمام عدد كبير من الوقائع والأدلة التي لم تناقشها الصحافة الفرنسية، بل هي تصر على تفسير اتهام ستراوس كان بكلمة واحدة وهي غير معقول".

وقال كوهين "بن لادن مات، واليهود ذهبوا إلى العمل يوم 11 سبتمبر/أيلول، ورقم غرفة ستراوس كان في فندق سوفيتيل وهو 2806 سيبقى مجرد رقم، وستبقى نظرية المؤامرة ملجأ العاجزين والمنبوذين".

المصدر : نيويورك تايمز