نيويورك تايمز: مقتل عدو أميركا

AFP(FILES) An activist of ethnic Mohajir Quami Movement (MQM) carries a portrait of wanted terrorist Osama bin Laden while an activist shouts anti-US slogans during a demonstration in Karachi on October 7, 2001. A Pakistani

بن لادن "أصبح بطل العالم الإسلامي ليس كشخص بل كعقيدة" (الفرنسية-أرشيف)

كتبت صحيفة نيويورك تايمز بشأن مقتل بن لادن تقول: أسامة بن لادن هو ابن النخبة السعودية المتشددة الذي أراد إعادة بناء إمبراطورية إسلامية على طراز تلك التي سادت في القرن السابع الميلادي.

إن مهاجمته نيويورك وواشنطن في 11 سبتمبر/أيلول قد ساهمت في ترسيخ صورته في أذهان الأميركيين على أنه وجه من وجوه العداء ضد أميركا، واحتل بتهديده أميركا والغرب زاوية في أذهان الأميركيين كانت محجوزة في السابق لرموز من أمثال هتلر وستالين.

أصبح بن لادن العدو القومي الجديد لأميركا، وصوره على ملصقات الأشخاص المطلوبين للسلطات الأميركية ملأت الدنيا.

بعد ستة أيام من هجمات سبتمبر سأل صحفي الرئيس الأميركي السابق جورج بوش: "هل تريد لبن لادن أن يموت؟".

أجاب الرئيس آنذاك: "أريده، أريد العدالة. هناك ملصق على ما أذكر يقول إنه مطلوب حيّا أو ميتا".

تلك المطاردة انتهت بعد عقد من الزمان عندما هاجمت القوات الأميركية مجمعا كان بن لادن موجودا فيه.

شخصية غامضة وشبحية
بدأت المطاردة عام 2001 في جبال تورا بورا الأفغانية. ورغم أيام من القصف تمكن أسامة بن لادن من النجاة. وعلى مدى عشر سنين بعد ذلك، ظل أسامة بن لادن شخصية غامضة وشبحية وبعيدة المنال عن أيدي مطارديها الكثر.

أصبح بن لادن بطلا للعالم الإسلامي كما تقول نيويورك تايمز، ليس كشخص بل كعقيدة استطاعت أن توحّد فصائل الإسلاميين في رقعة كبيرة من الأرض تمتد من مصر إلى الشيشان ومن اليمن إلى الفلبين. كانت عقيدته الإسلامية المتشددة تقوم على عدم وجود حدود للأخوة الإسلامية.

كان الإرهاب والعنف في العالم قبل بن لادن يتلخص في كونه إرهاب دولة أي إرهابا ترعاه الدول، ولكنه مختلف فهو "إرهابي رعى دولة". فلمدة خمس سنوات بين عامي 1996 و 2001 وظّف أمواله لحماية طالبان الذين كانوا حكّام أفغانستان، واشترى بذلك الوقت الكافي وحرية التحرك اللازمة لتصبح مؤسسته مؤسسة دولية تغطي عملياتها العالم برمته.

بن لادن شنّ حربا دينية بأسلوب حديث (الجزيرة)
بن لادن شنّ حربا دينية بأسلوب حديث (الجزيرة)

داء سياسي
تشبه الصحيفة انتشار اسم القاعدة في السنوات الأخيرة في العالم وكأنه "داء سياسي" إلا أنها أشارت إلى أن قوة بن لادن وتنظيمه ومدى اتساع نفوذهما ظل موضوعا مختلفا عليه. فأعداد عناصر التنظيم وهل يمتلك التنظيم أسلحة دمار شامل أم لا؟ ظلت بدون إجابات دقيقة.

شنّ بن لادن حربا دينية ولكن بأسلوب حديث. ففتاواه كانت ترسل بالفاكس والإنترنت. وتفاصيل الأعمال التي يقوم بها عناصر التنظيم يتم حفظها على الأقراص المدمجة، ويستخدم عناصر التنظيم الحواسيب المحمية بكلمات مرور للتواصل فيما بينهم.

الصحيفة اتهمت بن لادن بالازدواجية، حيث تقول إنه كان ضد العولمة، ولكن في الوقت نفسه استفاد عملاؤه في أوروبا وأميركا من نظام العولمة الذي ساد العالم في شنّ هجماتهم، وأرسل عناصره ليندمجوا وينصهروا في الحضارة الغربية التي يقول إنه يحتقرها.

أعلن بن لادن نفسه على أنه مسلم زاهد، وابن الملياردير الذي هجر حياة الترف من أجل القضية. وتميز ذلك الرجل بحس إعلامي، حيث أصرّ طاقمه عام 1997 على عدم مغادرة طاقم قناة سي إن إن الذي أجرى مقابلة معه إلا بعد أن تتم عمليات مونتاج للمادة الفيلمية وإزالة اللقطات التي قد تسيء لبن لادن. وعندما أراد أن يرسل كلماته إلى العالم، أرسل إلى الصحفيين ليأتوا إلى الكهف الذي اختبأ فيه، ولكنه أيضا تصرف كأي مسؤول متمرس حيث أصر على أن يكتب الصحفيون أسئلتهم قبل بدء المؤتمر الصحفي.

ولد مشاكس
عرف عن بن لادن الذي كان المطلوب الأول عالميا، بأنه كان ولدا مشاكسا، ولطالما كان هدفا لتوبيخات والدته المستمرة.

في الشأن الفقهي، تقول الصحيفة إن الإسلام يفرق بوضوح متى يجب أن يبدأ الجهاد في سبيل الله والخط الأحمر الذي يوجب إنهاءها أو توقفها، إلا أن بن لادن أعلن أن العالم كله ساحة حرب مباحة، وهذا ما كان مصدر خلاف بينه وبين الكثير من علماء المسلمين.

الصحيفة تتعجب من حقيقة اختلاف الكثير من العلماء معه ورغم تلك الحقيقة يصر بن لادن في مقابلته مع سي إن إن على أنه ليس المذنب بل الولايات المتحدة، حيث يقول: "أميركا تريد احتلال بلادنا وسرقة ثرواتنا وفرض عملاءها ليحكمونا وتريدنا أن نقبل بكل ذلك، وإذا رفضنا فتقول عنّا إننا إرهابيون، عندما يرمي الأطفال الفلسطينيون حجرا على الاحتلال الإسرائيلي تقول الولايات المتحدة عنهم إنهم إرهابيون، في الوقت الذي أوقفت (الولايات المتحدة) إدانة الأمم المتحدة إسرائيل لقصفها مقراتها في لبنان بينما كانت تغص بالنساء والأطفال".

وتنقل الصحيفة أيضا عن بن لادن قوله "إنه في الوقت الذي يدينون فيه أي مسلم ينادي بحقوقه، يقومون باستقبال المسؤول الأعلى في الجيش الجمهوري الإيرلندي في البيت الأبيض بصفته زعيما سياسيا. أينما ولينا وجوهنا، سوف نرى أن الولايات المتحدة هي قائدة الإرهاب والجريمة في العالم".

المصدر : نيويورك تايمز