صحف إسبانيا: عقبات بثورة العرب

اهتمت الصحف الإسبانية بمستقبل التطورات في العالم العربي، ونبه بعضها إلى أن طريق الثورات ليس خاليا من العقبات والأخطار وقد يتطلب عقودا لاكتماله، فيما اهتمت أخرى بالعمليات العسكرية في ليبيا والمشاركة الإسبانية فيها.
ولاحظت صحيفة إلبريوديكو في افتتاحيتها كيف أن "الثورة العربية" لا تتوقف رغم القمع ووعود الانفتاح التي صدرت عن أكثر من نظام.
ورأت الصحيفة أن شعوب شمال أفريقيا والشرق الأوسط -وهي في غالبيتها مجتمعات شابة- "تخلصت من الخوف ولا تظهر مؤشرات على إمكانية تراجعها عن تطلعاتها"، معتبرة أن نجاح ثورتي مصر وتونس أعطى دفعا لبقية البلدان.
ولاحظت الصحيفة أنه رغم أن الثورة وصلت نقطة يصعب عندها التراجع، فإن ذلك يعني أن مسار الديمقراطية في العالم العربي سيكون سريعا ولا أنه لا توجد عقبات كثيرة على الطريق.
سيوجد من يخون روح الثورة ويشعر بالخيبة من بطء المسار أو من أن الفاعلين فيه ليسوا هم الأفضل ولا الأنسب |
تحول تاريخي
ونبهت إلبريوديكو إلى أن كل التغييرات الكبرى عبر التاريخ -وما يحصل في العالم العربي واحد منها- "لا تحصل في أسابيع ولا أشهر، لكن في سنوات وحتى عقود"، وحذرت من أنه سيوجد من يخون روح الثورة ويشعر بالخيبة من بطء المسار أو من أن الفاعلين فيه ليسوا هم الأفضل ولا الأنسب، وهي كلها أمور "يجب وضعها في الحسبان".
ورأت أن نجاح ثورة العرب لا يعود إليهم وحدهم، "بل أيضا إلى العوامل الخارجية التي من شأنها التأثير على النتائج"، ونبهت إلى أن مصالح الولايات المتحدة مثلا ذات أهمية كبرى في البحرين واليمن والسعودية من حيث الطاقة والأمن، وعلى العكس، أهم المصالح الموجودة في ليبيا هي للأوروبيين.
وبشأن الموقف الأوروبي اللازم، خلصت إلى أنه في مثل هذا المشهد لا يمكن للأوروبيين السماح بحلول الفوضى، كما لا يمكنهم أن يخيبوا آمال من يخاطرون بحياتهم على الضفة الأخرى من البحر الأبيض المتوسط.
قرار عسكري
وفي مقاله بصحيفة إلباييس ناقش آنخيل بينياس (وهو سفير الاتحاد الأوروبي سابقا لدى الأمم المتحدة وأستاذ في جامعة كومبلوتنسيه) ما يقال عن نقاط غامضة في قرار مجلس الأمن المتعلق بليبيا 1973، ونبه إلى أن الانتقادات التي صدرت عن رئيس الوزراء الروسي والأمين العام للجامعة العربية "لا تتواءم وطبيعة الأمور"، وأكد أن القرار الصادر تحت الفصل السابع ذو طابع عسكري بالأساس.
وينبه بينياس إلى تضمن القرار إشارة واضحة إلى عدم إدخال أي قوة احتلال إلى ليبيا، وإلى أن الهدف السياسي النهائي لم يعرف بشكل محدد، لكن المجلس سيراقب أعمال السلطات الليبية من أجل مراجعة التدابير.
ويرى الكاتب أن القرار ليس "شيكا على بياض، ولا يمكن أن يكون كذلك"، وأنه رغم سيادة المجلس فإنه محكوم أيضا بقراره وسيتأثر في مراجعته بتطور الموقف وما إن كان القذافي سيوقف الهجمات على المدنيين أم لا، ليخلص إلى أن إسبانيا بمشاركتها في تطبيق القرار تتماشى مع الشرعية الدولية كما كان عليه الحال عام 1991 (حرب الخليج الثانية)، وذلك خلافا لمشاركتها في غزو العراق في 2003.
ديكتاتورية القذافي لم تجتح بلدا مجاورا ولا دليل على وجود خطر بحدوث ذلك، لذا فالقرار الدولي مثير للقلق |
مصدر قلق
من جانبه رأى الكاتب ثيسار بيدال في مقال في لاراثون أن القرار 1973 "انحراف خطير" عن مبدأ عدم التدخل المسلح في الشؤون الداخلية، وهو مبدأ ظل لقرون من أهم قواعد القانون الدولي.
وذكر بأن الظرف الذي يكون فيه التدخل ممكنا هو تهديد السلم الدولي، وذلك أساسا من خلال "تغيير الحدود"، وهو ظرف يرى أنه لا ينطبق على الحالة الليبية.
ورأى بيدال أن ديكتاتورية القذافي ساعدت بالفعل جماعات إرهابية ومولتها وآوتها، لكن لم يكن ذلك في الوقت الحالي، كما أنها لم تجتح أراضي أي بلد مجاور ولا دليل على وجود خطر في حدوث ذلك، لذا كان القرار الدولي "مثيرا للقلق" بالنسبة إليه.
أما صحيفة آ بي ثي فانتقدت في افتتاحيتها ما عدته دخولا غير محسوب لإسبانيا في حرب بليبيا في غياب معلومات عسكرية، رغم أنها وصفت التدخل بـ"الضروري لمساعدة من يعملون على وضع حد لديكتاتورية القذافي الدموية".
ورأت الصحيفة أنه دون تقييم الأخطار والتهديدات ودون نشر عسكريين مهنيين في منطقة النزاع قد تكون إسبانيا أمام "أزمة حرب".
وشددت على أنه في حالة الحرب يكون من المؤثر غياب خطط وتقارير أعدت على الأرض، واتهمت الحكومة الاشتراكية الحاكمة بأنها تعمل دون تخطيط.