واشنطن تخشى عدوى فوكوشيما

25/3/2011
نبه خبير أميركي من أن المفاعلات النووية القديمة بالولايات المتحدة تشكل خطرا حقيقيا على البلاد، وهو ما يستدعي من السلطات المعنية تطبيق إجراءات للسلامة متطورة كي تتفادى كارثة قد تتعدى في أضرارها ما شهدته فوكوشيما اليابانية.
هذا تحديدا ما قاله الخبير النووي فيكتور غازنتسكي الذي شغل منصب مدير الوكالة الأميركية للطاقة النووية ما بين 1975 و1979 وكان واحدا من كبار الخبراء المشرفين على حادث تسرب مفاعل ثري مايل.
ويرى غازنتسكي أن ما جرى في محطة فوكوشيما النووية باليابان أعاد الجدال أميركيا حول سلامة المنشآت النووية القديمة فضلا عن أنها فتحت النقاش عالميا حول سلامة استخدام الطاقة النووية بشكل عام.
ويذكر الخبير الأميركي أن من أصل 13 مفاعلا نوويا على طول السواحل اليابانية التي تضررت بالزالزال وأمواج المد البحري (تسونامي) لم تتأثر سوى المفاعلات الأربعة القديمة، رغم أن المفاعلات الجديدة خرجت ببعض الأضرار دون أن تسبب أي خطر نووي.
معايير السلامة
ومن باب التوضيح، يقول غازنتسكي إن التحقيقات المفصلة ستكشف بشكل لا يرقى للشك أن المفاعلات اليابانية القديمة صممت طبقا لمعايير محددة للسلامة النووية أقل بكثير من نظيراتها المطبقة حاليا بمختلف أنحاء العالم، ناهيك عن أنه لم يتم تطوير تلك المعايير بشكل يوفر على الحكومة مخاوف التعرض لتسريب إشعاعي محتمل.
وينبه إلى أن الشركة القائمة على المفاعلات النووية الأربعة بمحطة فوكوشيما سارعت بعد حدوث الهزة المدمرة إلى وقف العمل لكن المواد المشعة في وقود المفاعل- المكون من اليورانيوم- واصلت توليد طاقة حرارية حتى بعد توقف المفاعلات، ولم يكن بمقدور السلطات تبريدها بسبب انقطاع التيار الكهربائي ووقف المضخات عن العمل، وتعطل المولدات الاحتياطية التي تعمل بالديزل.

هذا الوضع -يقول غازنتسكي- أدى إلى تفاعل الأنابيب المغلفة بالزركونيوم -وهو عنصر كيميائي مقاوم للتآكل- مع الحرارة مما أدى إلى انطلاق الهيدروجين الذي امتزج مع الهواء مما أدى إلى وقوع انفجارات أضرت بالبنى المحيطة بالمفاعل.
ويشير الخبير إلى أن المفاعلات النووية الأميركية القديمة لا تختلف كثير عن نظيراتها في فوكوشيما الأمر الذي يفرض على السلطات المعنية تطبيق معايير صارمة للسلامة النووية لاسيما أن ما حدث في مفاعل ثري مايل عام 1979 أثبت أنه يمكن لوقود المفاعل الوصول وبسرعة لدرجة الانصهار في حال لم يتم تبريده بشكل عاجل.
ثري مايل
وأوضح أنه -وبالعودة إلى تفاصيل حادثة ثري مايل- انصهر نصف قلب المفاعل خلال الساعتين الأوليين من الحادث لكن الانصهار توقف حالما انتقل المفاعل إلى نظام التبريد الاحتياطي المستخدم في حالة الطوارئ والذي كان شخص ما قد أطفأه بدون قصد.
ويتابع غازنتسكي أن حادثة ثري مايل أقل خطورة بكثير مما جرى في فوكوشيما لكنها كانت كافية لتثبت لنا بشكل قاطع أنه من غير الممكن معرفة درجة الانصهار إلى بعد سنوات، أي عندما يتراجع المستوى الإشعاعي بشكل يسمح للخبراء بتفحص قلب المفاعل، وبعبارة أخرى قد ينتظر العالم عدة سنوات قبل أن يدرك ماذا جرى بالضبط في فوكوشيما.
وذكر أن الوقود المنصهر والمتبخر عادة ما يتسبب بإطلاق مواد مشعة مثل السيزيوم-137، وفي حال وصلت المواد المشعة إلى نسب تركيز مرتفعة فسيصبح من المحال العيش بالمناطق المجاورة كما حدث في مفاعل تشيرنوبل بأوكرانيا والذي طالت آثاره مناطق في بيلاروسيا وروسيا نفسها.
التطوير
وطالب غازنتسكي الحكومة الأميركية بأن تسارع في تطوير معايير السلامة بالمفاعلات القديمة مذكرا أن أكثر من مائة مفاعل نووي أميركي يعود إلى أكثر من ثلاثين عاما وبنى في إطار معايير سلامة أقل بكثير من نظيراتها الحالية.
وحذر من أن أجهزة قياس رصد الهزات الأرضية المرتبطة بتلك المفاعلات قديمة وتعكس قراءات تقلل من درجة الاهتزازات التي قد تضر بالمفاعلات، فضلا عن أن عشرين من مفاعلات الماء -التي تعمل على غلي الماء في حجيرات الضغط- تتطابق مواصفاتها مع تلك الموجودة بمحطة فوكوشيما.
المصدر : فورين أفيرز