هزيمة التاميل هل تعني انتهاء التمرد؟

قالت صحيفة تايمز البريطانية في مقال للكاتب مايكل كلارك إن الجيش السريلانكي يجري احتفالات بالنصر بعد أن استولت قوات النخبة لديه على الملاذ الأخير لنمور التاميل في منطقة "خور ميولاثايف" بفضل ما وصفه بدعم عسكري صيني.
وأوضح كلارك وهو مدير المعهد الملكي للخدمات المتحدة في بريطانيا في مقاله أن الجيش السريلانكي ربما ألحق الهزيمة بمقاتلي نمور التاميل مستدركا بالقول إن الأمور لم تنته بعد.
وأضاف أن الحكومة تلقت دعما عسكريا من بكين منذ عام 2007 شمل جميع أنواع الأسلحة التي تحتاجها في مقابل إنشاء ميناء مهامبنتوتا الإستراتيجي في جنوب البلاد.
ومضى إلى أن الحكومة السريلانكية ستواجه غضبا دوليا إثر ذلك الانتصار "الدموي" في ظل ما سببه من معاناة للمدنيين في البلاد.
" مائة ألف مدني لاقوا حتفهم جراء المعارك ضد نمور التاميل، وثلاثون ألفا قضوا في العامين الماضيين فقط، وهو ما يشكل وصمة تلاحق الحكومة على الدوام |
القتلى المدنيون
وقال الكاتب إن حوالي مائة ألف مدني كانوا قد لاقوا حتفهم جراء المعارك ضد نمور التاميل، مشيرا إلى أن ثلاثين ألفا من المدنيين قضوا في العامين الماضيين فقط، مما يشكل وصمة تلاحق الحكومة على الدوام.
وترى الحكومة في المقابل أن التاريخ سيسجل لها نصرا عسكريا مؤزرا بعد ستة وعشرين عاما من القتال ضد قوات المتمردين التي ترى أنها كانت تشكل نموذجا للتصميم لا يعرف إلى الرحمة سبيلا، وفق الكاتب.
وقال كلارك إن نمور التاميل كانوا يجيدون مزج الخوف والرعب في الحملات الإعلامية العالمية، وكانوا يديرون سلاحا بحريا متميزا ويمتلكون قوات جوية صغيرة لا يمكن ردعها، إلى أن زود الصينيون كولومبو بست طائرات حربية من طراز أف7.
الغاية والوسيلة
وتعتبر الحكومة السريلانكية أن الغاية تبرر الوسيلة عند انتصارها على تمرد دام طويلا لقوات نمور التاميل التي كانت تسيطر على قرابة ثلث مساحة البلاد بالإنابة عن التاميل الذين يشكلون حوالي خمس السكان.
ومضى إلى القول إن نمور التاميل قد يكونون قساة لا يعرفون الرحمة، ولكن الأغلبية السنهالية متهمة أيضا بأنها كانت تمارس التمييز والتعصب في البلاد وهو ما كان يثير استياء الأقلية التاميلية.
وشكك الكاتب في قدرة حكومة الرئيس السريلانكي ماهيندا راجاباكسي على وقف دورة الخوف والكراهية التي تتناقلها الأجيال في البلاد.
" لا توجد أمثلة واضحة مقنعة في التاريخ على أنه يمكن القضاء على حركات التمرد الجدية عن طريق القوة المسلحة وحدها |
حركات التمرد
ومضى إلى أن الحكومة السريلانكية تفترض أن الحملة العسكرية انتهت وأتت أكلها، موضحا أنه لا توجد أمثلة واضحة مقنعة في التاريخ على أنه يمكن القضاء على حركات التمرد الجدية عن طريق القوة المسلحة وحدها.
وأشار الكاتب إلى أن حوالي نصف حركات التمرد في العالم منذ 1945 نالت حكما ذاتيا، وأن أقل من ربعها بقليل تمكنت في نهاية المطاف من النجاح في الانفصال عن البلاد أو السيطرة على الحكومة بالكامل.
وشبه كلارك الوضع في سريلانكا بذاك الذي في الشيشان، حيث قالت موسكو إن حملتها العسكرية في الشيشان اكتملت وإن حربها قد انتهت، ولكن كل ما فعلته روسيا هو أنها تركت بلاد الشيشان ضعيفة مدمرة، وربما رضي الشيشانيون بالهيمنة الروسية أو بالأمر الواقع نتيجة ما لحق بهم من تعب وإرهاق وليس عن طيب خاطر حسب تعبير الكاتب.
وقال الكاتب إن الحكومة السريلانكية لا ينبغي لها أن تكون واثقة كثيرا بالنصر، لأنها إذا كانت قد هزمت نمور التاميل، فإنها لم تهزم القومية التاميلية في البلاد، حتى وإن كانت الأخيرة تعيش حالة من الصدمة لما جرى، ومن يدري ما ستفعله في السنوات القليلة القادمة؟