كيف يخدع الرئيس الباكستاني الغرب?

AFP- Pakistani President Asif Ali Zardari arrives at 10 Downing Street in central London, on May 13, 2009. Pakistan fighter jets and attack helicopters pounded Taliban targets in the northwest on Wednesday as President Asif Ali Zardari called for global help to avert a humanitarian catastrophe. Hundreds of thousands of civilians have escaped the punishing

 الكاتبة: زرداري حصل عبر لعبته المزدوجة على مساعدات أميركية سخية (الفرنسية-أرشيف)

بقلم: *فاطمة بوتو (من مجلة فورين بوليسي)

أفلح الرئيس الباكستاني آصف علي زرداري بعد مرور أقل من سنة على تسلمه سدة الحكم في زج الجيش الباكستاني – سابع أكبر جيش في العالم- في حرب عصابات مع مقاتلي حركة طالبان الباكستانية الحديثة التشكيل في ولاية الحدود الشمالية الغربية, وهناك شائعات تبث يوميا عبر شاشات التلفزيون الباكستاني ووسائل الإعلام المطبوعة والمسموعة عبر أثير محطات الإذاعة عما يعرف ببعبع الطلبنة, وكيف أن من يقف وراء تلك الشائعات قد سولت لهم أنفسهم أمرا وقلبوا الأمور وصوروا طالبان على أنهم المتوحشون والبرابرة الذين يضمرون لنا الشر على أبوابنا وأنه حان الوقت للالتفاف حول الرئيس المداهن الذي يطلق عليه محليا بالأوردو لقب "غداري"، ومعناه الخائن.

ومع ذلك فقد ولى عهد الذعر والالتباس, فما قام به زرداري بالضبط كان استغلاله السياسي للهستيريا القومية حيث رحب بانتهاك طائرات الأميركيين غير المأهولة للمجال الجوي الباكستاني وشن حربا لا تستطيع حكومته الانتصار فيها.

بعد هجمات 11 سبتمبر/أيلول عام 2001 شاهدت باكستان نخبتها السياسية والاقتصادية تدير ظهرها لأول مرة لحلفاء باكستان التقليديين وهم الأميركيون بعدما احتلت الولايات المتحدة أفغانستان ثم العراق, فقد أيد الباكستانيون معارضة السياسة الخارجية الأميركية ودعموا على نحو لم يفعلوه من قبل الأحزاب الإسلامية في انعطافة غير متوقعة مما أدى إلى سيطرتهم على الحكومات المحلية وتشكيل حكومات إقليمية في ولاية الحدود الشمالية الغربية.

كان أداء الأحزاب الإسلامية الباكستانية في الماضي في الانتخابات القومية هزيلا ولم يتعد عدد المقاعد التي حصلوا عليها في البرلمان حفنة من المقاعد, ولكنهم في انتخابات 2002 تمكنوا من الحصول على عدد من المقاعد منحهم حق المشاركة في تحالفات وائتلافات لدخول السلطة على المستوى القومي, وكان هذا يؤذن بشر مستطير بالنسبة للنخبة الحاكمة التي تشكل أقلية صغيرة ولكنها قوية وتشكل قلعة للدفاع عن المصالح الغربية.

بعدما تسلم زرداري السلطة عام 2008 إثر انتخابات تمت على عجل, استغل مشاعر الكراهية للأميركيين المستشرية في أوساط الشعب الباكستاني، وعزز من قوة طالبان الباكستانية الحديثة العهد التي دخلت المسرح السياسي متزامنة مع زرداري عن طريق موافقته على تطبيق قانون الشريعة الإسلامية في وادي سوات وهي نفس المنطقة التي بدأت الحكومة بعد شهر من ذلك في قصف مركز لها بمساعدة أميركية.

منح زرداري المسلحين ما أرادوه بدون اللجوء إلى انتخابات ولا استفتاء، وفرض قانون طالبان على وادي سوات بالقوة, وباليد الأخرى انقض على الأصولية واستغل الفرصة المواتية من أجل العودة بنخبة الأمة لتشكيل حكومة خنوعة مؤيدة للأميركيين.

تم تشخيص طالبان على أنها أكبر خطر يهدد أولي الأمر والنهي في كل من كراتشي وإسلام آباد ولاهور وصوروها على أنها تهدد القيم والزي وحياة الباكستانيين ويجب التعامل معها بحزم من أجل الحفاظ على سلامة البلد, وفي وقت شنت فيه طالبان غارات داخل باكستان في العام الماضي, فإنه مما لا شك فيه أنهم قاموا بذلك بموافقة ضمنية من الحكومة ولولا تلك المساعدة الحكومية لكان على طالبان الانتظار طويلا قبل أن يتمكنوا من ممارسة السلطة والحكم بأي شكل متماسك.

ربما نجح زرداري في لعبته المزدوجة في الحصول على مليارات الدولارات من المساعدات الأميركية، وكان لزرداري نصير قوي في واشنطن وهو ريتشارد هولبروك الذي حذر الكونغرس من مغبة عدم تقديم المساعدات فورا إلى باكستان وبخلاف ذلك ستكون الحرب على ما سماه الإرهاب في خطر قاتل, ولكن ذلك أفقده باكستان، ونحن نشاهد الأعداد الهائلة من المشردين والنازحين التي تزداد بسرعة ليصل عددها مليونيين ونحن نشاهد الجيش الباكستاني يقتل مواطنينا, وعليه فليس من المفاجئ أن تكشف هيئة الإذاعة البريطانية الناطقة بالأوردو أن الحكومة الباكستانية لا تسيطر عليه سوى 38% من منطقة الحدود الشمالية الغربية وهي نسبة من المؤكد أنها ستتقلص خلال الأسابيع القادمة.
__________________________________________

* فاطمة بوتو: ابنة أخ بينظير بوتو رئيسة الوزراء السابقة وزوجة الرئيس آصف علي زرداري، وهي كاتبة في مجلة نيو ستيتسمان وديلي بيست، وتعد كتابا عن باكستان سينشر في عام 2010.
المصدر : الصحافة الأميركية