صحيفة: اليسار الأوروبي لم يكسب من الأزمة المالية

من الطبيعي أن يتصور المرء أن تحقق السياسات اليسارية مكاسب من أي أزمة تعصف بالرأسمالية, وإلا فلماذا ظهر اليسار للوجود أصلا؟ ألم يكن للقضاء على الرأسمالية أو على الأقل ترويضها؟ غير أن ذلك التصور لم يكن دائما صائبا في الماضي والمؤكد أنه ليس صائبا اليوم في أوروبا.
بهذه المقدمة بدأ الكاتب جون لويد مقالا بصحيفة فايننشال تايمز لاحظ في بدايته أن التأييد لكل الأحزاب اليسارية الرئيسة في الدول الأوروبية الكبيرة, سواء كانت تلك الأحزاب داخل الحكومات أم خارجها, لا يتعزز.
وحسب توقعات الخبراء ستستمر أحزاب يمين الوسط أكبر كتلة داخل البرلمان الأوروبي بعد انتخابات يونيو/ حزيران القادم.
ورغم أن أفضل نتيجة يحققها اليساريون في دولة أوروبية كبرى هي التي حققها الحزب الاشتراكي الإسباني, بزعامة رئيس الوزراء جوزيه لويس ثاباتيرو, في انتخابات مايو/ أيار من العام الماضي, فإن تفاقم البطالة في هذا البلد لتصل 14% يعني أن التأييد لهذه الحكومة بدأ ينهار, وهو ما عكسته نتائج انتاخبات مدينة غاليثيا الشهر الماضي التي خسرها الاشتراكيون لصالح أحد أحزاب يمين الوسط.
وتظهر استطلاعات الرأي تقدما واضحا للأحزاب اليمينية في كل من إيطاليا وبريطانيا وألمانيا وغيرها من الدول الأوروبية الأخرى.
فما الذي أصاب اليسار إذن؟ يرجع المعلق المجري تيبور دسوفي سبب تعرض الجناح اليساري لضغوط متزايدة إلى "الخوف من الإرهاب والقلق المتزايد من الهجرة والجدل بشأن الرعاية والأنظمة الاجتماعية".
أما زعيم حزب العمال الهولندي ووتر بوس فرأى في خطاب له بلندن العام الماضي أن ما يتعرض اليسار الأوروبي ناتج عن ضغوط العولمة التي قال إنها "تقلل من فاعلية السياسات التي نروج لها نحن اليساريين، فهي تؤثر على التلاحم الذي هو شريان حياتنا, كما أنها تؤذي توجهاتنا العالمية التي هي جوهر مهمتنا".
ويعتقد أولاف كرامي, مدير منتدى سياسة يسار الوسط المعروف بـ"باليسي نتوورك", أنه رغم حجم الأزمة التي تمر بها الليبرالية الجديدة, لم تلق اقتراحات اليساريين حول إعادة صياغة الرأسمالية قبولا يذكر، لأن "يسار الوسط يجد صعوبة في طرح بديل ذي مصداقية يضمن تحقيق الثروة والأمن".
وربما يجد اليساريون العزاء في كون الأدلة المتوفرة حتى الآن لا تظهر تقدما لأحزاب اليمين المتطرف, وإن كانت التجربة علمتنا أن ذلك قد يحدث فجأة ودون سابق إنذار.