ترويض دولة المافيا في أفغانستان

Afghan President Hamid Karzai kisses a large copy the Koran during his swearing in ceremony as the country's president for another five years at the Presidential Palace in Kabul on November 19, 2009.

كرزاي أثناء تأدية اليمين الدستورية لولاية ثانية (الفرنسية)

تناولت مجلة الإيكونوميست قضية استفحال الفساد في أفغانستان ومطالبة الغرب والمجتمع الدولي للرئيس الأفغاني حامد كرزاي بشن حملة شعواء على الفساد داخل بلاده وحكومته بعد إعادة انتخابه وتنصيبه رئيسا لولاية ثانية.

فقالت إن ما كان المجتمع الدولي  يطمح إلى سماعه من الرئيس كرزاي وهو يؤدي قسم تنصيبه لولاية ثانية, هو التزامه باتخاذ موقف حازم من قضية الفساد.

وفي هذا السياق قالت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون أثناء زيارتها كابل بمناسبة تنصيب كرزاي إن أمامه فرصة كي يخرج بنتائج مهمة, في حين قال مسؤولون أميركيون إن أمام كرزاي مهلة ستة أشهر للتصدي لما تسمى دولة المافيا في أفغانستان.

"
رغم أن كرزاي أعلن في خطاب تنصيبه أن على الوزراء في إدارته أن يتصفوا بالكفاءة والنزاهة, فإن تصرفاتهم لا تبدد هواجس الغرب
"

سجال بين كرزاي والغرب
ورغم أن كرزاي -حسب المجلة- أعلن في خطاب تنصيبه أن على الوزراء في إدارته أن يتصفوا بالكفاءة والنزاهة, فإن تصرفاتهم لا تبدد هواجس الغرب.

وردا على سؤال حول الفساد في حكومته، قال الرئيس الأفغاني في مقابلة مع إحدى شبكات التلفزة الأميركية  إن على المانحين الأجانب أن يكونوا نظيفي اليدين وغير مبددين لأموال التنمية.

لكن المجلة تستطرد قائلة إن تلك الممارسات تعتبر قانونية على الأقل على النقيض من ممارسات الحكومة الأفغانية التي تمنح الوظائف للمسؤولين الذين يعيدون جباية تلك الأموال عن طريق الابتزاز والإكراه, ناهيك عن الحصانة التي يتمتع بها المتورطون بقضايا الفساد.

فقد بلغ الفساد في أفغانستان -كما تقول الإيكونوميست- شأنا كبيرا لدرجة أن البعض اقترح تعيين مدعين عامين دوليين لمكافحة الفساد وهو أمر ترفضه حكومة كرزاي بحجة انتهاكه للسيادة الأفغانية.

وعليه فقد برزت فكرة إقامة هيئات لتطبيق القانون بإشراف مكتب التحقيقات الفدرالي الأميركي والوكالة البريطانية لمكافحة الجريمة المنظمة الخطيرة على أمل اعتقال بعض كبار تجار المخدرات والمسؤولين الذين يمارسون الفساد لإثبات أنه ما من أحد فوق القانون أو يحظى بالحصانة ضد المساءلة.

وتعمل هيئة مكافحة المخدرات المعروفة باسم (إف بي آي أفغانستان) التي تناط بها مهمة إلقاء القبض على تجار المخدرات وسجنهم ومحاكمتهم منذ بعض الوقت تحت إشراف الوكالة البريطانية لمكافحة الجريمة المنظمة وهي المسؤولة عن إدانة أحد كبار تجار المخدرات الذي منحه كرزاي العفو.

"
بلغ الفساد في أفغانستان شأنا كبيرا لدرجة أن البعض اقترح تعيين مدعين عامين دوليين لمكافحة الفساد وهو أمر ترفضه حكومة كرزاي بحجة انتهاكه السيادة الأفغانية
"

وبحسب المجلة فقد أحرزت الوكالة أول نجاح كبير لها هذا العام حين تم الإيقاع بأحد كبار تجار المخدرات وإبراز الدليل ضده المتمثل في شريط مسجل لاتصالاته الهاتفية.

كما أن الناتو أصبح شريكا في عمليات مكافحة المخدرات حيث ستقوم قوة مكافحة المخدرات بجمع الأدلة عن المشتبه بهم وتمرير المعلومات إلى ما يسمى بقوة مكافحة الجريمة التي لديها قضاة يتمتعون بالحماية والحراسة المشددة والتي يؤمل أن تكون بمنأى عن التخويف والترهيب.

ويأمل الدبلوماسيون أن يتم الإعلان قريبا عن مقاضاة بعض كبار المسؤولين بمن فيهم بعض الوزراء بالرغم من أن حكام الولايات يتمتعون بالحصانة.

وتشير الإيكونوميست إلى أن الأميركيين يعتبرون أن الاختبار الهام بالنسبة لجدية كرزاي في مكافحة الفساد يتمثل في إقصائه لأخيه غير الشقيق أحمد والي كرزاي علما أن كلاهما ينفي تورط أحمد والي في تجارة المخدرات, مع العلم أن بعض المساعي الأجنبية في أفغانستان تعتمد على صلة أحمد والي المزعومة بوكالة المخابرات المركزية رغم نفيه العمل معها.

وفي سياق متصل قال أحد المسؤولين في الناتو إن سوء استخدام والي لمنصبه أزعج الكثيرين وساعد في زيادة التأييد لطالبان لكنه حشد كثيرا من الأنصار للحكومة كذلك, وأضاف ذلك المسؤول الذي رفض الإفصاح عن هويته أن أحمد والي كان وحده من تمكن من إبقاء قندهار ثاني المدن الأفغانية من حيث الأهمية موحدة متماسكة حتى الآن.

المصدر : إيكونوميست