الصحف البريطانية: محاذير وتحديات تواجه استقلال كوسوفو

أيقونة الصحافة البريطانية

حظي استقلال كوسوفو عن جمهورية صربيا الذي أعلن أمس باهتمام بالغ من الصحف البريطانية الصادرة صباح اليوم، فأفردت للحدث مساحات واسعة وتناولته بالتغطية والتحليل والتعليق.

فصل جديد

"
إذا كانت النزاعات المجمدة في الاتحاد السوفياتي السابق تعد سابقة، فإن الجيب الصربي في ميتروفيشا قد يتحول بلا أدنى ريب إلى حلبة لصدامات عرقية جديدة
"
الغارديان

تساءلت صحيفة غارديان عن ما إذا كان استقلال إقليم كوسوفو، الذي يشكل 15%من جمهورية صربيا، هو آخر فصل من فصول تفكك جمهورية يوغسلافيا الذي بدأ قبل 17 عاما.

وتعتبر الصحيفة هذا التطور حلا أحادي الجانب يشكل عائقا إضافيا أمام النظام العالمي الجديد، خاصة أنه يفصل في النزاعات بنهج متعدد الجوانب.

وقالت "إذا كانت النزاعات المجمدة في الاتحاد السوفياتي السابق تعد سابقة، فإن الجيب الصربي في ميتروفيشا قد يتحول بلا أدنى ريب إلى حلبة لصدامات عرقية جديدة".

وشككت الصحيفة في قدرة الاتحاد الأوروبي على التعاطي عسكرياً أو سياسياً مع الدولة الحديثة الولادة، مشيرة إلى أن أوروبا منقسمة بالفعل بشأن الاعتراف بها، وأن دولا خارج منطقة البلقان مثل إسبانيا تعقد بينها مقارنات مزعجة مع نزعات انفصالية في بعض أقاليمها، في إشارة إلى إقليم الباسك الإسباني الذي يناضل هو الآخر لنيل استقلاله.

وتختم غارديان افتتاحيتها بالقول "إن القضية الآن ليست فيما إذا كان الاستقلال سيعالج أخطاء الماضي بل في قدرته على التعاطي مع المستقبل".

الرحلة الطويلة
لم تتوان صحيفة إندبندنت عن الإفصاح في افتتاحيتها عن المحاذير التي ينطوي عليها استقلال كوسوفو، مشيرة إلى أن ثمة خطورة من أن تمثل هذه الخطوة سابقة ستفسرها بعض الدوائر على أنها إطار لحل مشكلات مماثلة.

وقالت إن مؤيدي استقلال كوسوفو، بما فيهم الولايات المتحدة ومعظم أقطار الاتحاد الأوروبي، لا يرون أن للاعتراف بكوسوفو أية تداعيات بعيدة الأثر، مضيفة أن ذلك على أية حال ما تراه روسيا أو الجزء اليوناني من قبرص أو بعض الدول الأخرى التي تعتقد أنها قد تفقد أو تكسب جيوبا من الأراضي على أساس عرقي قياسا بما جرى لكوسوفو.

ولعل الصحيفة آثرت أن تمسك عن الإشارة إلى بريطانيا كإحدى الدول التي تواجه مطالب من بعض أقاليمها بالانفصال كما هو الحال في أسكتلندا وإيرلندا الشمالية.

وتقول الصحيفة إن الاعتراف الدولي باستقلال كوسوفو سيكون منقوصا على الأرجح في بادئ الأمر حتى بين من يدعمونه، وإن الكثيرين سينتابهم القلق من تلك الخطوة.

ومضت إندبندنت إلى القول في ختام افتتاحيتها إنه سيتعين على كوسوفو أن تراعي بنود إعلان استقلالها حرفيا، وإن على أي فرد في المنطقة التعامل مع الموضوع بحرص إذا كان لا يريد لفرحة الأمس أن تتحول إلى دموع، ذلك أن "رحلة كوسوفو الطويلة نحو تأسيس الدولة قد بدأت للتو".

تحديات وعقبات

"
على رئيس وزراء كوسوفو هاشم تاتشي تعزيز الضمانات الممنوحة للأقلية الصربية بتبديد مخاوفها من أي تطلعات قومية لتأسيس دولة ألبانيا الكبرى التي تضم كوسوفو وأقرباءها في ألبانيا ومقدونيا
"
تايمز

وفي نفس السياق كتبت صحيفة تايمز تقول إن نشوة الأمس ابتهاجا بالاستقلال ما تلبث أن تتبدد، لأنه بعد رفع الأعلام وإطلاق الألعاب النارية واحتفالات الشوارع على شعب كوسوفو أن يتصدى للتحديات التي أفرزها إعلان الاستقلال من داخل البرلمان.

ونوهت الصحيفة بأن من بين تلك التحديات على الجانب الدبلوماسي ذلك الغضب المعتمل في صربيا، ومعارضتها القوية لاستقلال أحد أقاليمها عنها.

وعلى الصعيد الداخلي، فإن على الكوسوفيين التصدي لمشكلات الفقر وارتفاع معدلات البطالة واستياء 120 ألفا من الأقلية الصربية من الاستقلال عن صربيا الأم.

أما على المستوى الدولي, فترى الصحيفة أن الدولة الناشئة قد أحدثت انقساما داخل الاتحاد الأوروبي كما أنها ستصطدم بفيتو روسي يحول دون محاولتها الانضمام إلى عضوية الأمم المتحدة.

وبالنظر إلى تلك العقبات القانونية والدبلوماسية، فإن على رئيس وزراء كوسوفو هاشم تاتشي تعزيز الضمانات الممنوحة للأقلية الصربية بتبديد مخاوفها من أي تطلعات قومية لتأسيس دولة ألبانيا الكبرى التي تضم كوسوفو وأقرباءها في ألبانيا ومقدونيا.

كما يتحتم عليه أن يقلل من آمال شعبه المبالغ فيها بأن نيل الاستقلال سيجلب معه ازدهارا سريعا على حد رأي تايمز.

المصدر : الصحافة البريطانية