بيروت أمام تغيير سياسي محفوف بالمخاطر

أيقونة الصحافة السويسرية

تامر أبوالعينين – سويسرا

علقت الصحف السويسرية الصادرة صباح السبت على الأوضاع في بيروت واتفقت على أنها حرجة للغاية، وستغير من المشهد السياسي في بلاد الأرز وتعيد توزيع خريطة القوى الداخلية، وانتقد بعضها قمة الناتو الأخيرة، بينما وصفت إحداها زيارة البابا إلى تركيا بالناجحة.


"
حزب الله سينجح في إقالة حكومة السنيورة إذا واصل احتجاجاته بنفس الأسلوب الذي بدأه منذ نهاية الحرب، وإن كان الأمر أشبه بمخاطرة سياسية قد تؤدي إلى مواجهة لا يعرف أحد تداعياتها
"
فيناريوس/بازلر تسايتونغ

تغيير ومخاطر
كتب توماس أفيناريوس في تعليقه على أحداث لبنان لصحيفة بازلر تسايتونغ المستقلة قائلا "إن حزب الله سينجح في إقالة حكومة السنيورة إذا واصل احتجاجاته بنفس الأسلوب الذي بدأه منذ نهاية الحرب، وإن كان الأمر أشبه بمخاطرة سياسية قد تؤدي إلى مواجهة لا يعرف أحد تداعياتها.

ووصف الكاتب جديد المشهد السياسي في لبنان بأنه مواجهة ولكن ليست بين مسيحيين ومسلمين، بل بين أنصار الغرب في لبنان من ناحية, وبين مؤيدي التيار السوري الإيراني، ورافضي التدخل الأميركي الفرنسي في شؤون البلاد من ناحية أخرى، وإن كانت كل هذه الأطراف ليست متفقة فيما بينها بشكل تام.

ويرى أفيناريوس أن مشكلة التوصل إلى حل تكمن في المؤثرات الخارجية التي تعرقل لقاء القوى السياسية الداخلية المؤثرة في البلاد، لأن الأحزاب السياسية لا تمثل اهتمامات لبنان الداخلية، وإنما اهتمامات القوى الخارجية التي تدعمها.

وقال إن هذا هو ما يجعل الوضع خطيرا للغاية، إذ أصبحت بيروت أسيرة مصالح واهتمامات دول أخرى.


بداية المواجهة
وفي الليبرالية تاغس أنتسايغر كتبت أستريد فريفل تحت عنوان "بداية المواجهة في بيروت"، "إنه لمن المثير أن يجتمع هذا الحشد المسيحي المؤيد لميشال عون مع الشيعة التابعين لحزب الله، في كبريات ساحات العاصمة اللبنانية، إذ إنهم رغم اختلاف وجهات النظر بينهما حول علاقات لبنان مع كل من سوريا وإيران، فإنهما يتفقان على ضرورة إقالة الحكومة المتشبثة بموقعها".

وتقول فريفل إن فشل الوساطات السياسية وعدم توصل الزعماء الدينيين إلى حل يقبل به جميع الأطراف هو بداية تحكيم الشارع، الذي تشير كل الدلائل إلى أن له قوة لا يستهان بها.

ولذا فهي تتوقع أن يحصل حزب الله على النصر السياسي الذي وعد به بعد النصر العسكري على إسرائيل، وبذلك سيتم توزيع الخريطة السياسية على أرض لبنان بشكل مختلف تماما عن ما كانت عليه من قبل، قد لا ترضى عن ذلك كافة الأطراف السياسية في بلاد الأرز، ولكنه واقع يجب على الجميع القبول به.

لعبة أوروبية غير محسوبة العواقب
نشرت الليبرالية تاغس أنتسايغر تحليلا لمستقبل العلاقة بين الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي، رأى فيه لوتشيانو فيراري أنها تمر بمغامرة يجب فيها على أوروبا أن تتقاسم مشكلات الحلف مع الولايات المتحدة.

ويضيف أن المحللين توقعوا نتائج أكثر إيجابية من اجتماع حلف شمال الأطلسي الأخير في لاتفيا، ولم يكن خافيا أن العالم يقف أمام مواجهة كبيرة وتحديات جسيمة مثل محاربة الإرهاب والتخلص من أسلحة الدمار الشامل، والبعد الجديد الذي اكتسبه الحلف بدخوله إلى افغانستان، إلا أن اجتماع الحلف خرج بدون أية خطوات عملية ملموسة.

ويعتقد فيراري أن لفرنسا دورا في عرقلة دور أقوى لأوروبا في الحلف، إذ ترى باريس أن المشكلات التي يواجهها العالم اليوم لا يمكن حلها بالمواجهات العسكرية فقط، وإذا كان هذا الموقف مريحا، فإنه محفوف بمخاطر جمة من بينها إضعاف هيبة الحلف إذا منيت جميع عملياته بالفشل.

ثم يستطرد قائلا إن التدخل العسكري في الصراعات الحساسة من أهداف حلف شمال الأطلسي، ولذا يجب أن يكون له دور في مراقبة الملف النووي الإيراني والصراع الفلسطيني الإسرائيلي ومساعي كوريا الشمالية لامتلاك القنبلة الذرية.

ويتوصل في ختام تحليله إلى أنه من الخطأ النظر إلى العالم اليوم على أنه يضم قوة واحدة فقط، فالصين تمثل قوة منافسة كبيرة للولايات المتحدة الأميركية، وهي حقيقة يجب التعامل معها بجدية، لأنها ستجعل الصورة الجيوسياسية العالمية غير مستقرة.


"
زيارة البابا لتركيا، رحلة حج بلا صليب، استطاع خلالها البابا أن يفاجئ الجميع بكلماته ليصحح من صورته أمام المسلمين، لاسيما عندما قال إنه ترك قلبه في تركيا، وشدد على أهمية الحوار لعبور الحواجز المختلفة بين الأديان
"
شتراوب/دير بوند

البابا ومواقفه المفاجئة
نشرت المحايدة دير بوند تحليلا للكاتب دومينيك شتراوب حول زيارة البابا بنديكت السادس عشر لتركيا، وصفها بأنها "رحلة حج بلا صليب"، استطاع خلالها البابا أن يفاجئ الجميع بكلماته ليصحح من صورته أمام المسلمين، لاسيما عندما قال إنه ترك قلبه في تركيا، وشدد على أهمية الحوار لعبور الحواجز المختلفة بين الأديان.

ويضيف الكاتب أن موقف البابا من التحاق تركيا بالاتحاد الأوروبي كان مفاجئا للجميع، وهذا التغيير من الرفض إلى التأييد يعكس مدى منهجية الفاتيكان في التعامل مع تلك المواقف الحساسة التي استكملها البابا بالتوجه في صلاته نحو مكة.

وبهذا يكون البابا حسب الكاتب, قد بدل من مواقفه تماما وغادر تركيا مخلفا وراءه صورة غير تلك التي كان عليها قبل سفره إليها.

كما يعتقد شتراوب أن التقارب بين الكنيستين الكاثوليكية والأرثوذكسة كان من أحد عوامل نجاح الزيارة "ليقوم الفاتيكان بخطوة تقارب مع المسلمين من ناحية ومع بقية المذاهب المسيحية في الشرق من ناحية أخرى".

وشدد البابا في الوقت نفسه على حرية اعتناق الأديان واحترام حقوق الأقليات الدينية في تركيا، ووضع الفاتيكان بذلك صورة إيجابية عن مرونته في التعامل مع الشرق الأوسط دخولا من البوابة التركية.

المصدر : الصحافة السويسرية