بأية حال عدت يا عيد!

تنوع اهتمام الصحف الخليجية في أول أيام العيد، فتنهدت إحداها كما تنهد المتنبي قبل ألف عام إشفاقا من الحال التي أدركه العيد عليها، وابتأست ثانية من تعامل أميركا مع العرب، بينما تفاءلت ثالثة بصدى وثيقة مكة، خائفة في نفس الوقت من عدم تأثيرها.
" هل يستطيع المسلمون في مشارق الأرض ومغاربها إقامة الاحتفالات ومظاهر البهجة بالعيد، بينما مصائرهم تدار وتقرر من خارج أوطانهم؟ " الشرق القطرية |
وأي عيد..?
الشرق القطرية خصصت رأيها اليومي للعيد هذه السنة، متسائلة هل يستطيع المسلمون في مشارق الأرض ومغاربها إقامة الاحتفالات ومظاهر البهجة بالعيد، بينما مصائرهم تدار وتقرر من خارج أوطانهم؟
وهل بإمكان المسلم في فلسطين أو العراق أو أفغانستان أو الشيشان أو كشمير، الاحتفال بالعيد وتقبل التهاني ونثر الفرح بين أفراد أسرته، مستنتجة أن الإجابة ربما تكون أكثر تشاؤما هذا العام منها في سابقه.
وعللت الصحيفة تشاؤمها بأن احتفالات العيد هذا العام جاءت متزامنة مع عدة تطورات مهمة وخطيرة ارتبطت بقضاياهم المصيرية في فلسطين والعراق والسودان وأفغانستان، حيث مازال السلام والأمن والاستقرار أمورا بعيدة المنال، بعد أن انتقلت ورقة محددات السلام وتقرير المصير من أيدي المسلمين إلى سوق البورصة والصفقات الدولية.
وذكرت الشرق بأن العيد يأتي مع بروز اتجاه عنصري جديد في بعض دول العالم، تجسد فيما يطلق عليه الإسلاموفوبيا، والجنوح نحو التشدد والتمييز الديني والعرقي، والتصادم مع المسلمين، كما هو في بريطانيا وفرنسا وإيطاليا.
وتوقفت الصحيفة في الأخير عند ما أقر به الرئيس الأميركي جورج بوش من وجود تشابه بين حرب فيتنام وحرب العراق من جهة نزف الدم الأميركي.
اختفاء الصوت العربي
قالت الرأي العام الكويتية إن الولايات المتحدة تتعامل مع العالم العربي بطريقة مختلفة عن الطريقة التي تتعامل بها مع كل دولة وإقليم في العالم.
ونبهت إلى أن واشنطن تسعى إلى الشراكة مع كل من كوريا الجنوبية والصين واليابان في علاجها للأزمة مع كوريا الشمالية والتفجير النووي، ولكن الأمر في تعاملها مع العالم العربي مختلف لأنها تنظر إليهم خارج أطر الشراكة.
وأشارت الرأي العام إلى أن هذا التمييز ناتج عن ضعف الاقتصاد العربي الذي يساويه مجتمعا الاقتصاد الكوري الجنوبي وحده.
لذلك تقول الصحيفة: فإن الولايات المتحدة في صراعها مع كوريا تفكر بنسبة كبيرة في علاقاتها الآسيوية قبل أن تقدم على أي خطوة، بينما تختلف الحسابات الأميركية تجاه الخطوات التي تمس العالم العربي وتؤثر عليه.
وفي الوقت نفسه، انتقدت الصحيفة الطريقة العربية في التعامل مع واشنطن، ورأت أن العالم العربي أصبح شريكاً رئيسياً في خطوات التهميش التي يتعرض إليها، لأن العرب قلما يبادرون في قضية جديدة، وقلما يهتمون بإيصال صوتهم إلى العالم، ونادراً ما يوظفون قدراتهم الاقتصادية الكبيرة في بناء مؤسسات إقليمية حديثة.
وختمت الرأي العام بأن العرب يعيشون حالاً من السلبية، والتردد والاقتناع بضعفهم وضعف مؤسساتهم، والعالم العربي أصبح يمثل أزمة دائمة وخوفاً دائماً وتفضيلاً للانزواء على المشاركة، في زمن الصراع بينه وبين الغرب.
" نجاح وثيقة مكة لا يعتمد على التصريحات المرحبة فقط، ولكنه يحتاج من جميع الأطراف إلى جهد يسمح لها بالتحول إلى واقع يلمسه العراقيون، لا سيما من دول الجوارالمتورطة في دعم قوى طائفية " الوطن السعودية |
وثيقة مكة والمطلوب بعد التوقيع
رأت الوطن السعودية فيما اعتبرته ترحيبا عربيا ودوليا بوثيقة مكة المكرمة لوقف الاقتتال الطائفي في العراق، تعزيزا للآمال في إمكانية نجاح هذه الوثيقة في تحقيق هدفها السامي.
وأشارت إلى أن ما يضاعف من هذا الأمل هو أن المراجع الشيعية، بما في ذلك تلك التي لم تمثل في حفل التوقيع، أيدتها، كما اعتبرتها جبهة التوافق العراقية خطوة مباركة.
وأضافت أن الجامعة العربية ومصر رحبتا بها، كما رحبت بها دول بالمنطقة بالإضافة إلى ترحيب واشنطن، موضحة أن لقاء مكة يعكس حرص الجميع على سلامة وأمن وحياة الشعب العراقي الشقيق وإدانة جميع أعمال العنف والإرهاب والدعوة إلى الطائفية.
ولكن الوطن أكدت أن نجاح الوثيقة، لا يعتمد على التصريحات المرحبة فقط، ولكنه يحتاج من جميع الأطراف إلى جهد يسمح لها بالتحول إلى واقع يلمسه العراقيون، مطالبة دول الجوار، لا سيما المتورطة في دعم قوى طائفية، أن تتوقف عن ذلك فورا.
وطالبت الإدارة الأمريكية بأن تصارح نفسها، وتعترف بأن وجود قواتها في العراق هو السبب الرئيس في جل ما حاق بشعبه من كوارث.
وفي نفس السياق ذهبت الخليج الإماراتية في افتتاحيتها تحت عنوان "وثيقة مكة حجر الزاوية" متسائلة هل يكفي أن يلتزم رجال الدين في العراق سُنة وشيعة بوثيقة مكة التي صدرت عنهم، ليتوقف شلال الدم العراقي؟
وقالت الصحيفة: إن ما يحدث في العراق لا يمكن إلا أن يفهم في سياق خطة تدمير العراق بشرا وحجرا وحضارة وتفتيت وحدته وإعادته إلى "العصر الحجري" وفق ما بشر به من سمتهم حاخامات البيت الأبيض ودعاة صراع الحضارات ومشعلو "الحروب الصليبية".