أحداث برلين مختلفة عن عنف باريس

تابعت الصحف الألمانية الصادرة اليوم الثلاثاء أعمال العنف بفرنسا وانتقالها إلى ألمانيا، وتناولت مواقف الشبيبة الأتراك سكان الأحياء الشعبية الفقيرة في برلين تجاه عنف باريس, وتطرقت لآراء سياسيين بالمقارنة بين تعامل الدولتين مع قضايا المهاجرين، ورأي خبير بارز بشؤون الأجانب عن دور الإسلام في حياة المهاجرين.
" ارتفاع معدلات البطالة بين المهاجرين وعدم حصولهم على فرص متساوية في التعليم والتدريب المهني قاسم مشترك بين العاصمتين الألمانية والفرنسية " زابينا فون أوبلين/برلينر تسايتونغ |
أحداث فيلم سينمائي
تحت عنوان أتراك برلين يرفضون العنف كتبت برلينر تسايتونغ: في أحياء نوي كولن وكرويتسبيرغ وودينغ البرلينية التي يمثل الأجانب أغلبية سكانها، لا يبدي المارة اهتماما يذكر بالعنف الدائر في الشوارع الفرنسية، والكثيرون منهم ليسوا على معرفة تامة بما يجري هناك، ومن يعرفون يرفضون الربط أو المقارنة بين الأحداث الباريسية والواقع البرليني.
ونقلت عن التلميذين التركيين إيركان ديدين ورسول كوكيش من حي ودينغ قولهما: إن الصور المتواصلة لإضرام المهاجرين النيران بالسيارات والبنايات بضواحي باريس تبدو لنا كأحداث فيلم سينمائي تجري في مكان بعيد ليس له علاقة بواقعنا المعيشي في برلين.
ورأيا ألا وجود لأي مبرر لوقوع أحداث مماثلة لما يجري بباريس في أحياء برلين، لعدم وجود ما يدفع الأتراك والأجانب في برلين للقيام بعمل كهذا.
وأكد التلميذ محمد حازمي واثنان من أصدقائه من حي نوي كولن للصحيفة على أن الشبيبة الأتراك في برلين يحصلون على كافة احتياجاتهم وما يريدون، وشددوا على أن الأجانب بألمانيا ضيوف ينبغي عليهم أن يحسنوا للدولة المضيفة لهم وليس العكس.
وذكرت الصحيفة أن أغلبية التلاميذ الأتراك عبروا عن رفضهم المطلق للعنف الذي يقوم به المهاجرون في الضواحي الفرنسية، وعدم تقبلهم لأي تبرير لهذه الحوادث واستبعادهم لانتشار عدوى العنف للساحة الألمانية.
وفي المقابل نسبت برلينر تسايتونغ لخبيرة العلوم السياسية بجامعة برلين الحرة زابينا فون أوبلين عدم تأييدها للرأي الذي يستبعد وقوع حوادث عنف من المهاجرين بألمانيا، وقالت إن الأوضاع الاجتماعية في برلين لم تستفحل لحد كارثي مثلما هو حادث بباريس لكن ارتفاع معدلات البطالة بين المهاجرين وعدم حصولهم على فرص متساوية في التعليم والتدريب المهني قاسم مشترك بين العاصمتين الألمانية والفرنسية.
ونقلت الصحيفة عن وزيرة تطوير أحياء برلين أينجيبيرغ راير أنها لا ترى أيضا أي وجه للمقارنة أو الشبه بين الأوضاع في برلين وباريس، بسبب الاختلاف الجذري في البنية التحتية والمرافق العامة بالعاصمتين.
حوار حضاري
من ناحيتها علقت صحيفة تاجس شبيغل على قيام مجهولين بإحراق خمس سيارات ليلا في برلين، ونقلت عن وزير الداخلية المحلي في برلين إيرهارد كورتينغ نفيه أن يكون هذا الحادث تقليدا لما يجري بفرنسا.
وأوضح كورتينغ أن ما جرى ليس المرة الأولى التي تحرق فيها سيارات في برلين، وانتقد تعليقات بعض السياسيين ورئيس الكنيسة البروتستانتية حول الحادث، وأشار إلى أن رؤساء الأجهزة الأمنية في برلين انتقدوا خلال اجتماعهم أمس مبالغة السياسيين في الربط بين ما يجري بباريس وما هو قائم ببرلين.
ودعا وزير داخلية برلين عبر الصحيفة السياسيين والأحزاب بالعاصمة الألمانية للمشاركة في حوار حضاري وثقافي موسع ومباشر مع المساجد والجمعيات الأجنبية، حول أوضاع ومشكلات المهاجرين.
وأعلن أن وزارته فعلت اندماج الأجانب بصورة عملية بتخصيصها 60 فرصة عمل بين200 فرصة، ستوفرها العام القادم للشباب ذوي الأصول الأجنبية ممن يتقنون أكثر من لغة.
الغيتو سبب العنف
وفي الشأن نفسه تناولت صحيفة دي فيلت العنف الدائر في فرنسا من وجهة نظر السياسيين الألمان، ونسبت للنائب الألماني ذي الأصل الفرنسي بالبرلمان الأوروبي دانيال جون بينديت تشديده على أن الأحياء المعزولة الخاصة بالأجانب والمعروفة باسم الغيتو، هي ظاهرة فرنسية لا وجود لمثلها على الأراضي الألمانية.
واعتبر بينديت أن شبكة الضمان الاجتماعي وفرص التعليم والتدريب المهني التي وفرتها ألمانيا للأجانب المقيمين فيها، تحول بشكل كبير دون تهميشهم وعزلهم ولجوئهم للعنف.
ومن جانبها رفضت مسؤولة ملف الإسلام بالحزب الاشتراكي الديمقراطي النائبة ليلى أكجون توصيف حوادث العنف الفرنسية كصراع بين الأديان والحضارات، ورأت أنها تمثل احتجاجات محرومين لم تتوفر لهم فرص العيش الإنساني والاجتماعي الكريم.
" أغلبية المهاجرين بفرنسا وفدوا من مستعمراتها السابقة ولم يجدوا أي عناية من المجتمع الفرنسي " ديتير أوبرندورفر/فرانكفورتر روند شاو |
دور الإسلام
أما فرانكفورتر روند شاو فقد عرضت رأي ديتير أوبرندورفر الخبير البارز بقضايا المهاجرين والذي استبعد أي إمكانية لانتقال أعمال العنف من فرنسا لألمانيا، بسبب اختلاف نوعية المهاجرين الموجودين بالبلدين والمجتمعات السكانية التي أقاموها فيهما.
وأوضح أن أغلبية المهاجرين بفرنسا وفدوا من مستعمراتها السابقة ولم يجدوا أي عناية من المجتمع الفرنسي، بينما يمثل الأتراك أكبر شريحة من المهاجرين الموجودين بألمانيا ويبدون استعدادا كبيرا للاندماج بالمجتمع عكس ما يفعل المغاربة بفرنسا الذين تحولت قضية اندماجهم بالمجتمع هناك لمشكلة متفاقمة تستعصي على الحل.
وأشار الباحث إلى أن جزءا من أتراك ألمانيا يظهرون تمسكهم والتزامهم بالإسلام، في حين يعتبر هذا الدين هو رمز لهوية القطاع الأكبر من المهاجرين بفرنسا.
ــــــــــ
مراسل الجزيرة نت