ما زالت الذكرى السنوية الرابعة لانتفاضة الأقصى تحتل مساحة واسعة في الصحف الفلسطينية الصادرة اليوم، وكانت الدعوة إلى المراجعة الذاتية الأبرز في مقالات كتاب الصحف الثلاث (الحياة والأيام والقدس)، فيما أكد النائب مروان البرغوثي من سجنه أن خيار المقاومة أجبر شارون على التفكير في الانسحاب دون أية التزامات فلسطينية.
" الانتفاضة الفلسطينية هي التي أجبرت رئيس الوزراء الإسرائيلي أرييل شارون على وضع خطة الانسحاب من قطاع غزة " مروان البرغوثي/الأيام
|
مواجهة السلبيات
فقد رأى الكاتب والمحلل السياسي عبد الله عواد في صحيفة
الأيام أن الأولوية الداخلية في ذكرى الانتفاضة هي مواجهة السلبيات حيث إن الفساد أصبح حالة عامة لم تعد مقتصرة على السلطة.
وأضاف تحت عنوان "سؤال إلى سيدي الشعب في ذكرى الانتفاضة" أن النظام السياسي أصبح نظاما عشائريا بكل المقاييس وقال: "هذا حالنا ليس بعد أربع سنوات وإنما بعد عشر سنوات. عشائر سياسية في مواجهة الاحتلال وغياب أية إستراتيجية وأي تكتيك وفرض الاجتهادات والإلهام وما شابه.. وداخليا جسد منخور بالفساد وصراع مراكز النفوذ وشعب تائه مغلوب على أمره لا يعرف ماذا يريد".
وتحت عنوان "يجب التصدي للأخطاء الثلاثة" ذكر الكاتب محمد ياغي ثلاثة أخطاء قال إنها قاتلة وإنها أبعدت الفلسطينيين عن هدفهم، مؤكدا أنه دون التصدي لهذه الأخطاء فإن الانتفاضة الفلسطينية الثانية لن يكتب لها النجاح.
وقال إن هذه الأخطاء هي: أولا تعدد مراكز قيادات الانتفاضة. وثانيا العجز عن رسم الحدود الفاصلة بين ما هو مشروع من وسائل النضال وبين ما هو غير مشروع. وثالثا ربط تنفيذ المبادرات الدولية بتنفيذ إسرائيل لها، معتبرا أن التصدي لهذه الأخطاء الثلاثة هو ضرورة لا يمكن التهرب منها.
وفي حديث لنفس الصحيفة أكد النائب المعتقل مروان البرغوثي أمين سر حركة فتح في الضفة الغربية أن الانتفاضة الفلسطينية هي التي أجبرت رئيس الوزراء الإسرائيلي أرييل شارون على وضع خطة الانسحاب من قطاع غزة.
وأضاف أن هذا النهج (المقاومة) يثبت بجلاء أن طريق الانتفاضة هي الأقصر لإنهاء هذا الاحتلال الوحشي، وبين أن حكام إسرائيل يعلمون أن الاحتلال تحول بعد أربع سنوات إلى جثة هامدة تفوح منها رائحة كريهة وأنه آن الأوان لتشييع جثمانها إلى مزبلة التاريخ.
" المهمة الملحة التي تواجه الشعب الفلسطيني في مستهل العام الخامس من انتفاضته المجيدة هي إضفاء الطابع الإنساني عليها " القدس
|
إعادة تقييم
من جهتها دعت صحيفة
القدس في افتتاحيتها إلى إعادة تقييم المسيرة النضالية الدامية التي تواصلت على مدى الأعوام الأربعة الماضية. وقالت تحت عنوان "الانتفاضة تدخل عامها الخامس" إن هذا التقييم ليس من حيث الأهداف الإستراتيجية التي لا جدال حولها ولا مجال لتعديلها أو تخفيض سقفها المنخفض أصلا وإنما للاتفاق على آليات ووسائل تحقيق هذه الأهداف بطريقة موضوعية تأخذ بعين الاعتبار الظروف المحلية والدولية ومواقف مختلف الجهات والأطراف الإقليمية والعالمية من القضية الفلسطينية والمطالب الوطنية العادلة للشعب الفلسطيني.
ورأت أن الهدف الإستراتيجي الذي يتوجب السير نحوه الآن هو إقناع العالم مجددا بأن الشعب الفلسطيني يسعى نحو سلام عادل يكفل له تحقيق تطلعاته المشروعة وليس معنيا على الإطلاق بقتل المدنيين من النساء والأطفال والشيوخ، مضيفة أن المهمة الملحة التي تواجه الشعب الفلسطيني في مستهل العام الخامس من انتفاضته المجيدة هي إضفاء الطابع الإنساني على انتفاضته وإعادة الانطباع الذي أخذه العالم عنها في شهورها الأولى.
الاختطاف
وفي صحيفة الحياة الجديدة انتقد الكاتب أحمد دحبور حالات الاختطاف خلال الانتفاضة. وأضاف تحت عنوان "اختطاف الانتفاضة": ليس أمرا مشجعا على التفاؤل أن نفتح أيدينا وآمالنا لاستقبال الذكرى الخامسة لانتفاضة الأقصى فنتلقى ضربة موجعة في سويداء القلب، وإلا فمن كان يظن أن الشعب الفلسطيني الذي كان يقف في كل مناسبة منددا بعمليات الاختطاف والابتزاز هو نفسه الذي أقدم نفر منه على اختطاف أرعن في عملية لم يجمع الفلسطينيون منذ سنوات على شيء مثل إجماعهم على رفضها وإدانتها.
" ينبغي الإقرار بأن الخطأ الفلسطيني، المتشعب إلى مائة خطأ وأكثر، هو اندفاعه إلى هذه الواجهة المفتوحة بدون برنامج للعمل السياسي " علي صادق/الحياة الجديدة
|
ورأى أن "أخطر ما في الانتفاضة أنها هتكت القناع المزيف عن العدو الدموي فكانت إنسانيتنا في وجه همجيتهم وبراءة أطفالنا في وجه قمعهم ووحشيتهم ومن يفتح شريط الذاكرة يذهل من حجم الخسائر التي تكبدها العدو حتى انحط به الدرك إلى أن يوصف بالكيان المارق، وعندما نقترف أي خطأ يمس الأخلاق أو المستوى الإنساني فإننا نكون قد وضعنا في يد العدو هدية تفوق الاحتمال".
وقد رأى الكاتب عدلي صادق في نفس الصحيفة وتحت عنوان "الانتفاضة وحكاية الخطأ" أنه ينبغي الإقرار بأن الخطأ الفلسطيني، المتشعب إلى مائة خطأ وأكثر، هو اندفاعه إلى هذه الواجهة المفتوحة، بدون برنامج للعمل السياسي الوطني، وللمقاومة.
وأضاف أن فعاليات الانتفاضة والمقاومة تأثرت سلبا بأحوال السلطة، وبأوضاع القوى الفصائلية. والخطأ ليس لفعل الانعتاق وفكرته ومنطلقاته، وإنما للسلطة وللقوى الفصائلية لأن الفوضى والارتجالية وغياب التنسيق.. وكل المظاهر التي يعاني منها المجتمع الفلسطيني ليست عيبا في الانتفاضة وإنما هي بسبب غياب برنامج العمل الوطني العام.