قمة ولو بأي ثمن

عكست الصحف اللبنانية الصادرة اليوم حالة الوجوم المسيطرة على قمة بيروت التي تغيب عنها نصف القادة العرب, وبات الإحباط يلف مناخاتها حتى أن البعض يرى ضرورة أن تخرج القمة ببعض القرارات ولو على حساب القضية المركزية أو الخلاف الكويتي العراقي, وتمكين الجامعة العربية من أن تصير مؤسسة فاعلة.

مناخ الإحباط


طوق الحصار الأميركي الإسرائيلي قد ضُرب على القمة ليفرض على المشاركين فيها أن يسيروا بخطى أضعفهم، وأن يقروا من التنازلات لاسيما في قضية فلسطين ما لم يكونوا ليجرؤوا على إقراره من قبل

السفير

وقالت صحيفة السفير إن مناخات محبطة أحاطت بقمة بيروت استولدتها الخلافات العربية المعلنة والمتجددة سواء حول الصراع العربي الإسرائيلي في طوره الراهن، حيث بات بعضهم يرى ضرورة الخروج منه بأي ثمن، ولو على حساب أصحاب القضية والكرامة القومية والعزة الوطنية، أو حول الخلاف الكويتي العراقي، أو حول تمكين الجامعة العربية من أن تصير مؤسسة فاعلة في توكيد تضامنهم حول أهدافهم ومصالحهم المشتركة.

وحول الضغوط الخارجية التي صاحبت القمة قالت الصحيفة "إن طوق الحصار الأميركي الإسرائيلي قد ضُرب عليها ليفرض على المشاركين فيها أن يسيروا بخطى أضعفهم، وأن يقروا من التنازلات لاسيما في قضية فلسطين ما لم يكونوا ليجرءوا على إقراره من قبل، متذرعين الآن بأحداث 11 سبتمبر/أيلول، وضرورة تبرئة الذات من تهمة الإرهاب".

وتطرقت الصحيفة لغياب عرفات وقالت "لقد تحول التغييب القسري لياسر عرفات عن هذه القمة سببا لحضور طاغ لفلسطين القضية، خصوصا أن انتفاضتها الباسلة قد أحاطت القمة بطوف من دماء شهدائها الأبرار الشهود على الإرهاب الإسرائيلي الذي اضطر حتى أصدقاء تل أبيب إلى استنكاره والتنصل من "رعاية" بطله رمز التطرف الصهيوني والعنصرية المعادية للإنسانية أرييل شارون.

وتضيف الصحيفة "مع هذا الحضور الطاغي لفلسطين القضية والشهادة والصمود تهاوت دعاوى التنازل والمساومة التي تريد أن تسترضي شارون"، لكنها تصل في النهاية إلى القول بأن فلسطين في بيروت… والصمود يستدعي الصمود، ويكسر الحصار، ويوفر للعرب أرضاً لكي يعلنوا حضورهم في غير الصورة التي أريد فرضها عليهم، بعد تفجيرات 11 سبتمبر/أيلول.

قمة تاريخية أم استهلاكية
وفي مقال نشرته السفير أيضا قال الكاتب المصري صلاح الدين حافظ تحت عنوان "أزمة الضمير العربي" يمكن للقمة العربية التي تجتمع اليوم في بيروت، أن تصبح قمة تاريخية بالمعنى الحرفي الدقيق، وليس بالمعنى الاستهلاكي… ويمكن ألا تكون.

وفسر الكاتب ذلك بقوله في الحالة الأولى هناك شروط يجب توافرها، أما في الحالة الثانية فلا تهم الشروط بعد ما أّدمنا أوضاعا عربية تعيسة، تجتمع من أجلها القمم وتنفضّ من دون عقد أو حلّ، برغم ضجيج الإعلام الرسمي وصخب الخطاب الدعائي.

ويستطرد الكاتب فيقول "يمكن أن يحدث ذلك لو شنت القمة العربية هجوما حاسما وقويا على السلام العادل والتسوية الشاملة، ليس من خلال بيانات عامة تعودنا سماعها أو كلمات فضفاضة أدمنا مضغها، لكن عبر تحديد أكثر للموقف العربي الجماعي إن أمكن أو للموقف العربي الغالب إن تعذر الإجماع يقول للعالم هذه هي مفاهيمنا للسلام العادل، وهذه هي شروطنا للتسوية الشاملة، وهذه هي مواقفنا من العدوان والعنف الإسرائيلي.

وبعد أن استعرض الكاتب الظروف التي أحاطت بالقمة العربية قال "نتمنى أن تستذكر القمة تجارب الحرب والسلام، من التجربة الفيتنامية خلال الحرب الطويلة ضد أميركا إلى التجربة الجنوب أفريقية ضد نظام الفصل العنصري، فإلى التجربة الجزائرية الأقرب إلينا، وكل هذه التجارب رفعت شعار: فاوض وقاوم".

وقال الكاتب في نهاية مقاله "الخلاصة إن للسلام ألف طريق وألف وسيلة، وإن المقاومة الصلبة والتضحيات الشجاعة، لا تتناقض مع التفاوض بل هي رافد رئيسي له".

قمة السلام


عندما يتحلق الزعماء العرب أو من يمثلهم حول الطاولة في فندق فينيسيا ستُظهر الصورة وطأة تغيّب نحو نصف هؤلاء الزعماء وفي مقدمهم الرئيس المصري حسني مبارك الذي أحدث الإعلان عن عدم حضوره صدمة واسعة

النهار

أما صحيفة النهار فقالت في عنوانها الرئيسي "بيروت تشهد تقرير مصير السلام في غياب نصف الزعماء العرب". وأجملت الصحيفة في استعراض ملابسات القمة العربية, وأبانت دعوتها للقادة العرب بتبني خيار السلام فقالت "بيروت اليوم وغداً قبلة أنظار العالم الذي يريد أن يسمع من العرب في قمتهم ماذا قرروا في شأن السلام مع إسرائيل في ضوء مبادرة ولي العهد السعودي الأمير عبدالله بن عبد العزيز".

وأضافت "عندما يتحلق الزعماء العرب أو من يمثلهم حول الطاولة في فندق فينيسيا ستُظهر الصورة وطأة تغيّب نحو نصف هؤلاء الزعماء وفي مقدمهم الرئيس المصري حسني مبارك الذي أحدث الإعلان عن عدم حضوره صدمة واسعة، وكذلك سيتغيب الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات إضافة إلى من سبقهما في الإعلان عن عدم المجيء لأعذار شتى".

غياب العاهل الأردني
أما صحيفة الأنوار والتي تمكنت من نشر خبر غياب العاهل الأردني فقالت في عنوانها الرئيسي "ملك الأردن يشارك مبارك في الغياب المفاجئ عن القمة وعرفات يبقى في رام الله رافضا التهديد والابتزاز الإسرائيلي" وأوضحت الصحيفة في التفاصيل أن مفاجأة القمة العربية مساء أمس، كانت قرار الرئيس المصري حسني مبارك بعدم المشاركة، وقرار العاهل الأردني الملك عبد الله أيضا عدم الحضور وفق ما علم من مصادر عربية ليل أمس. وما كان متوقعا بالنسبة للرئيس الفلسطيني عرفات، قد حصل إذ أعلن مع القيادة الفلسطينية عدم مشاركته أيضا في المؤتمر رفضا للابتزاز الإسرائيلي.


إن حضر عرفات القمة سيكون ذلك هزيمة لمخططات إسرائيل وإذا لم يحضر سيكون هذا تأكيدا على تعنت إسرائيل ومخالفتها لكل القوانين الدولية

أحمد ماهر-الأنوار

وسلطت الصحيفة الضوء على غياب الرئيس مبارك ونقلت عن وزير الخارجية المصري أحمد ماهر، أن الغياب يعود لاعتبارات داخلية أوجبت عدم مجيئه إلى بيروت للمشاركة في القمة.

وبشأن حضور عرفات قال ماهر "إن حضر عرفات هذه القمة سيكون ذلك هزيمة لمخططات إسرائيل وإذا لم يحضر سيكون هذا تأكيدا على تعنت إسرائيل ومخالفتها لكل القوانين الدولية". مضيفا "إن الرئيس مبارك يستنكر محاولات إسرائيل للابتزاز ووضع شروط مهينة لحضور عرفات وعلى أية حال فان فلسطين ممثلة بجميع الملوك والرؤساء العرب".

ونقلت الصحيفة عن المحلل الفلسطيني غسان الخطيب قوله إن "عرفات وجد نفسه بالفعل في موقف الفائز في جميع الأحوال فإذا أذعن شارون للضغوط الأميركية وسمح لعرفات بالذهاب برغم أنه لم يلب الشرط الإسرائيلي بتنفيذ هدنة، فإنه سيبدو ضعيفا ويقدم فوزا للرئيس الفلسطيني، وإذا لم يذهب عرفات سيكون الفوز من نصيبه أيضا لأن شعبه سينظر إليه بإيجابية، وشعبيته ستزيد لأنه سينظر إليه على أنه لا يدفع ثمنا سياسيا. وفي الحالتين سيكون راضيا".

المصدر : الصحافة اللبنانية