أميركا دخلت حربا طويلة


واشنطن – الجزيرة نت
عكست بعض مقالات وتعليقات الصحف الأميركية في معرض تناولها للحرب التي تشنها الولايات المتحدة على أفغانستان والسياسة الأميركية الخارجية، نوعا من الارتباك تعانيه هذه السياسة إزاء تلك الحرب التي يبدو أنها ستكون طويلة الأمد ضد عدو مربك.


بوش بشخصيتين
صحيفة نيويورك تايمز قالت في افتتاحية لها إن الولايات المتحدة تبدو وكأنها تحت حكم رئيسين مختلفين: جورج بوش الذي حافظ على وحدة البلاد عندما واجهت بعض المشاكل في الحرب مع أفغانستان، وجورج بوش الذي يدير السياسة الداخلية والذي يبدو شخصا آخر مختلفا تماما، إنه لا يبدو كزعيم بل كسياسي يركز على صغائر الأمور. وإذا كان على البلاد أن تقاتل الإرهاب داخل حدودها وتتغلب على الركود الاقتصادي، فإن على القائد الأعلى للقوات المسلحة أن يمسك بزمام الأمور داخليا أيضا.

وأشارت الصحيفة إلى أن الأميركيين يثقون في قيادة جورج بوش للسياسة الخارجية، لأن توجهه كان عادلا وغير حزبي، وقد ارتفع فوق الأيدولوجية التي قامت حملته الانتخابية عليها، وقد تجاهل الصقور في حزبه من الذين يطالبون بحرب أوسع نطاقا. ولكنه يتصرف في الجبهة الداخلية وكأنه غير قادر على تحمل نفور قادة جناح اليمين في الحزب الجمهوري ولا نفور أصحاب المصالح الكبرى والمصالح النفطية.


حرب مختلفة


إننا لا نقاتل بلدا أو مجموعة أقطار إن عدونا هو شبكة إرهاب عالمية يبدو أن قيادتها في أفغانستان ولها خلايا سرية منتشرة في العالم

شيكاغو تريبيون

وعن استمرار أمد الحرب الأميركية ضد أفغانستان قالت صحيفة شيكاغو تريبيون في تعليق بعنوان "ألم نحارب هذه المعركة من قبل؟" "بعد أن دخلت قواتنا أفغانستان ومع استمرار انتشار الأنثراكس عن طريق البريد، فما من شك بأننا قد دخلنا حربا طويلة الأمد ضد عدو مربك". وذكرت الصحيفة أن الحكومة الأميركية أكدت دوما في أقوالها وتصريحاتها أن هذه ستكون حربا من نوع مختلف وستكون وسائلها غير تقليدية.

وقالت الصحيفة "إننا لا نقاتل بلدا أو مجموعة أقطار، إن عدونا هو شبكة إرهاب عالمية يبدو أن قيادتها في أفغانستان ولها خلايا سرية منتشرة في العالم، إن هجوما واحدا أو عملية غزو بمفردها لن تستطيع هزيمة عدو كهذا".


معنى الإسلام
وبشأن الأوضاع الداخلية في المملكة العربية السعودية قالت صحيفة نيويورك تايمز في تقرير لها من الرياض إنه في الوقت الذي تواجه فيه العائلة السعودية المالكة صراعا داخليا حول معنى تعاليم الإسلام، فإنهم يفتقرون إلى رجال الدين الأكفاء القادرين على إسكات المعارضة.

وأضافت الصحيفة أنه منذ الحادي عشر من سبتمبر/ أيلول الماضي، تحاول العائلة السعودية التي تحكم تلك المملكة الصحراوية أن تظهر للعالم أن بلدها ليس مهدا للتطرف الذي يهدد الولايات المتحدة، وقد كانت السعودية دوما تؤيد طالبان، وكان أغلب خاطفي الطائرات من السعوديين.


نظرا لأن السعودية مجتمع مغلق يصعب التوصل إلى معرفة مدى الدعم الذي يتمتع به بن لادن، ومن جهة أخرى يبدو آل سعود غير واثقين من خطواتهم

نيويورك تايمز

واعتبرت الصحيفة أن المعركة حول مفاهيم الإسلام قد تقضي على نفوذ العائلة المالكة، وفي الماضي كان هناك فتوى أصدرها الراحل عبد العزيز بن باز حول جواز طلب المساعدة من الولايات المتحدة في الحرب ضد العراق. أما اليوم فلا تملك العائلة المالكة غطاء كهذا في القتال ضد الإرهاب في أفغانستان.

وقالت الصحيفة إنه نظرا لأن السعودية مجتمع مغلق يصعب التوصل إلى معرفة مدى الدعم الذي يتمتع به بن لادن. ومن جهة أخرى يبدو آل سعود غير واثقين من خطواتهم، ففي كلمة قالها مؤخرا وزير الداخلية الأمير نايف بن عبد العزيز شبّه مؤيدي بن لادن بالعضو المريض الذي يجب أن يتم بتره، ثم قام بعد ذلك بالتخفيف من أثر ذلك القول.


فرص التسوية


إذا استطاع بوش
قيادة تدخل دولي لفرض السلام في فلسطين ودون حدوث مشاكل أخرى فسيحصل بسهولة على أصوات اليهود في الانتخابات الرئاسية القادمة، أما إذا فشل فسيخسر الانتخابات

شيكاغو تريبيون

وتحدثت شيكاغو تريبيون أيضا عن فرص تسوية الصراع العربي الإسرائيلي، فقالت "هناك صلة معروفة بين الحرب التي يقوم بها الغرب ضد الإرهاب والحرب الدائرة بين الفلسطينيين والإسرائيليين، ومادامت الحرب الفلسطينية الإسرائيلية مهملة، فإن النفوذ الأميركي في العالم الإسلامي يتآكل. إن الجماهير الإسلامية ترى في النزاع الفلسطيني الإسرائيلي إثارة واستفزازا، وهو دافعهم إلى مقت الولايات المتحدة التي تدافع عن إسرائيل.

وقالت الصحيفة إن وزير خارجية إسرائيل السابق شلومو بن عامي طالب في مقال له في صحيفة الفاينانشال تايمز اللندنية بفرض حل دولي، وقال إنه دون ذلك "لن يكون هناك حل على الإطلاق". وقد تجنب بن عامي في مقاله القول بأن حكومة شارون غير قادرة على إعادة جميع الأراضي المحتلة للفلسطينيين حتى في حال مبادلة تلك الأراضي بالسلام، إن بناء المستوطنات في الأراضي الفلسطينية قد استمر منذ أوسلو وهو مستمر اليوم.

ورأت الصحيفة أن بن عامي يريد تدخلا دوليا تقوم على أمره الولايات المتحدة وتؤيده أوروبا وروسيا و"الدول العربية الرئيسية" لفرض مبادئ الحل، وألا يترك للفلسطينيين والإسرائيليين سوى تفاصيل التنفيذ.

وقالت الصحيفة إنه إذا استطاع الرئيس بوش قيادة تدخل دولي لفرض السلام في فلسطين ودون حدوث مشاكل أخرى، فسيحصل بسهولة على أصوات اليهود في الانتخابات الرئاسية القادمة. أما إذا فشل فسيخسر الانتخابات. واختتمت الصحيفة تعليقها بالقول "إنها مغامرة، ولكنها ذات أهمية تاريخية أكبر بكثير من الحرب ضد الإرهاب".


دعوة للقضاء على طالبان!
وقالت صحيفة واشنطن بوست في افتتاحيتها إن الحكومة الأميركية "كانت تقول قبل أسابيع إن خطيئة طالبان الكبرى هي أنهم يرفضون تسليم أسامة بن لادن، ثم بدأنا قصف أفغانستان من الجو، وتحول تركيزنا ضد طالبان، وما زلنا نريد بن لادن، ولكننا نريد طالبان أيضا".

وأضافت الصحيفة أنه "إذا عدنا إلى مئات التقارير الصحفية وإلى ما قبل أغسطس/ آب 1998 والهجوم على السفارتين الأميركيتين في كينيا وتنزانيا، لا نجد فيها أي ذكر لشكوك في طالبان بأنهم يقومون بتصدير الإرهاب. وقالت إن أسوأ ما قيل عن طالبان هو أنهم يقدمون الملجأ لبن لادن الذي نعتقد بأنه العقل الشرير وراء تفجير السفارتين والهجوم على مركز التجارة العالمي والبنتاغون.


ليس هناك في كل ما قلناه أو فعلناه ما يشير إلى أننا إذا قبضنا على بن لادن سنتوقف عن قصف أفغانستان التي حسب أقوال الحكومة لم يعد فيها أهداف تستحق القصف

واشنطن بوست

وأضافت قائلة "لكن الانطباع الذي أعطيناه الأسبوع الماضي هو أننا نريد القضاء على بن لادن كما نريد القضاء على طالبان، وليس هناك في كل ما قلناه أو فعلناه ما يشير إلى أننا إذا قبضنا على بن لادن سنتوقف عن قصف أفغانستان التي حسب أقوال الحكومة لم يعد فيها أهداف تستحق القصف.

وتساءلت الصحيفة: ماذا لو قبضنا على بن لادن وحكمت محكمة أميركية بعدم وجود دلائل كافية لتجريمه والحكم ضده؟ وقالت إنها لا تعتقد أن الولايات المتحدة تريد بن لادن "حيا أو ميتا" كما قال الرئيس، بل إننا نريده ميتا.

وأضافت أن الحكومة الأميركية تعلم كما نعلم نحن أن قصف أفغانستان هو لإعطاء الانطباع بأنها تقوم بشيء ما، رغم أنها لا تدري ما هو المطلوب القيام به، وإذا لم يكن الأمر كذلك فلماذا نقوم بقصف أفغانستان؟ وإذا كان طالبان هم العدو، فلماذا لا نقضي عليهم بأنفسنا؟

المصدر : الصحافة الأميركية