ألمانيا لا تستبعد المشاركة العسكرية
برلين – اعتدال سلامة
تناولت الصحف الألمانية الصادرة اليوم سعي المستشار الألماني شرودر لمشاركة الأميركيين في ردهم العسكري على الإرهاب بإرسال قوات وعدم الاكتفاء بالعون المالي, ومعارضة سياسيين له من حزب الخضر الشريك في الحكم, بالإضافة إلى اتهام شرودر لـ بن لادن بأنه وراء العمليات الإرهابية.
مشاركة عسكرية
فقد نقلت صحيفة زود دويتشه تسايتونغ ما قاله اليوم المستشار الألماني في مؤتمر نقابة المزارعين الألمان الذي عقد ببون أمس بأن حكومته ستقدم بدون حدود كل مساعدة للولايات المتحدة الأميركية, وهو لا يستبعد مشاركة فصائل من الجيش في أي رد عسكري تقوم به واشنطن ضد الإرهاب الدولي أينما كان.
” ألمانيا دفعت بدل مشاركتها العسكرية في حرب الخليج 17,6 مليار مارك إلى الولايات المتحدة وتريد الآن تسجيل خطوة في التاريخ تدل على مدى التزامها بالمسؤوليات وتحملها للواجبات الدولية من خلال مشاركتها العسكرية ”
|
وكان ذلك بمثابة رد على ما تردد بأن الإدارة الأميركية تريد فقط مساندة مالية من برلين. وذكر شرودر في هذا المقام بأن بلاده دفعت بدل مشاركتها العسكرية في حرب الخليج 17,6 مليار مارك إلى الولايات المتحدة وتريد الآن تسجيل خطوة في التاريخ تدل على مدى التزامها بالمسؤوليات وتحملها للواجبات الدولية واتخاذ مواقف حاسمة عند الضرورة.
وبرأي شرودر يجب رصّ الصف عندما يتعلق الأمر ببناء تحالف ضد الإرهاب الدولي يشمل البلدان الإسلامية أيضا خاصة وأن هناك دولا لن تتردد في الانضمام. وقال "لن تكبل العمليات الإرهابية التي حدثت في نيويورك وواشنطن أيدينا فهذا ما يستهدفه الإرهاب, ويريد نشر الخوف في قلوبنا ونزع الثقة بأنفسنا وتحطيم كل قواعدنا الاقتصادية والاجتماعية لكنه لم ولن ينجح في مسعاه".
وحسب ما ورد في الزود دويتشيه تسايتونغ أيضا شد الجناح اليساري البرلماني في الحزب الاشتراكي الديمقراطي الحاكم أزر شرودر, فهو يقوم بعمل جيد جدا عندما يعلن من جانب عن تضامنه الكامل مع الولايات المتحدة ومساندتها عسكريا ومن جانب آخر يحذر المغامرين السياسيين في الائتلاف الحاكم.
الخضر يعارضون
وحسب ما نقلته صحيفة برلينر تساتونغ فإن الجناح اليساري بقيادة النائب هانس كريستيان شتروبيله يرفض تماما إرسال برلين جنودا يشاركون في العمليات العسكرية الأميركية مهما كان نوعها. وبرأيه لا يجب الرد بنفس مستوى المتشددين الإسلاميين. ويسانده في الرأي عدد لا بأس به من الخضر من بينهم نائب رئيس البرلمان الاتحادي انتيي فولمر.
وكانت مجموعة شتروبيله قد صوتت أيضا ضد إرسال قوات عسكرية إلى إقليم مقدونيا عندما طرحت القضية على البرلمان الاتحادي في 23 من شهر سبتمبر/أيلول لذا هناك توجه لإدخال تغيير على الدستور كي تقر الحكومة مباشرة بنفسها كل الخطوات الحاسمة دون العودة إلى المجلس.
” يجب أن لا تصبح القوات المسلحة قوة بيد السلطة التنفيذية فقط بل إعطاء البرلمان الحق في تحديد كيفية استخدامها ”
|
ولقد سألت مجلة فوكوس الأسبوعية رأي شخصيتين سياسيتين في هذه القضية الأول كارل لامرز المتحدث باسم الجناح البرلماني للحزبين المسيحي الديمقراطي والمسيحي البافاري فقال بأن التعديل لا بد منه خاصة ما يتعلق بالسياسة الخارجية التي يجب أن يتوفر لها حيز لقدرة الحركة. فإرسال قوات إلى الخارج هو جزء منها لذا يجب أن يكون القرار بيد الحكومة, وهذا لا يعني منع البرلمان من ممارسة تأثير.
والسياسي الثاني كان المعارض شتروبيليه وعلل رفضه بالقول: "أوضحت الحرب العالمية الثانية بأنه ومع الحرب يصبح كيان الدولة والأمة مهددا, فالحروب والحروب الدفاعية تتطور بناء على منطق معين يجعل عملية حصرها أو إجراء حسابات لها أمر صعب. وعليه يجب أن لا تصبح القوات المسلحة قوة بيد السلطة التنفيذية فقط بل إعطاء البرلمان الحق في تحديد كيفية استخدامها.
شرودر يتهم بن لادن
” لا يكفي القيام بضربات عسكرية فقط بل علينا قطع كل الموارد التي تمول الإرهاب بهدف تجفيف منابعه, ورفع السرية المصرفية لأن بقاءها يعيق التحقيقات ضد الإرهابيين ” فرانكفورتر ألغماينيه تسايتونغ |
وخلال مقابلة مع صحيفة فرانكفورتر ألغماينيه تسايتونغ لم يتهم المستشار الألماني شرودر بشكل مباشر أسامة بن لادن بأنه وراء العمليات الإرهابية التي وقعت في الولايات المتحدة بل قال ردا على سؤال حول المعلومات الألمانية عن اتهام بن لادن "كل التحريات تؤكد بأنه وجماعته وراء ما حدث, لكن الأمر لا يتعلق هنا بالأشخاص بل بالشبكة الإرهابية التي بناها ومن يعمل معها ويدعمها. لذا لا يكفي القيام بضربات عسكرية فقط بل علينا قطع كل الموارد التي تمولها بهدف تجفيف المنابع للإرهاب, ورفع السرية المصرفية لأن بقاءها يعيق التحقيقات ضد الإرهابيين.
ورفض المستشار شرودر فلسفة الكاتب الأميركي هنتيغنتن التي وضعها في كتابه صراع الحضارات فبرأيه أن التعبير غير صالح أبدا والأمر لا يتعلق اليوم بصراع بين الحضارات بل من أجل الحضارات.
وفي هذا الصدد أبدى انزعاجا لما تفوه به رئيس الحكومة الإيطالية برليسكوني خلال زيارته إلى برلين الأسبوع الماضي بأن الحضارة الغربية تتفوق على الحضارة الإسلامية وقال "عندما يتعلق الأمر بمقارنة الحضارات ببعضها علينا التزام الحذر, فكل تصنيف من هذا النوع خاطئ. ويجب توسيع دائرة التحالف ضد الإرهاب وشمل الدول الإسلامية التي أعلنت عن تضامنها. وهذا غير ممكن إذا ما حول أحدهم النزاع ضد الإرهاب إلى نزاع ضد الإسلام.
رفض عربي رسمي
وفي تحليل لها قالت صحيفة دي فيلت "امتدح الرئيس بوش في الأسابيع الماضية استعداد العرب لمكافحة الإرهاب, لكنه لم يكن على حق فالأسبوع الماضي أعلنت العائلة المالكة في المملكة العربية السعودية وضع إحدى القواعد الجوية تحت تصرف الجيش الأميركي ليضرب قوات طالبان ثم عادت وسحبت قولها. حتى أن وزير دفاعها الأمير سلطان قال بأن هذه الخطوة غير منطقية ولن يسمح بضرب مسلم أوعربي انطلاقا من أراضي سعودية.
” لا القاهرة ولا الرياض تريد سماع إستراتيجية أميركية يجب الالتزام بها بدون شروط ”
|
وتضيف الصحيفة "من المحير أن يتبع ذلك فورا تعليق من صحيفة سعودية محلية وقد يكون بإيعاز من العائلة المالكة أكد بأن مقولة من لا يكون معنا فهو ضدنا خاطئة وتقود إلى التضليل. وهذا يعكس أمرا مهما الآن وهو أنه لا القاهرة ولا الرياض تريد سماع إستراتيجية أميركية يجب الالتزام بها بدون شروط" .
وتشير دي فيلت إلى أن "معظم القيادات العربية حاليا من مبارك وحتى الأسد وكذلك النظام في طهران تشدد على عدم مكافحة الإرهاب فقط بل والتعمق بأسبابه وعدم تجاهلها ويرون في السياسة الغربية ازدواجية في المعايير خاصة تجاه الفلسطينيين وسيرافق هذا الشعور وزير الخارجية الألمانية فيشر خلال زيارته الاثنين والثلاثاء إلى دمشق وبيروت".