قبل يوم من الاقتراع.. ما العوامل المرجحة للفوز في انتخابات مجلس الأمة الكويتي؟

حظوظ المرشحين تقاس بمدى حجم حواضنهم الاجتماعية
مراقبون كويتيون يرون أن حظوظ المرشحين للانتخابات البرلمانية تقاس بحجم حواضنهم الاجتماعية (الصحافة الكويتية)

يترقب الكويتيون بعد غد الخميس 29 سبتمبر/أيلول الجاري انتخابات مجلس الأمة الـ18 في تاريخ مسيرة برلمانية انطلقت مع بداية المجلس التأسيسي عام 1961.

ويتوقع أن تجيب هذه الانتخابات عن أسئلة عدة، منها: ما مدى تأثير نظام التصويت بالبطاقة المدنية لأول مرة في تاريخ انتخابات المجلس؟ وهل سينجم عن ذلك حضور وجوه جديدة، بمن في ذلك الوجوه النسائية التي غابت عن المجلس السابق؟ وهل قدم المرشحون ما يشفع لهم لإقناع الناخبين بالتصويت لهم، سواء من خلال برامجهم الانتخابية أو الوعود التي قطعوها في حملاتهم الانتخابية وندواتهم الجماهيرية؟

الحاضنة الاجتماعية

يعتقد المحلل السياسي فهد الحبيني أن أغلبية المرشحين لانتخابات مجلس الأمة المقبل لديهم أفكار لكنها ليست كافية بحد ذاتها لكي يصلوا من خلالها إلى المجلس، والسبب أن الاعتماد الكلي في عملية الذهاب إلى الترشح لمجلس الأمة يعتمد على الحاضنة الاجتماعية للمرشح، فهي المحيط الذي ينطلق من خلاله إلى العمل الانتخابي.

وقال الحبيني -في حديث للجزيرة نت- إن "الحاضنة الاجتماعية هي الأساس في بداية مشوار المرشح، لكن تبقى مسألة معيار التفاضل بين البرامج موجودة إلا أنها ليست أساسية، لذا نلاحظ اعتماد المرشح على حاضنته الاجتماعية، ثم على الأحداث التي قد تقع أثناء الانتخابات، والتي قد يكون لها تأثير في النتائج لكنها ليست ضمن برامج المرشحين".

وأضاف أن "الخطاب السامي الذي ألقاه سمو ولي العهد نيابة عن سمو الأمير في 22 يونيو/حزيران الماضي هو الذي رسم التوجه والخارطة للمرشحين وقد ركزوا عليها، وهي أن يكون للناخبين حسن الاختيار يوم الاقتراع، فيختار القوي الأمين الذي يخاف الله ويحب الوطن، لذلك ركز المرشحون في حملاتهم على هذه النقطة".

وتابع الحبيني "ولا ننسى أن صدور مرسوم ضرورة للتصويت بالبطاقة المدنية لأول مرة أربك حسابات جميع المرشحين، لأنه أدخل آلاف الناخبين في الجداول الانتخابية، وهذا أدى إلى نقل الآلاف من دوائرهم السابقة إلى دوائر أخرى أجبروا على الانتقال إليها بسبب أماكن سكنهم، وحتى هذه اللحظة لا تزال نسبة الحضور ونسبة النجاح الدنيا في كل دائرة غير واضحة".

وعود وتلاعب بالعواطف

بدوره، يرى المحلل السياسي عبد الرحيم حسين أنه "لا يوجد شيء اسمه برنامج انتخابي، لأنه ليست هناك أحزاب، لذلك من يمثلون الحركة الدستورية أو السلفية أو الشيعة ليست لديهم برامج واضحة، وما يلاحظه فقط هو وعود شعبوية تقدم لكسب أصوات الناخبين والتلاعب بعواطفهم".

وفي حديثه للجزيرة نت قال حسين "لاحظنا خلال هذه الفترة ارتفاع النبرة القبلية ووجود صراع قبلي غير مقبول في مثل هذه الأجواء، وعلى الحكماء التدخل لإيقاف الصراع بين أبناء القبيلة الواحدة، وفي هذه الانتخابات لم يكن للمرشحين أي دور في إنهاء معاملات الناخبين كما كان يحصل سابقا، وبالتالي تأثيرهم كان محدودا".

وأضاف أن "هذه الانتخابات ستُجرى بالبطاقة المدنية، وأعتقد أن الناخبين سيذهبون إلى الصناديق لينتقموا من النواب الذين خذلوهم في المجلس السابق فلم يحققوا ما وعدوا به، ومنهم من أضاعوا الكثير من عمر المجلس السابق بسبب الجدال بينهم، ومن ثم روحية الانتقام ستكون حاضرة في هذه الانتخابات، كما أنه لا أحد من النواب تكلم عن استجواب أو مشروع اقتصادي أو القضية الإسكانية أو الوضع الدولي أو الأوضاع الساخنة المحيطة بمنطقتنا".

وأشار حسين إلى أن مرسوم التصويت بالبطاقة المدنية لعب دورا كبيرا في إبعاد الكثير من الأشخاص عن مناطقهم الانتخابية السابقة "فمثلا في منطقة الجابرية كنا نرى أشخاصا لا نعرفهم يأتون إلى المنطقة أثناء الانتخابات من أجل التصويت فقط، وهؤلاء الآن لن يستطيعوا التصويت كما كان في السابق بفضل الحكومة التي قضت في عهدها الجديد على هذه المسألة، فالمرسوم أعاد كل شخص للانتخاب بحسب منطقة سكنه حسبما هو مدون في البطاقة المدنية، وهذا المرسوم كان مفاجئا وضربة موجعة لبعض النواب الذين كانوا في السابق ينقلون أصوات الناخبين إلى دوائرهم الانتخابية".

وأشار إلى أن هذه الانتخابات ستكون مفصلية، لأنها سوف تحدد مخرجات مرسوم التصويت الجديد، وستكون مفاجئة لكثير من الناس بسبب توزع الأصوات.

انتماء اجتماعي

من جانبها، أشارت المحامية أريج حمادة إلى أنه من المرجح أن ينحدر أغلبية الفائزين في انتخابات مجلس الأمة من القبائل والتيارات الإسلامية، لأنهم كانوا يمثلون الأغلبية في المجلس السابق وكذلك المعارضين للحكومة.

وأضافت حمادة للجزيرة نت "مع الأسف سياسة التصويت عادة تكون من أجل العائلة أو الصداقة أو الطائفة أو القبيلة دون الالتفات إلى البرامج الانتخابية للمرشحين، لذلك تراجع مستوى البرلمان الكويتي بسبب اتباع هذا النوع من السياسة في التصويت على الرغم من أن الناخب ذاته يطالب بضرورة التغيير، ومع ذلك يمنح صوته للمرشح ذاته".

الندوات قد لا تكون كافية لإقناع الناخب
عبد الرحيم حسين: لاحظنا خلال هذه الفترة ارتفاع النبرة القبلية (الصحافة الكويتية)

أما المرشحة السابقة لمجلس الأمة حنان السعيد فأوضحت أن العوامل المرجحة لفوز المرشحين في انتخابات مجلس الأمة هي التواصل الاجتماعي المستمر مع أبناء الدائرة، والسيرة الذاتية في البرلمان، فإذا كان مرشحا سابقا وقدم الخدمات للناخبين خلال فترة وجوده كعضو في مجلس الأمة تكون حظوظه أكبر، وكذلك المزاج العام للناخبين وتغير نظرتهم للمرشحين بالعموم، فالشباب تفكيرهم يختلف عن فئة كبار السن والمتقاعدين، وقد زادت حصتهم في المساحة الانتخابية.

وأشارت السعيد في حديثها للجزيرة نت إلى أن انتخابات مجلس الأمة في الكويت هي نتاج فرز اجتماعي لأنه ليست هناك برامج للمرشحين، وليست هناك أحزاب، ومن ثم "نحن نشترك في الانتخابات بالانتماء الاجتماعي، ومن الطبيعي أن يتأثر الناخب بهذه الانتماءات"، مؤكدة أن مرسوم التصويت بالبطاقة المدنية غيّر حسابات كثيرة، وسيكون له حتما تأثير، لكن لا أحد يستطيع أن يتكهن بقوة هذا التأثير ودرجته.

313 مرشحا في السباق الانتخابي

يذكر أن 313 مرشحا ومرشحة يتنافسون في السباق إلى مقاعد مجلس الأمة المقبل، فيما يبلغ عدد أصوات الناخبين في الدوائر الخمس ممن يحق لهم التوجه إلى صناديق الاقتراع للإدلاء بأصواتهم 795 ألفا و911 ناخبا وناخبة.

وكانت انتخابات مجلس الأمة السابق 2020 شهدت تنافس 326 مرشحا -منهم 29 مرشحة- على مقاعد البرلمان بمشاركة 380 ألفا و758 ناخبا في عملية الاقتراع، إذ أسفرت الانتخابات حينها عن نجاح 31 وجها جديدا، فيما احتفظ 19 نائبا من مجلس 2016 بمقاعدهم.

وقد حُل المجلس في الثاني من أغسطس/آب 2022 نتيجة عدم التعاون بين السلطتين التشريعية والتنفيذية في البلاد.

المصدر : الجزيرة