بعد نقل 7 آلاف لولايات ديمقراطية.. "شحن" المهاجرين سلاح جمهوري في مواجهة بايدن قبيل انتخابات نوفمبر

تتصاعد حملات نقل المهاجرين غير النظاميين مع اقتراب انتخابات التجديد النصفي للكونغرس في الثامن من نوفمبر/تشرين الثاني القادم. إذ تشهد 36 ولاية -منها ولايات جنوبية حدودية- منافسات ساخنة بين حكامها الجمهوريين ومرشحين ديمقراطيين.

مهاجرون علّقوا أحذيتهم لتجفيفها في طريقهم من المكسيك إلى ولاية تكساس جنوبي الولايات المتحدة (الأناضول)

واشنطن – دخلت قضية الهجرة في الولايات المتحدة منعطفا خطيرا ومثيرا بعد إقدام حكام ولايات جنوبية حدودية على إرسال عدة آلاف من المهاجرين غير النظاميين إلى مدن وولايات شمالية يسيطر عليها الديمقراطيون، في محاولة للضغط على إدارة الرئيس جو بايدن للنظر في قضية الهجرة.

وركّز الإعلام الأميركي على وصول طائرتين تقلان مهاجرين غير نظاميين إلى جزيرة مارثا فينيارد المجاورة لمدينة بوسطن بولاية ماساتشوستس، إضافة إلى وصول حافلتين نزل منهما المهاجرون أمام منزل كامالا هاريس نائبة الرئيس في واشنطن.

A state police officer keeps watch at a highway during the 12th Caravan of Migrants in Escobedo
شرطي أميركي يراقب الحدود مع المكسيك التي تشهد عبور المهاجرين غير النظاميين للولايات المتحدة (رويترز)

أزمة متضاعفة

وكان جريج آبوت حاكم ولاية تكساس قد تعهد بنقل المهاجرين من تكساس إلى مدن يحكمها ديمقراطيون في إطار معركة سياسية حول سياسات الهجرة لإدارة بايدن. وتم نقل أكثر من 7 آلاف مهاجر بالحافلات من تكساس وأريزونا إلى مدن شمالية منذ أبريل/نيسان الماضي للضغط على الرئيس الديمقراطي جو بايدن بشأن سياسات الحدود.

وتعرف الولايات المتحدة أزمة تتعلق بالهجرة غير النظامية تعاني منها بالأساس الولايات الحدودية مثل تكساس ونيو مكسيكو وكاليفورنيا وأريزونا، في الوقت الذي لم تتحرك فيه إدارة بايدن لمواجهة هذه الأزمة التي ضاعفت منها سياسات إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب المتشددة، وإغلاق الحدود لشهور طويلة بسبب أزمة كوفيد-19.

واعتبر الديمقراطيون أن ما يقوم به حكام الولايات الجمهورية غير إنساني وبمثابة عمليات خطف منظمة، في حين يعتقد الجمهوريون أن تجاهل إدارة بايدن هذه الأزمة، التي تمس ولاياتهم بالأساس، هي السبب وراء ما قاموا به.

هجرة متفاقمة

يرى مراقبون أن نظام الهجرة الأميركي في تركيبته الحالية فاشل ومحطّم بشكل لا يمكن إصلاحه بسهولة. وهناك تراكم في قضايا الهجرة أمام المحاكم يتخطى مليوني حالة.

في الوقت ذاته، يدخل الولايات المتحدة ما لا يقل عن مليون مهاجر غير نظامي كل عام، ينضمون لما يقرب من 11 مليونا آخرين يقيمون بالولايات المتحدة بصورة غير شرعية طبقا لبيانات مكتب التعداد القومي لعام 2020.

وتشير دراسة صادرة عن الكونغرس إلى عبور 1.7 مليون شخص الحدود خلال الأشهر الثمانية الأولى من السنة المالية لعام 2022 والتي بدأت في أكتوبر/تشرين الأول 2021، وتم القبض على أكثر من 1.5 مليون شخص.

وتشير الدراسة نفسها إلى عبور 235 ألف مهاجر غير نظامي الحدود الجنوبية خلال أبريل/نيسان الماضي، وحقق شهر مايو/أيار رقما قياسيا بعبور 239 ألف مهاجر غير نظامي، أي أن هناك نحو 7900 شخص عبروا الحدود بطرق غير نظامية يوميا خلال هذين الشهرين.

ويرى الجمهوريون أن الرئيس بايدن أوقف بناء الجدار الحدودي الذي قلّل من الدخول غير القانونية بنسبة 87%، كما أن إدارة بايدن مصممة على إنهاء "قانون 42″، الذي يعيد من يتم القبض عليه عند الحدود إلى المكسيك.

ويتهم الجمهوريون كذلك بايدن بإعادة تطبيق سياسة "القبض ثم الإفراج"، التي اتبعها أوباما وتسمح بالإفراج عن المهاجرين غير النظاميين بعد القبض عليهم.

Members of a construction crew using heavy machinery work on a new section of the bollard-type border wall in Sunland Park, New Mexico, U.S., as seen from the Mexican side of the border in Ciudad Juarez
مقطع من جدار أقامته الولايات المتحدة على حدود ولاية نيو مكسيكو لمنع دخول المهاجرين غير النظاميين (رويترز)

سلطة الولايات

عندما اتخذ الرئيس السابق دونالد ترامب إجراءات مشددة ضد المهاجرين غير النظاميين، رفضت العديد من المدن والولايات التي يسيطر عليها الديمقراطيون هذه الإجراءات، واعتبرت أراضيها "ملاذا آمنا" لهم.

وتوجد هذه الولايات والمدن بعيدا عن الحدود الجنوبية، ولا تتأثر مباشرة بفيضان المهاجرين غير النظاميين ممن يمرون يوميا على طول الحدود البرية مع المكسيك والبالغ طولها 3145 كيلومترا.

وتختص الحكومة الفدرالية بتنظيم سياسات الهجرة، ولا تملك الولايات صلاحيات وضع قوانين خاصة بها تمنع دخول المهاجرين، إذ تسيطر السلطة الفدرالية على حدود الدول التي هي أيضا حدود الولايات الجنوبية المجاورة للمكسيك، وهي تكساس ونيو مكسيكو وأريزونا وكاليفورنيا.

ويدعم حكام الولايات الجنوبية سياسات ترامب المتشددة كبناء جدار عازل أو قرار 42 الخاص بإعادة من يتم القبض عليهم إلى المكسيك حتى يتم البت في طلباتهم.

ويقود جريج آبوت حاكم ولاية تكساس ودوغ دوسي حاكم أريزونا، ويشاركهما رون دي سانتيس حاكم فلوريدا، حملة إرسال المهاجرين إلى مدن شمالية مثل شيكاغو ونيويورك وسياتل وواشنطن العاصمة وبوسطن.

وتقلق هذه الإجراءات المسؤولين في المدن الديمقراطية خاصة مع الضغط المتوقع على مدارس ومساكن ومستشفيات وموارد تلك المدن. ووفرت هذه المناطق حتى الآن آلاف الغرف الفندقية للوافدين الجدد، إضافة للرعاية الصحية والتعليم المدرسي للأطفال.

ويستقبل متطوعون الحافلات القادمة من تكساس، ويتم نقل المهاجرين إلى الكنائس المحلية في بعض الحالات أو إلى ملاجئ، وإجراء الفحوص الطبية لهم. لكن هناك مطالب بضرورة التوصل لحلول طويلة الأجل، خاصة مع اقتراب الأشهر الباردة، وتزايد المخاوف من أن المهاجرين قد ينتهي بهم الأمر إلى النوم في الشارع.

وقبل أكثر من عام، كلّف الرئيس بايدن نائبته كامالا هاريس بالإشراف على ملف الهجرة وإيجاد حلول جذرية لهذه الأزمة، وتلقت هاريس انتقادات واسعة من الجمهوريين وبعض الديمقراطيين على فشلها في التعامل مع هذه الأزمة حتى الآن.

انتخابات بعد أسابيع

وتشهد الولايات المتحدة انتخابات التجديد النصفي للكونغرس في الثامن من نوفمبر/تشرين الثاني القادم. ولا تقتصر هذه الانتخابات على أعضاء مجلسي النواب والشيوخ، بل تشمل أيضا انتخابات حكام الولايات، وتشهد 36 ولاية -منها ولايات جنوبية حدودية- منافسات ساخنة بين حكامها الجمهوريين ومرشحين ديمقراطيين.

ودفع ذلك بحاكم ولاية كاليفورنيا الديمقراطي جيفن نيوسوم لمهاجمة ما يقوم به حاكما ولايتي فلوريدا وتكساس، واعتبار أن ذلك يدخل في حسابات حملاتهما الانتخابية.

وغرّد نيوسوم قائلا إن "ما يفعله حاكما تكساس وفلوريدا ليس مقبولا ولا ذكيا، إنه شيء قاس. أطالب رسميا وزارة العدل ببدء تحقيق فوري في هذه الجهود اللا إنسانية لاستخدام الأطفال أسلحة سياسية".

ورد حاكم ولاية تكساس مهاجما مواقف إدارة بايدن السلبية من قضية الهجرة، وقال في تغريدة له "لم يكن لكامالا هاريس نائبة الرئيس أي تأثير على سياسات الحدود المفتوحة التي ساعدت في تنفيذها. ستواصل ولاية تكساس إرسال المهاجرين إلى مدن الملاذ الآمن مثل العاصمة واشنطن وغيرها حتى يقوم بايدن وهاريس بعملهما لتأمين الحدود".

وقال حاكم الولاية آبوت إن المدن الأخرى البعيدة عن الحدود يجب أن تتقاسم عبء استقبال المهاجرين. ويسعى آبوت للفوز بولاية ثالثة كحاكم لتكساس في انتخابات التجديد النصفي المقبلة، ويحاول تحفيز الناخبين الجمهوريين على اتخاذ إجراءات حاسمة بشأن الهجرة.

كما تدعم خطوة دي سانتيس حاكم ولاية فلوريدا من حظوظ فوزه، خاصة بعد نجاحه في إبراز قضية الهجرة غير النظامية والتي تعد قضية أساسية عند الناخبين الجمهوريين لارتباطها بالتغيرات الديمغرافية التي تزعجهم. وتنظر بعض الدوائر إلى حاكم فلوريدا كمرشح محتمل لانتخابات الرئاسة 2024 حال عدم ترشح ترامب.

المصدر : الجزيرة