يحتاج معجزة للنجاة.. أخطاء فادحة تلاحق جونسون وتدفع كبار وزرائه للاستقالة

UK voters take part in local elections
جونسون تعرض للعديد من النكسات السياسية في الفترة الأخيرة (رويترز)

لندن- لا أحد يتمنى أن يكون مكان رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون هذه الأيام، وهو يتلقى النكسات السياسية الواحدة تلو الأخرى، والتي تضع مصيره السياسي على المحك، وفي كل مرة ينجو بأعجوبة، لكن بخسائر ظاهرة أهمها تراجع شعبيته في الشارع البريطاني وداخل حزبه.

وفوجئ جونسون بوضع استقالتين على مكتبه من العيار الثقيل، الأولى لوزير الصحة ساجيد جافيد، والثانية لوزير الخزانة ريتشي سوناك، وكلتاهما تم الإعلان عنهما بشكل متزامن.

ولكلا الوزيرين المستقيلين مكانة داخل حزب المحافظين، وهو ما يزيد من حجم الضغط على بوريس جونسون، خصوصا أن الوزيرين عبّرا عن مواقف غاضبة لم يعبر عنها حتى أشد المعارضين لحكومة جونسون.

واتهم كل من سوناك وساجيد حكومة جونسون بأنها لا تشتغل من أجل مصلحة البلاد، وتفتقد للنزاهة والمسؤولية، ولا ترقى لتطلعات الشعب البريطاني. فما سبب كل هذا الغضب من وزيرين كبيرين في الحكومة البريطانية كانا حتى فترة قريبة من رجال جونسون المقربين؟

ولأن المصائب لا تأتي فرادى، فقد استقالت صباح اليوم الأربعاء 5 شخصيات مهمة في حكومة جونسون هم: الوزيرة في وزارة الداخلية البريطانية فيكتوريا اتكنز، والوزير في وزارة الخزانة جون غلين الذي قال في رسالة استقالته إن "البلاد تستحق الأفضل"، ووزير المدارس روبين واكر، والمساعدة الوزارية لوزارة الأعمال والطاقة فيليسيتي لوكان، إضافة إلى النائب عن حزب المحافظين روبرت هالفون.

الولاء مقابل التعيين

وجد بوريس جونسون نفسه مضطرا صباح أمس الثلاثاء للاعتذار من جديد للبريطانيين عن خطأ فادح آخر اقترفه، وهو تعيينه للنائب البرلماني كريس بينشر في منصب نائب مسؤول الانضباط في حزب المحافظين، وهو الذي يشرف على انضباط النواب في التصويت على القرارات وتأييد الحكومة في البرلمان.

وأظهرت تحقيقات صحفية تورط بينشر في فضائح أخلاقية منذ سنة 2017، وبعد أن تفاقمت التهم الموجهة إليه اضطر للاستقالة من مناصبه الحزبية والبرلمانية بداية هذا الشهر، لكن المعضلة هي إعلان جونسون في البداية أنه لم يكن يعلم بالتهم الموجهة للنائب البرلماني، قبل أن تظهر تحقيقات صحفية جديدة أن جونسون كان على علم بكل التهم الأخلاقية الموجهة لكريس بينشر ومع ذلك عيّنه في منصب مهم داخل حزب المحافظين.

حينها أسقط في يد بوريس جونسون الذي اعترف أنه قام بقرار خاطئ واعتذر للبريطانيين، إلا أن التصريحات السياسية والتسريبات قالت إن جونسون كان حريصا على تعيين كريس بينشر كنائب لزعيم حزب المحافظين بسبب ولائه المطلق لجونسون.

وكانت هذه النقطة التي أفاضت الكأس بين جونسون والوزيرين المستقيلين، فضلا عن الخلافات بين جونسون ووزير الخزانة المستقيل ريتشي سوناك حول الإستراتيجية الوطنية لمواجهة أزمة التضخم والغلاء في البلاد.

هل اقتربت النهاية؟

تتجه أغلب التقديرات السياسية البريطانية إلى أن بوريس جونسون ليس بالشخصية التي تستقيل بسبب استقالة وزيرين من حكومته.

وفي هذه الحالة فلن يكون أمام حزب المحافظين سوى إقالة بوريس جونسون، بعد المحاولة الفاشلة في يونيو/حزيران الماضي لسحب الثقة، والتي فشلت بعد حصوله على ثقة أقل من ثلثي نواب حزبه.

وكان جونسون يمنّي النفس بسقوط ورقة سحب الثقة، لأن قوانين الحزب تنص على أن هذه الآلية لا يتم تفعيلها إلا مرة في السنة، وبالتالي سيكون أمامه حتى الصيف المقبل، حينها سيدخل الحزب في التحضير للانتخابات البرلمانية العامة.

لكن الأخبار السيئة لا تأتي فرادى، فخلال الأسبوع المقبل سيشهد حزب المحافظين، إعادة انتخاب لجنة 1922 وهي اللجنة المعنية بتفعيل آلية سحب الثقة، ومن المتوقع أن من سيمسك اللجنة هذه المرة هم معارضو جونسون.

ولهذه اللجنة صلاحية تعديل القوانين، والدعوة لعملية سحب ثقة جديدة، حينها قد يجد بوريس جونسون صعوبة كبيرة في حشد الدعم، فخلال التصويت السابق، أنقذه فقط 32 صوتا من السقوط وهي الأصوات التي ربما قد تكون تحولت للمعسكر المؤيد لإزاحته من منصبه.

وهناك عقيدة سائدة داخل حزب المحافظين، وهي المصالح، فبوريس جونسون بنى مجده على أنه مهندس البريكست، وهو عراب الأغلبية التاريخية التي حصل عليها الحزب في انتخابات 2019، إلا أن كل هذه الأوراق بدأت تتآكل بداية من البريكست ومتاعبه التي لا تنتهي نهاية بتراجع شعبية الحزب وفقدانه لمقاعد كانت تدين بالولاء له لعقود طويلة.

وحيدا في مواجهة الجميع

ولا يكاد يمر أسبوع أو شهر دون أن تشهد الحكومة البريطانية وحزب المحافظين استقالة من العيار الثقيل، احتجاجا على سياسات بوريس جونسون أو على سلوكياته، بداية من فضائح تنظيم الحفلات في مقر رئاسة الوزراء خلال الإغلاق العام الذي كانت تشهده البلاد بسبب وباء كورونا، مرورا برغبته في تغيير المعايير التي تجبر المسؤولين على الاستقالة في حال اخترقوها، ثم مرحلة سحب الثقة التي نجا منها بأعجوبة، وصولا لتعيين مقربين منه في مناصب كبيرة رغم علمه بالتهم الأخلاقية الموجهة إليهم.

وحسب صحيفة "غارديان" فإن المزاج العام داخل حزب المحافظين قد انقلب وبشكل كبير ضد بوريس جونسون، بل يبدو أن هناك توجها عاما للتخلص من جونسون بعد أن بات في نظر نواب حزبه يشكل خطرا على مستقبل الحزب.

وحاليا لم يعد أي من كبار القادة في حزب المحافظين يعبرون عن تأييدهم لبوريس جونسون، باستثناء بعض وزراء حكومته الذين يرون أن رحيل جونسون يعني رحيلهم أيضا وتواريهم عن المشهد للأبد، بعد أن رفعهم بوريس جونسون لمناصب ربما لم يتوقعوا الوصول إليها.

المصدر : الجزيرة