ما دلالة تحريك روسيا أخطر غواصاتها النووية؟ خبراء عسكريون يجيبون الجزيرة نت

روسيا كانت كشفت عن قيام أخطر غواصاتها البحرية بمهام تدريب قتالية (غيتي)

لندن– أثار تحريك روسيا أكبر غواصة نووية لديها -التي تدعى "ديمتري دونسكوي"- في تدريبات عسكرية قتالية في البحر كثيرا من التكهنات حول الرسالة التي تريد موسكو إيصالها للغرب بعد إخراج أخطر أسلحتها النووية.

وزاد من حجم التوجس العالمي تصريحات وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، الذي قال إن "أهداف بلاده العسكرية لم تعد تركز فقط على شرقي أوكرانيا، بل تشمل أيضا سلسلة من الأراضي الأخرى"، مضيفا أن العمليات العسكرية الروسية ستتوسع أكثر إذا قدم الغرب أسلحة بعيدة المدى لكييف.

هذه الرسائل الواضحة من موسكو رد عليها الغرب، بتقديم المزيد من الدعم العسكري للجيش الأوكراني، وخصوصا الولايات المتحدة وبريطانيا، اللتين أعلنتا حزمة جديدة من المساعدات العسكرية تتمثل في صواريخ ودبابات ومنظومات دفاع جوي.

وهو ما يطرح السؤال عن إمكانية دخول الحرب في أوكرانيا مرحلة جديدة تتوسع فيها العمليات، وتقترب فيها المواجهة المباشرة بين أوروبا وروسيا.

الجزيرة نت حاورت اثنين من الخبراء العسكريين البريطانيين بشأن مصير هذه الحرب، وهل يقف العالم أمام حرب طويلة الأمد؟ وهل تمتد لتطال مناطق أخرى وتقترب أكثر من حدود الاتحاد الأوروبي؟

هدف بعيد المدى

يصف شاشانك جوشي -محرر الشؤون الدفاعية والعسكرية لمجلة "إيكونوميست" (The Economist) البريطانية- التهديدات الروسية بتوسيع عملياتها العسكرية بأنها "غير واقعية"، وحسب جوشي يكمن السبب في "الخسائر التي يتكبدها الجيش الروسي"، إضافة إلى أن "موسكو حاليا تجد صعوبة في تعويض كل خسائرها البشرية في هذه الحرب".

ويرى الخبير العسكري البريطاني -في تصريحه للجزيرة نت- أنه "من المستحيل أن تقوم روسيا بتغيير خططها العسكرية والذهاب أبعد من الشرق، ومن المستحيل أن يكون لديها أي طموح للذهاب أبعد في ظل الظروف الحالية والمعارك الجارية في الشرق"، بل إن روسيا "قد تغامر بخسارة الأراضي التي سيطرت عليها في الشرق إذا قررت فتح أي جبهة جديدة".

ويقرأ شاشانك جوشي تصريحات وزير الخارجية الروسي على أنها "تعبر عن رؤية روسية بعيدة المدى، ذلك أن الهدف العسكري الإستراتيجي لروسيا في أوكرانيا هو هدف كبير جدا، وهذا يعني الإطاحة بحكومة كييف والسيطرة على كل البلاد"، وإن كان الجيش الروسي غير قادر على ذلك الآن "فموسكو ستقوم بإعادة بناء جيشها والقيام بعمليات أخرى ربما قد تطول لسنوات".

حرب طويلة

وأضاف الخبير العسكري أن "ما تسميه روسيا عملية عسكرية قد تتحول إلى حرب طويلة المدى، وهناك احتمال كبير أن الأمر سيمتد إلى العام المقبل، وبمحاولة موسكو السيطرة على كامل دونباس سوف تتقدم بشكل بطيء جدا وستكون مكلفة جدا، خصوصا أن أوكرانيا تحضر لعمليات عسكرية مضادة في الشرق".

مشيرا إلى أن "كلا الطرفين يعانيان من خسائر كبيرة، ولهما نقاط ضعف وكلاهما يرى أنه ما زال قادرا على ربح هذه المعركة، ولا أحد منهما يريد التوقف عن القتال فالرئيس بوتين لن يشعر بالأمان ما لم يسيطر على كل دونباس كما أن أوكرانيا لن توقف العمليات، وهي تخشى أن تمتد العلميات الروسية أبعد من الشرق".

وعن موعد انطلاق العمليات العسكرية المضادة للجيش الأوكراني، يتوقع المحرر العسكري في مجلة إيكونومسيت أن تنطلق "بمجرد وصول الأسلحة الجديدة من الغرب إلى كييف، وكذلك استكمال تدريب الجيش الأوكراني على هذه المعدات".

ويتوقع جوشي أن "المعارك المقبلة سوف تكون معارك ضارية وعنيفة جدا، والنصر فيها لن يكون فقط مرتبطا بالعتاد ونوعية الأسلحة، ولكن يكون مرتبطا بقدرة كل طرف على الصمود والتمتع بالنفس الطويل".

الحوار النووي

وعن تحريك الغواصة النووية الأكبر لدى روسيا، يرى جوشي أن "هذا إجراء اعتيادي، ولا علاقة له بالحرب في أوكرانيا، فالبرنامج النووي الروسي يتطور منذ سنوات وموسكو تستثمر ميزانيات ضخمة من أجل تصنيع أسلحة نووية متطورة بما فيها الصواريخ النووية العابرة للقارات".

وأضاف أن "روسيا -منذ أول أيام الحرب- تحاول استعراض ترسانتها النووية، لإبقاء الغرب بعيدا عن التدخل المباشر".

في المقابل يرى جورج أليسون -محرر مجلة "الدفاع البريطانية" (UK Defense)- في حديثه مع الجزيرة نت أن "إخراج روسيا لأكبر سفنها النووية محاولة استعراض للقوة".

وأشار الخبير العسكري البريطاني إلى حادثة تعقب سفينة حربية بريطانية لغواصتين نوويتين روسيتين في بحر الشمال يوم 22 يوليو/تموز الجاري.

وأضاف أن تحريك روسيا أخطر غواصاتها النووية "هو رسالة للغرب، مفادها أن روسيا ما زالت قوية على الأقل في ما يتعلق بالغواصات النووية".

المواجهة المباشرة؟

وعن احتمال المواجهة المباشرة بين الغرب وروسيا يرى الخبير العسكري أليسون أن "روسيا غير قادرة حاليا على أي مواجهة مباشرة مع الغرب ولا تسعى إليها، كما أن عملياتها شرق روسيا تظهر كلفة أي عمل عسكري"، مضيفا أن "المكان الذي تفضل فيه روسيا المواجهة المباشرة مع الغرب هو الحرب الإلكترونية".

في المقابل، يرى جوشي أن "الغرب أيضا لا يريد أي مواجهة مباشرة مع روسيا، ولهذا نرى أن الولايات المتحدة حذرة في الأسلحة التي تقدمها لأوكرانيا، حيث ترفض واشنطن حتى الآن تسليم الجيش الأوكراني صواريخ بعيدة المدى".

المصدر : الجزيرة