خبراء إيرانيون يجيبون.. لماذا لم تحرز مفاوضات الدوحة تقدّما في سبيل إحياء الاتفاق النووي؟

كبير المفاوضين الإيرانيين علي باقري (يمين) رفقة المنسق الأوروبي إنريكي مورا خلال جولة مفاوضات الدوحة (مواقع التواصل)

بعد أن تزايدت الآمال مجددا بشأن قرب التوصل إلى تسوية لإحياء الاتفاق النووي الإيراني، انتهت أمس الأربعاء المفاوضات غير المباشرة بين إيران والولايات المتحدة التي استمرت على مدى يومين في الدوحة دون إحراز تقدم. ويرجع محللون إيرانيون هذه النتيجة إلى عدم مراعاة كل جانب مصالح الطرف الآخر، فضلا عن طرح قضايا لا علاقة لها بملف الاتفاق النووي.

وبالرغم من التفاؤل الذي ساد الإعلام الإيراني خلال الأيام الماضية، فإن نتيجة مفاوضات الدوحة بين الجانبين الأميركي والإيراني جاءت متطابقة تقريبا لما تنبأت به طائفة من المحللين الإيرانيين، إذ حذّر هؤلاء قبل انطلاق جولة التفاوض من الذهاب بعيدا في التفاؤل بشأن نتيجة المفاوضات.

وكانت مفاوضات الدوحة قد عقدت في أحد فنادق العاصمة بمبادرة من الاتحاد الأوروبي، سعيا للخروج من المأزق الذي آلت إليه جولات محادثات فيينا، والتي عقدت على مدى 11 شهرا وتوقفت في مارس/آذار الماضي.

ضمانات اقتصادية

يرى الباحث في الشؤون الدولية حنيف غفاري عدمَ التجاوب الأميركي مع الضمانات الاقتصادية التي تطالب بها طهران "سببا رئيسيا وراء فشل مفاوضات الدوحة في حلحلة القضايا الخلافية بين الجانبين"، مضيفا أن العقوبات الأميركية أرهقت الاقتصاد الإيراني خلال الأعوام الماضية، وأن طهران تريد الانتفاع من إحياء الاتفاق النووي والنهوض باقتصادها.

وأوضح غفاري -في تصريح للجزيرة نت- أن بلاده تطالب بوضوح بضمانات أميركية لعدم معاقبتها الشركات الأجنبية التي تريد الاستثمار داخل إيران حتى عام 2026، مضيفا أن واشنطن أصرّت حتى الدقائق الأخيرة من المفاوضات غير المباشرة في الدوحة على عدم تضمينها المصالح الإيرانية.

ويرى الباحث الإيراني أن أطراف المفاوضات النووية قد قطعوا شوطا كبيرا حتى الآن في حلحلة جميع الأبعاد والقضايا الحقوقية والتقنية لإحياء الاتفاق النووي، إلا أن الطرف الأميركي قد امتنع عن طرح رؤية واضحة في الدوحة على المقترح الإيراني الأخير بغية استفادة طهران من المزايا الاقتصادي للاتفاق المبرم عام 2015.

تضارب المصالح

ويعتقد أستاذ العلاقات الدولية في جامعة الشهيد بهشتي علي بيكدلي أن الجانبين الإيراني والأميركي لم يأخذا ظروف الطرف المقابل بعين الاعتبار في تناولهما القضايا الخلافية، موضحا أن ما تطالب به طهران لضمان مصالحها الاقتصادية لم يعد من صلاحيات الإدارة الأميركية، وأنه بإمكان أي حكومة جديدة الانسحاب من مثل هذه الاتفاقات.

كما لم تأخذ الإدارة الأميركية التطور الإيراني في التقنية النووية بعين الاعتبار في مفاوضاتها غير المباشرة مع طهران، وفق بيكدلي الذي يرى أن طهران وواشنطن على وشك تفويت الفرصة السانحة أمامها حلحلة القضايا الخلافية، رغم حاجتهما لإحياء الاتفاق النووي.

وخلص بيكدلي -في حديث للجزيرة نت- إلى أن إقحام الجانبين الإيراني والأميركي ملفات لا علاقة لها بالاتفاق النووي، مثل سياسة إيران الإقليمية، وشطب اسم الحرس الثوري من قائمة الإرهاب، كان سببا آخر وراء انهيار المفاوضات حتى الآن، مشددا على أن القضايا الخلافية  بين طهران وواشنطن معقدة جدا، إلا أنها قابلة للحل في حال توفر الإرادة السياسية لدى الجانبين.

أستاذ العلاقات الدولية الإيراني علي بيكدلي خلص إلى أن إقحام الجانبين الإيراني والأميركي ملفات لا علاقة لها بالاتفاق النووي، مثل سياسة إيران الإقليمية، وشطب اسم الحرس الثوري من قائمة الإرهاب، كان سببا آخر وراء انهيار المفاوضات حتى الآن.

طريقة التفاوض

وتذهب شريحة من الإيرانيين إلى ضرورة التفاوض المباشر بين إيران والولايات المتحدة لحلحلة الخلافات المتجذرة، وترى في عدم جلوسهما مباشرة إلى طاولة المفاوضات سببا وراء انهيار الجولات السابقة من المفاوضات الرامية لإحياء اتفاق 2015.

من ناحية أخرى، يرى البرلماني السابق والسياسي البارز علي مطهري أن تقليل الأطراف الوسيطة في مفاوضات الدوحة "مؤشر على ظهور العقلانية في نظام الجمهورية الإسلامية"، وحث بلاده على التفاوض مباشرة مع واشنطن لحلحلة القضايا الخلافية بينهما.

وكتب مطهري في تغريدة له على تويتر "لم تبق سوى خطوة واحدة للمفاوضات المباشرة مع الولايات المتحدة لاستيفاء حقوقنا منها، دون الحاجة إلى أخذ المصالح الروسية والصينية والأوروبية بعين الاعتبار. هذا ما كان ينبغي فعله قبل سنوات، لكن إطلاق الشعارات والتشدد في مقارعة أميركا حال دون ذلك".

إدارة الخلافات

وعلى صعيد متصل، يتهم الباحث في الشؤون الأميركية أمير علي أبو الفتح الولايات المتحدة بعدم الرغبة في العودة للاتفاق النووي، مضيفا أن واشنطن تريد اتفاقا شاملا مع طهران لاحتواء برنامج صواريخها الباليستية وسياساتها الإقليمية، وهذا ما تعتبره الجمهورية الإسلامية خطا أحمر، على حد قوله.

وأوضح أبو الفتح -للجزيرة نت- أن بعض حلفاء طهران وواشنطن لا يرغبون بإحياء الاتفاق النووي وحل الخلافات بينهما، فضلا عن أن بعض الملفات الشائكة بين الطرفين قد تستعصي على الحل، واقترح أن تركز الوساطات جهودها على إدارة الخلافات، بدلا من حلها.

المصدر : الجزيرة